تونس: إحالة ملف «القطارات الصينية» إلى القضاء

TT

تونس: إحالة ملف «القطارات الصينية» إلى القضاء

كشف وزير النقل التونسي رضوان عيارة عن إحالة ملف شراء قطارات صينية بها عيوب إلى القضاء. وأكد أمام البرلمان، أمس، خلال مناقشته ميزانية الوزارة، تكفل هيئة رقابية تابعة لرئاسة الحكومة بالتدقيق في ملف الصفقة «للوقوف على مجموعة من الإخلالات التي طبعت القطارات الصينية الواردة».
وأشار إلى تواصل علاقة السلطات التونسية مع المصنع الصيني الذي عبر عن رغبته في تلافي العيوب وإصلاح ما شاب تلك الصفقة. وتقدر صفقة اقتناء القطارات الصينية بنحو 94 مليون دولار، وتعود إلى 2012 خلال فترة حكم «الترويكا» بزعامة «حركة النهضة»، وتم الكشف عن تجاوزات شابت الصفقة.
وتعاني القطارات الواردة، بحسب فنيين في الشركة التونسية للسكك الحديدية، من «عيوب كبيرة في الصنع على غرار سرعة تلف العجلات وصعوبة تشغيل محركات الديزل، علاوة على أخطاء في محول السرعة وأعطاب في البطاريات وعدم احترام المواصفات فيما يتعلق بممتص الصدمات الذي يتعطل في كل رحلة».
ودعا رئيس النقابة العامة للسكك الحديدية العربي اليعقوبي الدوائر الحكومية إلى «مساعدة الشركة حتى تتمكن من استرجاع حقوقها أمام القضاء بعدما رفعت قضية في الجانب الصيني». وأشار إلى أن الحكومة «مدعوة للكشف عن كل المتورطين في هذه الصفقة المشبوهة سواء داخل الشركة أو خارجها». وأشار إلى أن الشركة تسلمت الدفعة الأولى من صفقة القطارات «من دون أن يقدم المصنّع الصيني الوثائق الجمركية والفواتير ويوفر قطع الغيار اللازمة»، وهو ما «كبّد الشركة خسائر كبيرة» قدرها بأكثر من 200 مليون دينار تونسي، أي نحو 80 مليون دولار.
وعلى مستوى الوضعية المالية للشركة الحكومية، أقر وزير النقل بمواجهتها صعوبات عدة خلال السنوات الماضية، تعلقت أساساً بتراجع الموارد المالية بفعل التهرب من تذاكر السفر، بما يقارب 13 في المائة، مع تجميد الأسعار منذ سنوات. وتتزامن هذه القضية مع قضية «الهبة الصينية» التي لا تزال بين أروقة المحاكم التونسية، على خلفية اتهام وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام (قيادي في «النهضة») بمخالفة القوانين بعدم إعلامه وزارة المالية بتلقي هبة مقدرة بنحو مليون دولار، وإدراجها في حساب مالي خاص من دون التصرف فيها لحسابه. ووفر الجانب الصيني هذا المبلغ في 2012 لتغطية نفقات الدورة الخامسة لـ«المنتدى الصيني - العربي» الذي انتظم خلال تلك الفترة في مدينة الحمامات التونسية.
على صعيد آخر، حذر الأمين العام لـ«اتحاد الشغل» (نقابة العمال) نور الدين الطبوبي من أن الفترة التي تمر بها تونس «حرجة، ولا بد من أن تكون درساً للسياسيين الذين يتكالبون على السلطة». ونفى انغماس الاتحاد في السياسة، لكنه أضاف أن «الشأن السياسي يهم اتحاد الشغل».
وقال الطبوبي، على هامش إحياء الذكرى الخامسة والستين لاغتيال الزعيم النقابي التاريخي فرحات حشاد، إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي صعب للغاية وإن «الدولة لا يمكن أن تحقق تقدماً في أي مجال من دون فرض القانون على جميع الأطراف». وتوقع أن تكون السنة المقبلة «صعبة على تونس، وستكون سنة 2019 أصعب منها نظراً إلى صعوبة المؤشرات الاقتصادية على المستوى الدولي».
وأشار إلى أن المفاوضات الاجتماعية بين الحكومة والاتحاد حول زيادة أجور موظفي القطاع العام ستبدأ في أبريل (نيسان) المقبل. وكان الاتحاد حذر، أول من أمس، في بيان حكومة يوسف الشاهد من تبعات تردي الوضع الاقتصادي وما يترتب عليه من ظروف اجتماعية سيئة، وما يتبعه من «انفجار اجتماعي» يهدد الاستقرار في تونس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.