العراق يلاحق «داعش» إعلامياً وفكرياً... بعد انتصاره عليه عسكرياً

السفير البريطاني لدى العراق جون ويلكس خلال مشاركته ببغداد أمس في مؤتمر مكافحة «داعش» إعلامياً وفكرياً (رويترز)
السفير البريطاني لدى العراق جون ويلكس خلال مشاركته ببغداد أمس في مؤتمر مكافحة «داعش» إعلامياً وفكرياً (رويترز)
TT

العراق يلاحق «داعش» إعلامياً وفكرياً... بعد انتصاره عليه عسكرياً

السفير البريطاني لدى العراق جون ويلكس خلال مشاركته ببغداد أمس في مؤتمر مكافحة «داعش» إعلامياً وفكرياً (رويترز)
السفير البريطاني لدى العراق جون ويلكس خلال مشاركته ببغداد أمس في مؤتمر مكافحة «داعش» إعلامياً وفكرياً (رويترز)

بعد أقل من أسبوع على إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي القضاء على تنظيم داعش عسكرياً في العراق وبدء الاحتفالات الجماهيرية بذلك، انطلقت في بغداد أمس الأربعاء فعاليات «المؤتمر الدولي الثالث لمكافحة (إعلام داعش وفكره)». ويستمر المؤتمر يومين بمشاركة أكثر من 120 خبيراً ومستشاراً دولياً يمثلون أكثر من 42 دولة. ويتضمن المؤتمر 10 جلسات نقاشية تختص بعمليات المعلومات وكيفية مكافحة نشاطات «داعش» في بيئة المعلومات و«الفضاء السيبراني» واستثمار الانتصار العراقي لتعزيز السلم والأمن الدوليين.
وتضمنت فعاليات اليوم الأول جلسة افتتاحية حضرها عدد من كبار المسؤولين والقادة العسكريين، بالإضافة إلى أكاديميين في مجالات مختلفة. واستعرض نائب مستشار الأمن الوطني في العراق صفاء الشيخ، في كلمة له، طبيعة العمليات العسكرية التي شنتها القوات العراقية ضد «داعش» منذ بدء المعارك أواخر عام 2014 وحتى إعلان النصر النهائي الأحد الماضي. ودعا الشيخ في كلمته إلى مزيد من التعاون الدولي وتعزيز العمليات المعلوماتية وتكثيف الجهود العلمية لمكافحة دعاية «داعش» وفكره.
من جهته، أكد الناطق باسم المؤتمر الدكتور حيدر العبودي في تصريح إلى «الشرق الأوسط» على «الأهمية القصوى لمثل هذا المؤتمر في مثل هذا الظرف؛ حيث لم يعد (داعش) يمثّل خطراً عسكرياً وشيكاً، لكنه لا يزال يمثل خطراً فكرياً وإعلامياً، وهو ما يتطلب استمرار مواجهته باتباع الطرق والأساليب العلمية والعملية معاً». وأضاف العبودي أن «واقع المشاركة الواسعة، خصوصاً من قبل السفارتين الأميركية والبريطانية والتحالف الدولي، في هذا المؤتمر، إنما يمثل بحد ذاته دعماً للعراق في المجالات المختلفة التي يحتاجها الآن لمواجهة (داعش) مستقبلاً على المستوى الفكري والدعائي». وأوضح أن «جلسات اليوم الأول استهلها الأكاديمي والصحافي العالمي بيتر بيرغن الذي قدم إيجازاً عن رؤية الإعلام العالمي لتجربة العراق الإعلامية والنفسية في معالجة خطاب وفكر (داعش)»، مبينا أن «الجلسات النقاشية تضمنت محاور خمسة تتعلق بعمليات المعلومات وكيفية مكافحة النشاطات الإعلامية والدعائية لـ(داعش)، لا سيما في الفضاء الإلكتروني واستثمار النصر العراقي في تعزيز السلم والأمن الدوليين».
وقال القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد جوي هود في كلمة أثناء المؤتمر، إن بلاده وبمشاركة التحالف الدولي مستمرة في تقديم الدعم للعراق. وأشار إلى أن بلاده دمرت كثيرا من مصادر التمويل التي استخدمها الإرهابيون، و«قتل الطيران الأميركي من خلال ضرباته الجوية أغلبية الإعلاميين الذي عملوا مع (داعش) ودمرنا مؤسساتهم ولن نتوقف عن ذلك». وكشف عن عمل قامت به الولايات المتحدة مع «شركات التواصل الاجتماعي لغلق آلاف الصفحات الترويجية للإرهابيين». لكن جوي لفت إلى أن «مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط بها التطرف لا تمثل التهديد الوحيد للشباب». وتمنى على المؤتمرين أن تتضمن مناقشاتهم تسليط الضوء على «الأطفال الذين ارتادوا المدارس وتمت تغذيتهم بأفكار الكراهية في فترة وجود (داعش) في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين في السنوات الثلاث الأخيرة».
من جهته، قدم اللواء الركن عادل عباس المحمدي، أثناء المؤتمر، إيجازاً للعمليات العسكرية والتكتيكات الحربية التي قامت بها القوات العراقية في حربها ضد «داعش» على امتداد السنوات الثلاث الماضية، إضافة إلى حديثه عن العدد الإجمالي للنازحين وما تبقى منهم في معسكرات الإيواء والنزوح، حيث كشف المحمدي عن بقاء نحو 335 ألف مواطن في مخيمات الإيواء والنزوح لحد الآن، منهم 56 ألفاً من محافظة نينوى، ونحو 16 ألفاً من الأنبار، و9 آلاف من صلاح الدين، وأكثر من 14 ألف نازح في معسكرات للنزوح في بغداد.
إلى ذلك، أكد نقيب الصحافيين العراقيين رئيس اتحاد الصحافيين العرب مؤيد اللامي أن «نقابة الصحافيين، وبالتعاون مع جهات داخلية وخارجية إعلامية وأكاديمية، ستعمل على وأد الفكر المتطرف الذي أنتج (داعش) ومكنه من احتلال محافظات عراقية عدة، وما تركه ذلك من آثار تدميرية ليس على مستوى البنية التحتية (فقط)؛ بل على مستوى الفكر والخطاب، وهو من وجهة نظرنا أخطر من التخريب في المدن». وأضاف اللامي أن «تنظيم داعش توغل خلال 3 سنوات من احتلاله المحافظات الغربية بين السكان وأنشأ مدارس، وهيمن على المساجد، وطبع كتباً ومناهج وأدار الأمور هناك طوال هذه السنوات، وهو ما يعني أنه ترك بشكل أو بآخر تأثيرات على أنماط معينة من المجتمع هناك، لا سيما فئة الشباب والنساء تقريبا والأطفال»، لافتاً إلى أن «هذه الفئات هي الأخطر في المجتمع وهي التي تحتاج إلى معالجة أكثر من سواها». وقال: «لكي نكون عمليين في هذا السياق، فإننا سنعمل على إعداد فرق عمل بحثية أكاديمية متعددة الاختصاصات وسنأخذ عينات من مواطني هذه المناطق ونقيس مدى التأثير الذي أحدثه فيها، لكي نتمكن من تحديد البدائل الصحيحة عند إعطاء العلاجات اللازمة».
وأكد أن «مخرجات هذا المؤتمر وسواه من الندوات والحلقات الدراسية ستتحول إلى ورشات عمل منتجة في نقابة الصحافيين وبالتعاون مع الاختصاصيين والأكاديميين، بالإضافة إلى استعانتا بعدد كبير من الصحافيين العراقيين من أبناء تلك المناطق لكي يكون لدينا دليل عمل واضح في مواجهة هذا الفكر وقطع الطريق أمامه في إمكانية إحداث أي تأثير مستقبلي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».