الجامعة العربية: الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال عدوان صريح

قالت إن القرار قد ينسف فرص السلام ويعزز التطرف والعنف

جانب من اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الجامعة العربية: الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال عدوان صريح

جانب من اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

حذّر مجلس جامعة الدول العربية، خلال اجتماعه الطارئ أمس، من تغيير الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس، وقال إن الاعتراف «بمدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال، أو إنشاء أي بعثة دبلوماسية في القدس، أو نقلها إلى المدينة، يعد اعتداءً صريحاً على الأمة العربية، وحقوق الشعب الفلسطيني وجميع المسلمين والمسيحيين».
ودعا مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، الولايات المتحدة الأميركية وجميع الدول إلى الالتزام بكافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمدينة القدس، بما فيها قرارات مجلس الأمن، وكذلك اتفاقية جنيف الرابعة، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية.
ولفت مجلس الجامعة إلى أن «مبادئ القانون الدولي تعتبر كل الإجراءات والقوانين الإسرائيلية التي تهدف تغيير الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس الشرقية ومقدساتها وهويتها وتركيبتها الديموغرافية، لاغية وباطلة، وتنص على عدم إنشاء بعثات دبلوماسية فيها أو نقل السفارات إليها، أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وتعتبر أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967».
وحث المجلس في قرار أصدره في ختام اجتماعه غير العادي بمقر الجامعة العربية «الولايات المتحدة الأميركية على الاستمرار في لعب دور إيجابي ونزيه ومحايد، والاحتفاظ بهذا الدور البناء لتحقيق السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط، استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وقواعد القانون الدولي، ومبادرة السلام العربية لعام 2002، وعلى أساس حل الدولتين، ومبدأ الأرض مقابل السلام».
وشدد المجلس على أن «الاعتراف غير القانوني بالقدس عاصمة للاحتلال يشكل تهديداً جدياً للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة، إضافة إلى نسف فرص السلام وحل الدولتين، وتعزيز التطرف والعنف».
وطلب المجلس من الدول الأعضاء، والأمانة العامة، ومجالس السفراء العربية، وبعثات الجامعة، العمل على التصدي بفاعلية لأي توجه لخرق قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، بخصوص الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس الشرقية المحتلة. كما كلف المجلس المجموعة العربية في نيويورك بدراسة الطرق الفعالة للتصدي لأي خطوة من هذا النوع، وذلك من خلال أجهزة الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن. وتقرر أن يكون مجلس الجامعة في حالة «انعقاد دائم لمتابعة التطورات في هذا الشأن، مع النظر في الدعوة لانعقاد المجلس على المستوى الوزاري في أسرع وقت ممكن، إذا اقتضت الحاجة».
من جهته حثّ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الإدارة الأميركية على أن «تمتنع عن أي مبادرات من شأنها أن تُفضي إلى تغيير وضعية القدس القانونية والسياسية»، وحذر من «خطورة المساس بأي من قضايا الحل النهائي ومن بينها القدس».
وقال أبو الغيط في كلمته أمام مجلس الجامعة، إنه «يُخطئ من يظن أن القضية الفلسطينية، وفي القلب منها مسألة القدس، يمكن أن تكون مسرحاً للتلاعب، أو مجالاً للعبث من دون عواقب خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة».
وشدد أبو الغيط على أن «العبث بمصير القدس، بما لها من مكانة في قلب كل العرب، من شأنه تأجيج مشاعر التطرف ونعرات العنف والعداء والكراهية، بطول العالمين العربي والإسلامي»، واستدرك بالقول: «لقد رأينا في الاهتمام الأميركي بهذه القضية المحورية بادرة إيجابية تستدعي المؤازرة، وتستلزم التأييد والدعم، وقد عبر عددٌ من قادة الدول العربية عن ذلك الدعم لجهود إدارة الرئيس ترمب، كما تجاوبت السلطة الفلسطينية مع هذه الجهود بكل انفتاح وبروح إيجابية، غير أن هذا الانفتاح وتلك الإيجابية لم تُقابل سوى بسياسة إسرائيلية تُمعن في البناء الاستيطاني، وتسعى إلى توتير الأجواء، واختلاق المشكلات كما حدث في أزمة البلدة القديمة بالقدس في يوليو (تموز) الماضي، وغيرها».
وأضاف أبو الغيط موضحاً: «ومع ذلك فقد ظل الطرف الفلسطيني، ومن ورائه الدول العربية، حريصاً على تجنب التصعيد، وعمل جاهداً على تهيئة البيت الداخلي عبر المُضي قُدماً في مسار المصالحة وإنهاء الانقسام، الذي طالما اتخذته إسرائيل ذريعة من أجل التنصل من الالتزامات والتحلل من المسؤوليات»، مؤكداً على أن «نقل أي سفارة إلى القدس، وبالذات السفارة الأميركية، سيُسهم في تغيير الوضعية القانونية والسياسية للمدينة، ويضرب الأساس الذي تقوم عليه التسوية المنتظرة، وفي حالة السفارة الأميركية سوف يضع علامة استفهام كبرى حول التزام واشنطن».
من جهته، أعرب مندوب فلسطين الدائم بالجامعة العربية، السفير دياب اللوح، عن «استعداد فلسطين الدائم للتعاون مع الجهد الأميركي المبذول لاستئناف المفاوضات، وتقديم كل ما يلزم لإنجاحها»؛ لكنه حذر في الوقت نفسه من أن «الجهد الأميركي سيكون في مهب الريح، إذا أعلن الرئيس ترمب عن نقل السفارة إلى القدس، واعتبارها عاصمة دولة إسرائيل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.