شهدت ميانمار مقتل 6700 شخص، في أقل تقدير، من أبناء الأقلية المسلمة الروهينغا، خلال شهر واحد منذ اندلاع حملة «التطهير العرقي» ضدهم في الصيف الماضي، منهم 1200 طفل تقل أعمارهم عن الخمس سنوات. الحملة، أطلقها جيش ميانمار وميليشيات بوذية في ولاية راخين وأجبرت مئات الآلاف على الفرار إلى بنغلاديش المجاورة، كما جاء أمس الخميس في آخر تقرير أممي لمنظمة تعنى بانتهاكات حقوق الإنسان. وكشف تحقيق منظمة «أطباء بلا حدود» عن أن 69 في المائة من القتلى سقطوا بالرصاص، وسقط تسعة في المائة عندما أحرقوا أحياء في بيوتهم بينما قتل خمسة في المائة نتيجة الضرب المبرح. أما الأطفال، فقد سقط ستون في المائة منهم بالرصاص.
وأعلنت المنظمة أن الضحايا قتلوا، وفق أكثر التقديرات تحفظا، خلال الشهر الأول من الحملة العسكرية في غرب ميانمار، أي بين 25 أغسطس (آب) و25 سبتمبر (أيلول) الماضيين. وتوصلت المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، إلى هذه التقديرات بناء على مسح للوفيات أجري في مخيمات لاجئين منتقاة في منطقة كوكس بازار جنوب شرقي بنغلاديش.
وزار المحققون مخيمات للاجئين في بنغلاديش أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وقالوا استنادا إلى مقابلات إن العدد الإجمالي للقتلى غير معروف لكن «قد يكون كبيرا جدا».
تقديرات «أطباء بلا حدود»، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، تزيد على ما أعلنه مسؤولو جيش ميانمار، الذين قالوا في أوائل سبتمبر إن حصيلة القتلى في «عملية التصفية» هو أقل من 400 من بينهم 12 ضابطا. وتدعي ميانمار، التي لا تعترف بالأقلية المسلمة ولا تمنحهم أي حقوق مدنية وترفض تسميتهم الروهينغا وتطلق عليهم اسم «البنغاليين»، أنها أطلقت حملتها العسكرية بعد أن قام مقاتلون من «جيش راخين» بمهاجمة مراكز شرطة. إلا أن التقارير الدولية المستقلة تسخر من هذه الادعاءات «المفبركة»، وأن ما قام به الجيش مدعوما من ميليشيات بوذية كان مثالا على «نموذج التطهير العرقي».
وقال مدير الشؤون الطبية في المنظمة، الدكتور سيدني وونغ، في بيان أمس الخميس، كما تناقلته وكالات الأنباء المختلفة، إن «تقدير أعداد القتلى على الأرجح هو أقل من الحقيقة». وقال وونغ إن «عمليات المسح لم تحسب العائلات التي لم تخرج من ميانمار»، مضيفا أنه لم يتم مسح جميع المخيمات في بنغلاديش. وأوضحت «أطباء بلا حدود» أنها تحدثت إلى لاجئين في بنغلاديش التي فر إليها أكثر من 640 ألفا من الروهينغا منذ نهاية أغسطس هربا مما تعتبره الأمم المتحدة حملة «تطهير عرقي».
وقال المحلل السياسي المستقل ريتشارد هورسي المقيم في رانغون، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن تقديرات منظمة أطباء بلا حدود «تثير الصدمة، وستؤدي بشكل حتمي إلى تجدد التركيز الدولي على مسألة المحاسبة». ومنعت السلطات لجنة دولية لتقصي الحقائق من دخول منطقة النزاع في شمال ولاية راخين. وقبل اندلاع الأزمة الأخيرة كانت بنغلاديش تستضيف مئات آلاف الروهينغا الذين فروا من موجات اضطهاد سابقة.
وقال محمد زبير، أستاذ من الروهينغا ومسؤول محلي لاجئ في بنغلاديش منذ 25 عاما لوكالة الصحافة الفرنسية: «أعتقد أن أرقام منظمة أطباء بلا حدود أقل من الحقيقة». وأضاف: «كل أسرة من الروهينغا تقريبا لديها كثير من الأفراد الذين قتلوا في أعمال العنف. عندما فر الناس من قراهم في راخين، شاهدوا جثثا على الطرق وفي المنازل». في وقت سابق هذا الشهر قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين، إن إجراءات القمع العسكرية تحمل «مؤشرات على إبادة».
قالت منظمة أطباء بلا حدود إن ارتفاع عدد القتلى يتزامن مع بدء «عمليات تنظيف» من جانب الجيش وميليشيات محلية وتظهر أن «الروهينغا كانوا مستهدفين». ولم تعلق حكومة بورما على التقرير. لكنها دائما ما نفت حصول انتهاكات في راخين.
وصرح وونغ بأن المنظمة أجرت ستة تحقيقات شملت أكثر من 2434 عائلة في مخيمات الروهينغا. وقال: «التقينا ناجين من العنف في ميانمار (الاسم الآخر لبورما) الذين يقيمون حاليا في مخيمات مكتظة وتفتقد إلى الشروط الصحية في بنغلاديش». وأضاف أن «ما اكتشفناه مروع سواء في عدد الذين تحدثوا عن مقتل أحد أفراد العائلة نتيجة للعنف أو الطرق المروعة التي قيل إنهم قتلوا أو أصيبوا بجروح خطيرة فيها». وتابع: «سمعنا أشخاصا يروون أن عائلات بأكملها قتلت بعدما سجنها الجيش في بيوتها وأضرم النار فيها».
وأشار التقرير إلى تعرض الضحايا للحرق والضرب والاغتصاب وغيرها من الأعمال الوحشية التي ارتكبت بحق أقلية الروهينغا المسلمة. وشمل المسح 608 آلاف و108 أشخاص من بينهم 503698 شخصا فروا من ميانمار بعد بداية موجة العنف الأخيرة في 25 أغسطس. وأجرت المنظمة ستة تحقيقات شملت أكثر من 11426 شخصا في مخيمات الروهينغا خلال الشهر الأول من اندلاع الأزمة.
ووصفت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الإجراءات الصارمة التي اتخذها الجيش في ميانمار بأنها تطهير عرقي، كما اتهمت منظمات حقوقية جيش ميانمار بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وتقول مجموعات حقوق الإنسان إن إجراءات القمع تعد ذروة سنوات من الاضطهاد والتمييز ضد المسلمين في بورما ذات الغالبية البوذية، حيث هم محرومون من الجنسية وينظر إليهم كدخلاء. واستمر تدفق المسلمين الروهينغا إلى بنغلاديش رغم أن البلدين قد وقعا اتفاقا الشهر الماضي لإعادة اللاجئين. وقال وونغ: «لا يزال الأشخاص يفرون حاليا من ميانمار إلى بنغلاديش، ولا يزال من يتمكنون من عبور الحدود يبلغون عن تعرضهم للعنف خلال الأسابيع الأخيرة».
الحرق والرمي بالرصاص والضرب المبرح... وسائل قتلت آلاف الروهينغا
الحرق والرمي بالرصاص والضرب المبرح... وسائل قتلت آلاف الروهينغا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة