«حزب الله» يحشد في القنيطرة... وفصائل تتوقع مواجهة

TT

«حزب الله» يحشد في القنيطرة... وفصائل تتوقع مواجهة

أكدت فصائل تابعة لـ«الجيش السوري الحرّ» جنوب سوريا أنباء عن تحركات سريّة يقوم بها «حزب الله» اللبناني والنظام السوري في منطقة «مثلث الموت»، الذي يربط ريف درعا الشمالي بريف دمشق الغربي وريف القنيطرة الشمالي في الجنوب السوري. ورغم تضارب الأنباء حول طبيعة هذه التحركات، لم تستبعد الفصائل إمكانية «تهيئة الأرضية لهجوم عسكري على مناطق سيطرتها».
واتهمت فصائل «الميليشيات الإيرانية» وقوات النظام، بتعزيز مواقعها في عدد من خطوط المواجهة. وأكد الرائد قاسم نجم، قائد تحالف الجنوب، وقائد «الفرقة الأولى مشاة» العاملة في ريف القنيطرة، أن «عمليات الرصد للفصائل الثورية، تسجل تحركات غير اعتيادية لقوات النظام و(حزب الله) اللبناني والميليشيات الإيرانية، بدءاً من كتيبة المدفعية التابعة للنظام في جديا، باتجاه الشمال وصولاً إلى مثلث الموت، ومدينة البعث في ريف القنيطرة».
وقال الرائد نجم لـ«الشرق الأوسط»: «وردتنا معلومات استطلاعية قبل يومين، عن تحرك للحزب بأعداد بشرية غير واضحة، لكنها ليست بقليلة، واستقدام مدافع وراجمات صواريخ ودبابات وآليات صغيرة»، لافتاً إلى أن «هذه التحرّك استدعى متابعة دقيقة من قبل فصائل الثورة، عبر مجموعات الكمائن المنتشرة في مثلث الموت وريف القنيطرة الشمالي». وأضاف: «نحن بدورنا نعزز وضعنا، وجاهزون للتعامل مع أي تطور عسكري وفق مقتضياته».
وتقاطعت هذه المعلومات مع ما نقله موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض، عن مصادر محلية في الجنوب السوري، تحدثت عن «استقدام تعزيزات عسكرية من جانب (حزب الله) والنظام إلى المنطقة، تتمثل بإدخال نحو 400 عنصر وأسلحة ثقيلة وراجمات صواريخ ومدافع ميدان ودبابات». وتوقَّعت المصادر أن تكون التعزيزات «مقدمة لشن النظام والميليشيات الموالية له حملة عسكرية، للسيطرة على بلدتي الصمدانية الغربية والحميدية؛ بهدف حصار الريف الشمالي للقنيطرة».
وتخضع جبهات الجنوب السوري، لاتفاق «خفض التوتر» الذي أعلن في السابع من يوليو (تموز) الماضي، وتمّ التوصل إليه باتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وتركيا والأردن، لوقف إطلاق النار في محافظات الجنوب السوري كافة.
وإزاء الترقب الشديد لما قد تؤول إليه الأوضاع في هذه المنطقة، أوضح العقيد الطيار نسيم أبو عرة، القائد العسكري لـ«قوات شباب السنة» لـ«الشرق الأوسط»، أن «تواجد (حزب الله) في هذه المنطقة قديم، خصوصا أن منطقة تل غرابة هي عبارة عن غرفة عمليات للحزب، إضافة إلى كتيبة جديا الواقعة في هذه المنطقة». واستبعد في تصريح إمكانية مهاجمة الحزب مناطق سيطرة المعارضة.
وتتعدد سيناريوهات ما قد تذهب إليه الأوضاع في الجنوب السوري. وقال العقيد أبو عرّة: «هذه المنطقة تشكّل امتداداً لهضبة الجولان من جهة حرمون وجبل الشيخ، وفي حال استطاع (حزب الله) الوصول إلى بيت جنّ وكفرحون، يصبح بإمكان الثوار استهداف مناطق نفوذه في جبل لبنان، خصوصاً من جهة منطقة شبعا». وحذّر من أن «أي عمل عسكري ضد المناطق المحررة في القنيطرة وريف دمشق الغربي، ستكون جاهزة في أي لحظة للردّ على أي تهديد يطال أمن مناطقها». وأضاف: «أي محاولة للتقدم ستلقى رداً مناسباً وسنخوض معركة قوية، بإذن الله».
من جهته، أفاد الناشط الإعلامي المعارض في جنوب سوريا حميد ناصير، بأن «هناك معلومات مؤكدة تفيد بأن (حزب الله) دفع في الأسابيع والأيام الأخيرة بالعشرات من عناصره نحو ريف القنيطرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا معلومات دقيقة لإمكانية معرفة تفاصيل دقيقة عن طبيعة هذه التحركات». وقال: «البعض هنا يجد فيها مجرد استكشاف لما تخلفه الضربات الإسرائيلية المتعددة التي تستهدف مواقع تابعة له وللنظام، والبعض الآخر يتحدث عن تحضير لهجوم أو معركة محتملة، بالاستناد إلى استقدام صواريخ ومدافع ودبابات». ورأى ناصير أن «قدرة (الجيش الحرّ) على المواجهة أقل جهوزية من فترة المعارك التي سبقت وقف النار»، عازياً ذلك إلى «تراجع التدريبات العسكرية ووقف الإمدادات التسليحية لفصائل الثورة منذ بداية الهدنة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.