اتساع التحرك للتضامن مع القدس في لبنان

TT

اتساع التحرك للتضامن مع القدس في لبنان

تواصلت في لبنان أمس التحركات المنددة بالقرار الأميركي نقل سفارة واشنطن إلى القدس. فبعد المظاهرة التي خرجت الأحد باتجاه السفارة الأميركية وتخللها أعمال شغب، شهدت المناطق اللبنانية مظاهرات واعتصامات أعلن المشاركون فيها تضامنهم مع القدس وفلسطين والمقدسات ورفضهم للقرار الأميركي بإعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل».
ونظم الحزب «التقدمي الاشتراكي» وتيار «المستقبل» والجماعة الإسلامية، لقاء واعتصاما في بلدة برجا في قضاء الشوف في جبل لبنان، تضامنا مع القدس، رفعت خلاله الأعلام اللبنانية والفلسطينية، واللافتات المنددة بالقرار الأميركي، كما هتفت الحشود لفلسطين.
وقال النائب في تيار «المستقبل» محمد الحجار في كلمة له: «إننا نرفض وندين ونستنكر قرار الرئيس الأميركي بخصوص اعترافه بمدينة القدس عاصمة للكيان الصهيوني، فهذا القرار أعطاه من لا يملك الحق، والذي يثبت مرة جديدة أن أكبر قوة في العالم تكيل ليس فقط بمكيالين، بل بعدة مكاييل، وتبعا لمصالحها ضاربة بعرض الحائط مصالح الآخرين والفلسطينيين والعرب». وشدد الحجار على أن «القدس عربية إسلامية ومسيحية»، معتبرا أن «القرار الأميركي جاء ليعطي الشرعية لهمجية العدو الإسرائيلي». وقال: «إن السبب الذي يشجع ويدفع بعض الغرب لمثل هكذا مواقف هو تفرقنا وتفتتنا والبحث دائما عن المتناقضات والاختلافات عندنا، حتى في الملمات بدل التفتيش عن القاسم المشترك بيننا».
وأشار إلى أن «المطلوب اليوم وحدة فلسطينية تنهي حالة الشقاق»، مؤكدا «أهمية وضرورة الوحدة الوطنية اللبنانية لمواجهة مثل هذا القرار»، منبها إلى أن «القرار الأميركي سيكون له تأثير على لبنان». وحثّ الحجار على «ضرورة الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها الشرعية، وليس كالعراضات العسكرية وغيرها، كالتي شاهدناها أمس في جنوب لبنان»، معتبرا أن «ليس بهذه الطريقة تتوحد الجهود، وليس بهذه الطريقة نلاقي رغبة ودعوة الرئيس سعد الحريري للحفاظ على الاستقرار في البلاد». كما تحدث عن «ضرورة التضامن العربي والإسلامي لمواجهة التحديات وملاقاة مواقف دول عدة ترفض قرار ترمب».
كذلك نظم موظفو سراي صيدا الحكومي اعتصاما تضامنا مع القدس واحتجاجا على قرار الولايات المتحدة الأميركية بشأن القدس. ورفع المعتصمون لافتات كتبوا عليها «القدس عاصمة فلسطين للأبد».
وحض أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله العالم العربي والإسلامي على مساعدة الفلسطينيين في انتفاضتهم الجديدة، وأعلن أن «القدس وفلسطين ستعودان أولوية اهتمام محور المقاومة»، مؤكدا أنه لا يتكلم باسم «حزب الله» بل باسم «كل محور المقاومة»، على حد تعبيره.
ودعا نصرالله في خطاب ألقاه أمام أنصاره في ختام مظاهرة دعا إليها الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية «جميع فصائل المقاومة في المنطقة وكل الذين يؤمنون بالمقاومة للتواصل والتلاقي لوضع استراتيجية موحدة للمواجهة، وخطة ميدانية وعملانية متكاملة تتوزع فيها الأدوار وتتكامل الجهود في هذه المواجهة الكبرى». وأضاف: «لنجعل القرار الأميركي الأحمق الغاشم بداية النهاية لهذا الكيان الغاصب إلى الأبد وليكن شعارنا الموت لإسرائيل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.