انطلاق مؤتمر دولي للأمن الإلكتروني في الأردن

العالم يتعرض لـ2.5 مليون تهديد في الثانية مرشحة للزيادة

TT

انطلاق مؤتمر دولي للأمن الإلكتروني في الأردن

انطلقت أمس الاثنين فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الأول للأمن الإلكتروني وأمن المعلومات الذي تنظمه جمعية القوات المسلحة للاتصالات والإلكترونيات الأميركية فرع الأردن، بعنوان «تأمين المستقبل مع أمن المعلومات»، بمشاركة 300 شخصية محلية وعربية وأجنبية متخصصة في مجال أمن المعلومات.
وقالت رئيسة مجلس إدارة الجمعية رولا العموري في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر، إن «الثورة الحديثة في التقنيات الرقمية كانت لافتة وجلبت العديد من المنافع لمستخدميها، فهناك إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها الكثير، إلا أنها جميعها معرضة للتهديدات الأمنية، والخروقات والهجمات الإلكترونية، وكلها ذات عواقب سلبية سواء على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي... وأخطرها الأضرار على المستوى العالمي، سواء أمنية أو اقتصادية أو صحية وغيرها».
وأوضحت العموري أن هناك 2.5 مليون تهديد إلكتروني في الثانية، وهذا الرقم معرض للزيادة بشكل سريع سواء على مستوى حجمها أو تطورها، الأمر الذي يحتم وجود منظومة أمنية متطورة بنفس قدر تطور الهجمات الإلكترونية مع القدرة على مواجهتها، من خلال توفر الأكفاء لمواجهتها، والتكنولوجيا الموازية لها. وقالت إن الدراسات العالمية أثبتت أن هناك نقصا عالميا في المعرفة ومهارات الأمن الإلكتروني، ما خلق حاجة لنحو 3 إلى 4 ملايين خبير في مجال الأمن الإلكتروني لتجنب الخطر الإلكتروني عالميا. مؤكدة أن الدول والمنظمات عرضة للهجمات الإلكترونية بسبب نقص المهارات اللازمة في هذا المجال، ما يبرز أهمية التعريف وتدريب المهنيين والمتخصصين في مجالات الأمن الإلكتروني المختلفة، وخلق قادة العالم الافتراضي وغرس ثقافة الوعي الأمني الإلكتروني، الذي هو جزء أساسي من أي برنامج للدفاع ضد التهديدات الأمنية الإلكترونية وحماية الأصول الرقمية.
وأشارت العموري إلى أن الجمعية منذ انطلاقها في يوليو (تموز) الماضي التزمت بخلق جسور تواصل ما بين المختصين والمهتمين بالأمن المعلوماتي حول العالم في هذا المجال لتبادل الخبرات من خلال أول مؤتمر تعقده، لافتة إلى أنه بالإضافة إلى جلسات المؤتمر، سيتم عقد ورشات عمل تضمن التوعية بموضوع الأمن الإلكتروني وكيفية تدريب الفرق الأمنية الإلكترونية، والأساليب الحديثة لعلم النفس التطبيقي المستخدمة في تدريب فرق الأمن والدفاع الإلكتروني عالية الأداء، بالإضافة إلى مسألة الرقابة الإشرافية والحصول على البيانات.
من جانبه، قال مدير جمعية الاتصالات والإلكترونيات فرع أوروبا، إريك ستايغتشر، إن التهديدات الإلكترونية أكثر تنوعا من أي وقت مضى، ويتزايد نطاق الأضرار المحتملة والفعلية للأمن والاستقرار الوطني بشكل مطرد، مؤكدا أن هذه التهديدات لن تتوقف ولن تذهب ببساطة، بل على العكس، فإنها سوف تصل إلى أبعاد جديدة في ظل تحول كافة القطاعات الأمنية والحكومية والاقتصادية إلى العالم الرقمي، مؤكدا أهمية التعاون الدولي في مجال مكافحة التهديدات الأمنية.
وأضاف أن انعقاد المؤتمر الأول لفرع الأردن يعد فرصة ممتازة تجمع المديرون التنفيذيين والخبراء، على الصعيدين المحلي والدولي، تحقيقا لهذه الغاية، لافتا إلى أن برنامج المؤتمر حافل بمتحدثين متميزين ذوي خبرة واسعة في هذا المجال، بالإضافة إلى أن أيام المؤتمر تشمل عقد عدد من ورش العمل التدريبية المكثفة بهدف تبادل الخبرات مما يعزز من دور الجمعية في الأردن فيما يتعلق بمسألة أمن المعلومات.
وسيتطرق المؤتمر في جلسات عمله على مدى ثلاثة أيام إلى التوعية في مجال الأمن الإلكتروني، وكذلك الحديث عن آفاق التطور الحاصل في وسائل مكافحة الجريمة المعلوماتية والأدلة الجنائية المعلوماتية ودور الجهات المعنية بمكافحة الجرائم المعلوماتية في استحداث وتطبيق استراتيجيات أمنية إلكترونية متكاملة، كما سيبحث الأسباب الدافعة لتدريب صانع القرار الأمني الإلكتروني واستعراض التجارب المحلية والإقليمية والعالمية في هذا المجال، إضافة إلى بحث التهديدات الأمنية الإلكترونية المستقبلية واتجاهاتها.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.