شكوك حول سحب روسيا «قوات مراقبة خفض التصعيد»

تنتشر في 7 محافظات بينها ريف دمشق

TT

شكوك حول سحب روسيا «قوات مراقبة خفض التصعيد»

لم يوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي قسم من القوات الروسية العاملة في سوريا التي ينوي سحبها من البلاد، في وقت يقول معارضون سوريون إن القسم الأكبر من هذه القوات، يضطلع بمهام غير عسكرية مباشرة، وبعضها مرتبط باتفاقات داخلية ودولية، بينها قوات مراقبة الهدن وقوات الفصل المنتشرة في 7 محافظات سورية على الأقل، وتطلق وسائل الإعلام الروسية عليها اسم «قوات حفظ السلام» في مناطق خفض التصعيد في سوريا.
وتنتشر قوات مراقبة الهدن في محافظات حلب وريف دمشق وجنوب العاصمة وريفي حمص وحماة الشمالي، إضافة إلى مدينة درعا ومدينتين في المحافظة الجنوبية. وفيما انتشرت القوات الروسية في حلب إثر انسحاب قوات المعارضة من الأحياء الشرقية للمدينة، وفصلت بين مناطق سيطرة الوحدات الكردية وقوات النظام السوري، فإن القوات الموجودة بريف حمص الشمالي وفي درعا والغوطة الشرقية، نفذت انتشارها بموجب اتفاقيات «خفض التصعيد» التي توصل إليها المجتمعون في آستانة في مايو (أيار) الماضي.
واستهلت روسيا نشر قوات الشرطة العسكرية بمهام المراقبة، بنشرها في حلب بعد سيطرة النظام السوري على أحيائها الشرقية، حيث انتشرت قوات الشرطة العسكرية بعناصر شيشانية، التي تضم نحو 400 جندي، ومنذ ذلك الوقت تسير دوريات في المنطقة من أجل «تقديم يد العون للسلطات السورية في الحفاظ على النظام العام، ولدعم عملية التسوية السياسية في البلاد».
وقال الباحث السياسي السوري أحمد ابازيد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك عدة أنواع من الوجد العسكري الروسي في سوريا، أوله القوات الجوية والبحرية التي ستبقى في قاعدتي حميميم وطرطوس على الساحل السوري، وقوات الحماية للقاعدتين العسكريتين، كما أن هناك قوات مساندة برية، وقوات خاصة نفذت مهام لها في حلب وتدمر وجبهات أخرى، إضافة إلى الشرطة العسكرية الروسية والشرطة العسكرية بأفراد من الشيشان التي انتشرت في المدن مثل حلب، فضلا عن أن هناك قوات مرتزقة روسية لا تعترف روسيا بوجودهم، وبالتالي فإن عدد القتلى المعلن من الروس في سوريا، لا يشمل عدد القتلى من المرتزقة، وهم عبارة عن شركات أمن تابعة للروس وموكلة بمهام من الجيش الروسي.
وإذ رأى ابازيد أن هدف الإعلان الروسي عن سحب القوات «سياسي لا يعبر عن تحول عسكري حقيقي»، قال إن القوات البرية الروسية «على الأغلب ستبقى موجودة في مناطق خفض التصعيد، وفي مهام أخرى مثل إزالة الألغام وغيرها من مهام مراقبة الهدن والانتشار في مناطق خفض التوتر».
وتتفاوت مهام قوات المراقبة الروسية في المحافظات السورية، ففيما تنتشر كقوات فصل في داخل الأحياء الشرقية لمدينة حلب بين مناطق سيطرة النظام والوحدات الكردية، فإنها تضطلع بمهام المراقبة في مناطق أخرى، بينها إدلب حيث كانت عرضة لهجمات «جبهة النصرة» استهدفت نقطة مراقبة في المحافظة، في سبتمبر (أيلول) الماضي.
أما في الجنوب السوري، فهي قوات تلازم مناطق سيطرة النظام، وتراقب تطبيق الهدن، كما أعلنت مصادر المعارضة في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدة أنها تنتشر في مناطق النظام في درعا المدينة، والصنمين وازرع، وتقيم حواجز تفتيش في المعابر الفاصلة بين مناطق سيطرة النظام وفصائل المعارضة. وأشارت المصادر إلى أنها تتألف من أربع كتائب من قوات الشرطة العسكرية الروسية. وأكدت المصادر أن القوات الروسية توجد في الفرقة التاسعة في الصنمين، ولها حاجز باتجاه جديا، وهو صلة الوصل بين النظام ومناطق المعارضة.
وتوزعت القوات الروسية في القنيطرة على حواجز الطريق الواصل بين مدينتي خان أرنبة والبعث، وطريق خان أرنبة - جباتا الخشب، إلى جانب الانتشار في محيط بلدة جبا مسحرة بريف القنيطرة.
وكانت روسيا أعلنت أن قوات مراقبة روسية انتشرت في منطقتي خفض التوتر في درعا والقنيطرة والسويداء، وصولاً إلى الجولان السوري، وفي الغوطة الشرقية قرب دمشق، لمراقبة التزام كل الأطراف بالهدنة، بعد لقاء بوتين بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في هامبورغ في الصيف الماضي.
وإضافة إلى جنوب غربي دمشق، تنتشر في الغوطة الشرقية كتيبة روسية بعد التوقيع على اتفاق مع فصائل معارضة سورية معتدلة خلال مباحثات في القاهرة بشأن آلية عمل منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية. وفي ريف حمص الشمالي، ثبتت قوات روسية نقاط مراقبة وقف إطلاق النار في أغسطس (آب) الماضي، ووضعت ثلاث نقاط تم الاتفاق عليها على أرض الواقع مع المعارضة المسلحة، وتركزت في حاجز الصوامع الواقع على المدخل الشمالي لمدينة حمص. أما في محافظة حماة، فإنها انتشرت في نقاط تخضع لسيطرة النظام في ريفي حماة الشمالي والغربي، وتشمل 12 نقطة بينها نقطة قرب مدينة طيبة الإمام، ومناطق أخرى في حلفايا ومحردة وسهل الغاب.
وتتكرر في وسائل الإعلام الروسية منذ 2012 أنباء فكرة «نشر قوات لحفظ السلام في سوريا»، وتكررت في جولات أستانا. وكان مصدر في الخارجية الروسية قال لوكالة «سبوتنيك» أواخر الشهر الماضي إن موسكو تبحث مع الحكومة السورية نشر قوات حفظ سلام دولية في مناطق «خفض التصعيد» في سوريا، رابطاً الخطوة بموافقة النظام السوري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.