مطالب في بيروت بمحاكمة الخزعلي... وأنباء عن زيارة «سرايا» عراقية جنوب لبنان

TT

مطالب في بيروت بمحاكمة الخزعلي... وأنباء عن زيارة «سرايا» عراقية جنوب لبنان

إذ تصاعدت الردود السياسية الشاجبة لزيارة الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» العراقية قيس الخزعلي، الحدود اللبنانية الجنوبية، وصولاً إلى المطالبة بمحاكمته و«تفتيش مواكب حزب الله إلى الجنوب»، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو آخر يظهر عناصر من تنظيم «سرايا السلام» العراقية في جنوب لبنان، ويقول أحد الذين يظهرون فيه إن عناصر التنظيم «موجودة في لبنان وهي باقية وتمدد».
وظهر عنصران، وعرّفا نفسيهما بأنهما ينتميان إلى تنظيم «سرايا السلام» العراقي. ويظهر في الفيديو أحد العناصر، الملقب بـ«أبو حسن»، يقول: إن «سرايا السلام» موجودة في لبنان وهي باقية وتمدد.
و«سرايا السلام» تنظيم مسلّح في العراق يتبع «التيار الصدري» الذي يقوده مقتدى الصدر، وعناصره مقاتلون سابقون في «جيش المهدي». وظهر في أحد مقاطع الفيديو جدار كتبت عليه عبارة «كفر حمام»، وهي قرية يسكنها السنة تقع في منطقة العرقوب في الجنوب، محاذية لبلدة شبعا الحدودية. واستدعى ظهور العبارة رداً من رئيس بلدية كفر حمام هيثم سويد عبر حسابه على موقع «فيسبوك»، مؤكداً «عدم وجود هكذا عناصر أجنبية في نطاقها البلدي». وأوضح أن الفيديو «قديم وعند علمنا به واطلاعنا عليه، منذ شهور، تم التواصل مع السلطات المختصة لإجراء المقتضى بخصوصه».
وإثر نشر الفيديو في موقع إلكتروني لبناني محلي، طالبت بلدية كفر حمام، جميع وسائل الإعلام، بالتحقق من صحة المعلومات المنوي نشرها و«التواصل معها لاستيضاح أي موضوع قبل نشره فهي المرجع الوحيد المخول إعطاء أي معلومة وفي أي موضوع كان يتعلق بقريتنا»، مؤكدةً أنها «تحت سلطة الدولة الرسمية، وهي تقف وراء القوى الشرعية في الدفاع عن أرضها».
وجاء نشر الفيديو في وقت لم تنتهِ الردود على زيارة الخزعلي، إذ برزت دعوات إلى محاكمته، على الرغم من أن الرجل بات في العراق، وخرج يتحدث عن «النصر على تنظيم داعش» و«حصر السلاح العراقي بيد الدولة».
ودعا أحد ممثلي «تيار المستقبل» في الحكومة وزير العمل محمد كبارة إلى القبض على الخزعلي، ومحاكمته «لأنه خرق السيادة اللبنانية عندما تجول بلباس عسكري على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة». وأكد كبارة أن «هذا الاستعراض الإعلامي ينتهك سيادة لبنان، ويحاول الإيحاء أن الحدود اللبنانية تخضع لتلك الميليشيات، في حين أن قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) والجيش اللبناني يقومون بواجبهم في تطبيق القرار 1701». كما أكد أن «هذا السلوك الميليشاوي مرفوض بالكامل، ويجب أن تتخذ الأجهزة القضائية الإجراءات المناسبة للتعامل مع هذا الانتهاك لسيادة الدولة».
من جهتها، اكتفت مصادر التيار «الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس الحكومة اتخذ الإجراءات المناسبة تجاه الفيديو المنشور». وأضافت: «نحن جزء من هذه الحكومة ونؤيد ما تقرره في هذا الصدد».
أما رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب «القوات اللبنانية» المشارك في الحكومة شارل جبور، فقال في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «حزب الله يحاول إيصال رسالة أنه غير معني بالنأي بالنفس من خلال تسريب فيديو الخزعلي»، داعياً إلى «التشدد بتطبيق القرار 1701 وضبط الحدود بشكل لا يسمح أبداً بتكرار مثل هذه الزيارة».
كما دعا جبور إلى «تفتيش مواكب حزب الله في حال تم التأكد من أن الخزعلي مرّ عبر أحد هذه المواكب»، مشيراً إلى أن ما حصل «يناقض بيان مجموعة باريس وبيان النأي بالنفس».
وإذ أشار إلى أن موقف الحريري «جيد وضروري» بعد انتشار المقطع، أكد أن «(القوات اللبنانية) سيطرح بالطبع هذا الموضوع في أول جلسة حكومية، وسيسأل عن مآل التحقيقات في هذا الخصوص»، مؤكداً أن «النأي بالنفس ليس مع إسرائيل لكن لا (أمين عام حزب الله) حسن نصر الله ولا حزب الله هم من يقررون في هذا المجال، بل الدولة اللبنانية حصراً».
ولم يخف جبور في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «حوثيين وعراقيين وميليشيات أخرى تتدرب على يد حزب الله على الأراضي اللبنانية، وما الفيديو المنشور إلا قلة قليلة مما ظهر، وتسريبه يعني أن الحزب يريد إقامة مشروع الدولة الإسلامية الذي تريده إيران».
من جهة اخرى اعتبر نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، أن الحزب كسب خبرات عسكرية جديدة في سوريا، وأن عناصر سيطرت على مدن «بيتاً بيتاً وشارعاً بعد شارع».
ونقلت وكالة «تسنيم» المقربة من الحرس الثوري الإيراني عن قاسم قوله في جامعة في طهران مساء السبت: «إنهم أرادوا في سوريا قطع الاتصال» بين إيران والحزب في لبنان، و«كانوا يراهنون على أن الأزمة في سوريا ستضعف حزب الله وتستنزفه، وعلى هذا الأساس كان بتصورهم أن يشنوا حربا على حزب الله بعد أن تكون الحرب في سوريا قد أنهكته».
وأضاف: «النتيجة أن الآلاف من الشباب انضموا إلى حزب الله، واكتسبنا خبرات لم تكن لدينا قبل الحرب في سوريا، ونحن نقول إن المقاومة هي فعل كرّ وفر، أي كنا نضرب الإسرائيلي ونتراجع بعدها تمهيدا للضربة المقبلة. المقاومة بمعنى الكر والفر تمتلك تجهيزات قليلة كالأسلحة الرشاشة والمقذوفات الصاروخية، ولا تمتلك أسلحة ثقيلة كالدبابات والمدافع الكبيرة، لكننا عندما ذهبنا إلى سوريا، فقد تعلمنا كيف نقاتل في الصحراء وفي الجبال وتعلمنا حرب المدن والشوارع وكيف نحرر المدن بيتا بيتا وشارعا شارعا؛ وأصبحنا نتقن قيادة المدرعات كالدبابات، واستخدام كل أنواع المدافع والصواريخ؛ وهذا ما نسميّه بالخبرة الإضافية». وتابع: «كانوا يتوقّعون أنه سيضعف، ولكنه أصبح أكثر قوة، ولديه إمكانات إضافية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».