الأمم المتحدة تدعو لهدنة وتعلق رحلاتها الإغاثية من مطار صنعاء

TT

الأمم المتحدة تدعو لهدنة وتعلق رحلاتها الإغاثية من مطار صنعاء

دعا منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، الأطراف المتحاربة، إلى وقف المعارك في العاصمة صنعاء، اليوم (الثلاثاء)، من أجل المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
وقال جيمي ماكغولدريك في بيان من صنعاء، إن «المنظمات الإنسانية تتلقى نداءات يائسة لمساعدة العائلات المحاصرة في الأحياء التي تعصف بها المعارك».
ولم يتمكن المدنيون من الحصول على الرعاية الطبية والغذاء والماء والوقود، كما لم تتمكن عناصر الفرق الطبية من الوصول إلى مئات الأشخاص الذين أصيبوا في الأيام الأخيرة.
وأضاف ماكغولدريك أنه يجب أن يتم وقف المعارك لأسباب إنسانية اعتباراً من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الرابعة عصراً (0700 - 1300 بتوقيت غرينتش).
وذكرت الأمم المتحدة أن القتال والضربات الجوية اشتدت في العاصمة اليمنية، حيث الطرق مغلقة والدبابات منتشرة في العديد من الشوارع، مما أدى إلى تقطع السبل بالمدنيين ووقف تسليم المساعدات الإنسانية العاجلة، بما في ذلك الوقود وإمدادات المياه النظيفة.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان، في أعقاب مناشدتها الهدنة الإنسانية، إن بعضاً من أعنف الاشتباكات وقعت حول المنطقة الدبلوماسية قرب مجمع الأمم المتحدة، بينما تم تعليق رحلات المساعدة من مطار صنعاء وإليه.
وقالت الأمم المتحدة «الوضع المتصاعد يهدد بدفع الخدمات الأساسية التي لا تعمل تقريباً... إلى التوقف. هذه الخدمات تعرضت لأضرار شديدة بالفعل». وأضافت أن القتال امتد أيضاً إلى محافظات أخرى مثل حجة.
إلى ذلك، وقف لقاء عقده الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ في الرياض أمس، على المستجدات والتطورات الجارية على الساحة الوطنية والجهود الأممية المبذولة في هذا الصدد لتحقيق السلام وتطبيق القرارات الأممية المتصلة باليمن، وفي مقدمتها القرار رقم 2216.
وتناول اللقاء، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، تطورات الأحداث الراهنة في العاصمة صنعاء والأحداث المتسارعة التي تشهدها في ظل الانتفاضة المجتمعية في وجه التمرد والانقلاب التابع للميليشيا الحوثية، وبذل المساعي والجهود المشتركة لإجلاء الرعايا وموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من العاصمة صنعاء حفاظاً على سلامتهم في ظل الظروف الراهنة.
وقال هادي: «نشيد بمساعيكم وجهودكم المبذولة نحو السلام الذي ننشده وقدمنا من أجله التنازلات تباعاً انطلاقاً من مسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية تجاه وطننا وشعبنا، التي قوبلت دوماً بالتشدد والرفض من قبل الميليشيا الانقلابية التي لا تكترث لمعاناة شعبنا في مواصلة لتنفيذ رغباتها وأجندتها الدخيلة لنقل تجربة ولاية الفقيه الإيرانية لليمن». وأضاف الرئيس اليمني في اللقاء الذي عقد قبل أن يعلن مقتل علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق: «كنا وما زلنا وسنظل دعاة سلام وأيادينا ممدودة نحو ذلك رغم كل ما عانيناه ولحق بوطننا ومجتمعنا من تبعات الحروب التي أشعلها الانقلابيون الذين لا يوفون بوعود أو عهود، أو يكترثون للمجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية».
من جانبه، دعا المبعوث الأممي إلى تغليب لغة السلام ومصلحة اليمن وأمنه واستقراره، وفقاً لمرجعيات السلام والقرارات الأممية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2216.
ودعا وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح، المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في المجال الإغاثي والموجودة في العاصمة صنعاء وبرنامج الأغذية العالمي، لتوفير الاحتياجات اللازمة من المواد الإغاثية لسكان أمانة العاصمة، التي تشهد توترا نتيجة المعارك التي قامت بها الميليشيا الانقلابية.
وأهاب فتح بالمنظمات الإنسانية إرسال الفرق الميدانية في تلك المناطق إلى سرعة مد المحتاجين بالمواد الإغاثية اللازمة نتيجة الحصار المفروض على تلك المناطق منذ 4 أيام، على التوالي مع استمرار إغلاق المحلات التجارية على التوالي لافتاً إلى أن الوضع في تلك المحافظات بحاجة إلى تدخل إنساني سريع وعاجل.
وطالب فتح المنسق الأممي في اليمن جيمي ماكغولدريك إلى الوجود في تلك المناطق والإسراع بإرسال فرق ميدانية لإغاثة الأهالي والاطلاع عن قرب لمعاناة المواطنين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.