«نواب صنعاء» يتلقون وعوداً حوثية بـ«العفو» مقابل «التبعية»

نائب رئيس «البرلمان» وقيادي «مؤتمري» يفلتان من قبضة الميليشيات

TT

«نواب صنعاء» يتلقون وعوداً حوثية بـ«العفو» مقابل «التبعية»

نجح أمس قياديان كبيران في حزب «المؤتمر الشعبي العام» في الفرار من صنعاء خوفاً من بطش ميليشيات الحوثي، فيما أجبرت الجماعة نواب البرلمان الموجودين في مناطق سيطرتها ومعظمهم من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح على عقد جلسة للبرلمان لجهة اتخاذ مواقف تؤيد طي صفحة حليفها السابق، وتعلن الولاء لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وأفادت مصادر في حزب «المؤتمر» بأن نائب رئيس البرلمان القيادي في الحزب أكرم عطية نجح في الفرار من قبضة الحوثيين في صنعاء، ووصل إلى مدينة عدن أمس للالتحاق بقيادات الحزب الموالية للحكومة الشرعية.
وينتمي أكرم عطية إلى مدينة زبيد التابعة لمحافظة الحديدة الساحلية وهو ممثلها في البرلمان، ويعد من قادة الحزب البارزين، ومقربا من صالح، كما سبق له العمل قبل سنوات محافظا للحديدة. كما أفادت مصادر قبلية وحزبية أخرى بأن القيادي في حزب «المؤتمر» الشيخ قاسم الكسادي نجح هو الآخر في الإفلات من قبضة الميليشيات، ووصل إلى مسقط رأسه في مديرية الزاهر في محافظة البيضاء، معلناً براءته من الحوثيين، وانضمامه إلى المقاومة القبلية التي يقودها مشايخ آل حميقان ضد الوجود الحوثي.
وقبل أيام من اندلاع المواجهات الأخيرة في صنعاء بين ميليشيات الحوثيين وأنصار الرئيس السابق، كان حزب المؤتمر الموالي لصالح قرر ترشيح الكسادي نائبا لرئيس مجلس حكم الانقلابيين صالح الصماد خلفاً لسلفه قاسم لبوزة الذي كان يعاني من تهميش الجماعة له وعدم منحه أي صلاحيات توافق منصبه.
ونجح ناشطون موالون لصالح مطلوبون للميليشيات في الأيام الماضية في مغادرة صنعاء إلى عدن، كما نجح قياديون في الحزب في الفرار إلى مسقط رأسهم في محافظة مأرب، بينهم وزير نفط حكومة الانقلاب بن معيلي.
ويرجح مراقبون أن قادة آخرين في حزب صالح ونواباً في البرلمان ومسؤولين في حكومة الانقلاب ما زالوا يتحينون الفرصة للإفلات من قبضة الحوثيين، إما لسبب خوفهم من بطش الجماعة، أو لرفضهم المبدئي الاستمرار في الحلف الانقلابي بعد قيام الميليشيات بقتل صالح والتنكيل بالمئات من أعضاء وقيادات الحزب.
في غضون ذلك، أجبرت الميليشيات الحوثية أمس أعضاء مجلس النواب الموجودين في مناطق سيطرتهم برئاسة يحيى الراعي، وهو قيادي في حزب «المؤتمر»، على عقد جلسة للبرلمان حضرها العشرات من النواب ممن رضخوا لأمر الحضور لكن دون اكتمال «النصاب القانوني». وكشفت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» أن الجلسة خصصت لمناقشة الأوامر والوعود الترغيبية والترهيبية التي كان طرحها الحوثيون بواسطة رئيس مجلس حكم الانقلاب صالح الصماد على رئيس البرلمان الراعي قبل يومين. وبحسب المصادر التي حضرت الجلسة، فقد سمحت الجماعة الحوثية للنواب بقراءة الفاتحة على روح الرئيس السابق صالح ومن قتل معه برصاص الحوثيين.
وأفادت بأن الراعي كشف للنواب أنه تلقى وعودا من الجماعة الحوثية في شأن دفن جثمان صالح وإصدار «عفو عام» عن أنصاره وإحالة بعضهم للقضاء، والسماح بزيارة أقاربه الالمصحح: علاءحجازيجرحى وعدم مداهمة المنازل وكذا عدم ملاحقة النواب والإفراج عن طاقم قناة «اليمن اليوم» المعتقلين لدى الميليشيات. وأضافت المصادر أن الراعي أكد أن الحوثيين اقتحموا منزله في العاصمة صنعاء أثناء انتفاضة الأسبوع الماضي بعد تفجير مغالق الأبواب، وقاموا بنهب معظم محتوياته.
وأكد نواب آخرون في «المؤتمر» أنهم تعرضوا للانتهاك ذاته الذي تعرض له منزل الراعي، وقالوا إنهم حضروا الجلسة بصفتهم النيابية وليست الحزبية، وأن استمرار الشراكة مع الحوثيين أو فضها أمر ستقرره «اللجنة العامة للحزب (المكتب السياسي) كونها المعنية. وقالت المصادر إن النواب فوضوا الراعي لمتابعة تنفيذ الوعود الحوثية، في وقت لوح آخرون بأنهم سيغادرون صنعاء مع أتباعهم إلى مناطقهم في المحافظات الأخرى، في حال استمرت ميليشيا الحوثي في ملاحقتهم والبطش بأعضاء الحزب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.