تأزم علاقة {القوات} ـ {المستقبل}... والحريري يتراجع عن «بق البحصة»

زهرا لـ «الشرق الأوسط»: لا ندين لأحد بأي تفسير أو اعتذار

رئيس الحكومة سعد الحريري ....رئيس {القوات} سمير جعجع
رئيس الحكومة سعد الحريري ....رئيس {القوات} سمير جعجع
TT

تأزم علاقة {القوات} ـ {المستقبل}... والحريري يتراجع عن «بق البحصة»

رئيس الحكومة سعد الحريري ....رئيس {القوات} سمير جعجع
رئيس الحكومة سعد الحريري ....رئيس {القوات} سمير جعجع

احتدم السجال المباشر بين تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» بعد فترة من الأخذ والرد عبر قنوات خلفية وعن طريق مصادر غير معلنة. وتدهورت العلاقة بين الطرفين بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته وما تلاها من اتهامات لـ«القوات» بالوقوف في غير صفه. وما ساهم في تنامي الخلاف إعلان الحريري مطلع الأسبوع الحالي أن «هناك أحزابا سياسية حاولت أن تجد مكانا لها في هذه الأزمة من خلال الطعن بالظهر»، متوعدا بـ«تسمية الأشياء بأسمائها وببق البحصة»، التي وصفها بـ«الكبيرة»، قبل أن يعود ويتراجع معلنا تأجيل مقابلته التلفزيونية.
لكن ما لم يقله الحريري، قاله الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري، أمس، متحدثا عن «علامات استفهام كبيرة مع (القوات اللبنانية) بشأن الأداء الحكومي». قائلا: «نحن بحاجة للأجوبة».
وقد أثار موقف أحمد الحريري استياء عارما لدى «القوات» انعكس سجالا بين مسؤولين وقياديين في الحزبين كما بين المناصرين على شبكات التواصل الاجتماعي. وشدد النائب في حزب «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا، على أن كلام أحمد الحريري مرفوض تماما، لافتا إلى أنه «من المعيب توجيه الملاحظات أو حتى الأسئلة حول أداء القوات». وقال زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا ندين بتفسير أو بأي اعتذار لأحد، ونحن مسؤولون فقط أمام الشعب اللبناني»، متحدثا عن «إجماع وطني رسمي وشعبي حول الأداء المميز والشفاف لوزراء القوات، ما يجعلهم يَسألون ولا يُسألون». وأضاف: «هل التمسك بتطبيق الدستور والأنظمة والحرص على الشفافية أمور يتوجب شرحها؟».
وردا على سؤال عما إذا كانت الجرة قد انكسرت بين «القوات» و«المستقبل»، قال زهرا: «هذا الموضوع برسم الرئيس الحريري وليس أي شخص آخر، باعتبار أننا نبني على ما يقوله هو شخصيا». وأضاف: «نحن والمستقبل نلتقي في السياسة حول مشروع واحد منذ ما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبالتالي استمرار الرفقة السياسية مع المستقبل منوطة بتمسك الرئيس الحريري بالثوابت الوطنية التي قامت عليها مسيرتنا سويا».
وفيما فضّل عدد من نواب «المستقبل» التريث في التعليق على الموضوع والدخول بسجال بشأن العلاقة مع «القوات»، مشددين على وجوب ترك الكلمة في هذا الملف للرئيس الحريري. قال مصدر نيابي في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الغيوم تتلبد أكثر فأكثر بين الطرفين، لكن الكلمة بالنهاية للرئيس الحريري وهو وحده الذي سيكشف حجم البحصة وفحواها».
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة، غسان حاصباني، أنه «ليس لدى (القوات) أي معطيات عن (بحصة) الحريري»، وقال: «نحن نعول على الرشد السياسي لأجل الاستقرار». وعن العلاقة مع «تيار المستقبل»، أكد حاصباني في حديث إذاعي أن «هناك من حاول إحداث شرخ وهناك محاولات سابقة حاولت أن تجر (تيار المستقبل) إلى مكان آخر، وحتى اليوم هناك تساؤلات لدى جمهور (المستقبل): أين أصبحت مبادئ الحرية والسيادة وأين نحن ذاهبون؟ واليوم من حق القوات أن تسأل لماذا هذه الهجمة من مصادر مقربة من الحريري عليها، وما هدفها؟» وأضاف: «كما نريد أن نعرف ما الهدف من الهجوم على (القوات)؟ هل هو لتحييد الأنظار عن النأي بالنفس؟».
من جهته، رفع رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور من سقف السجال، فقال في تصريح له إن «كلام أحمد الحريري عن القوات غير مقبول على الإطلاق، ولا يحق له إطلاقا رمي الاتهامات جزافا لارتباطات معينة أو لحرف النقاش السياسي». وأضاف: «على حد علمي لم يطلب الحكيم (جعجع) أي موعد من الرئيس الحريري، ومن قال إن الحكيم يريد رؤية الشيخ سعد؟».
وسارع المنسق العام لهيئة الشؤون الإعلامية في «تيار المستقبل» عبد السلام موسى، للرد على جبور فقال: «يبدو أنّه قرأ تصريحات الأمين العام لـ(تيار المستقبل) أحمد الحريري بالمقلوب، وهو لم ير أي إيجابية بقوله إن كلام الرئيس سعد الحريري عن الطعن بالظهر، لا يقصد (القوات) ولا الدكتور سمير جعجع، وإن (تيار المستقبل) يعمل على قاعدة التوافق السياسي وليس على قاعدة الاشتباك السياسي مع (القوات) أو غيرها». وأضاف موسى: «أما إذا كان السيد جبور قد استثارته مطالبة الأمين العام أحمد الحريري بتوضيحات عن المرحلة الماضية، فإن هذه الاستثارة لا تراعي ترشيد العلاقات إذا كانت تحتاج إلى ترشيد، ولا التأكيد عليها إذا كانت المرحلة تتطلب مثل هذا التأكيد». وختم قائلا: «وفي سائر الأحوال، سنعتبر ردة فعل السيد جبور كأنها لم تكن، لأن العلاقة مع القوات أوضح وأعمق من أن تعالج بالصراخ».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.