سليماني يقود معارك النظام في دير الزور

ظهر في مقطعي فيديو يعطي توجيهات باللغة الفارسية للمقاتلين

سليماني يعطي الأوامر في البوكمال باللغة الفارسية لميليشيات تدعمها إيران (موقع «روسيا اليوم»)
سليماني يعطي الأوامر في البوكمال باللغة الفارسية لميليشيات تدعمها إيران (موقع «روسيا اليوم»)
TT

سليماني يقود معارك النظام في دير الزور

سليماني يعطي الأوامر في البوكمال باللغة الفارسية لميليشيات تدعمها إيران (موقع «روسيا اليوم»)
سليماني يعطي الأوامر في البوكمال باللغة الفارسية لميليشيات تدعمها إيران (موقع «روسيا اليوم»)

انتشر أمس مقطعا فيديو ظهر فيهما قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وهو يضع الخطط العسكرية ويعطي توجيهاته باللغة الفارسية لعناصر ميليشيات كانوا يستعدون للهجوم على مدينة الميادين في محافظة دير الزور والتي دخلوها منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما أعلن موقع «العالم» الإعلامي الإيراني أن سليماني «بات يقود غالبية المعارك الكبرى ضد (داعش) في سوريا».
وبدا قائد فيلق «القدس» في المقطع الأول الذي عممه في الساعات الماضية «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» منهمكا وهو يرسم على الخرائط ويتحدث عبر جهاز لاسلكي، فيما ظهر في المقطع الثاني وهو يصافح العناصر المتمركزين في خنادقهم ويقبلهم، داعيا الضباط والقادة العسكريين إلى تجنب بعض المناطق الصحراوية تحسبا لهجوم محتمل من الخلف يشنه المسلحون عليهم. كما توجه إليهم بالقول مشيرا إلى إحدى النقاط على الخريطة: «يجب ألا تتواجدوا هنا. هذا المكان خطير جدا وقد يهاجمونكم بالانتحاريين»، قبل أن يدعوهم للسيطرة على تل آخر لافتا إلى أن عناصر «داعش» يستخدمون مدفع 23 في عمليات القصف التي ينفذونها.
وكانت مواقع مقربة من النظام السوري و«حزب الله» نشرت قبل نحو 10 أيام شريط فيديو أظهر سليماني وهو يتجول في مدينة البوكمال السورية الواقعة بريف دير الزور الجنوبي الشرقي بعد السيطرة الكاملة عليها. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وقناة «العالم» الإيرانية حينها بأن سليماني هو من قاد العمليات بوجه «داعش» في المدينة التي كانت تعد المعقل الأخير للتنظيم المتطرف في سوريا والعراق على حد سواء. وبدا سليماني في الفيديو مبتسما وهو يتجول بين المقاتلين الذين تهافتوا لالتقاط الصور معه.
واعتبر رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد» أن «الدور الإيراني القيادي وبالتحديد وجود قاسم سليماني في دير الزور، كان هدفه استكمال الطريق السياسي الواصل بين طهران وبيروت عبر الأراضي السورية، على أن تقود (قوات النمر) التابعة للنظام ما تبقى من الضفاف الغربية لنهر الفرات من جهة الميادين». وأشار عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد وصول قوات النظام والحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية والمسلحين السوريين والفلسطينيين والعراقيين الموالين للنظام، إلى غرب البوكمال وبالتحديد إلى منطقة عشاير، لم يجرِ أي تقدم نحو الجيب المتبقي غرب البوكمال والمتمثل بمنطقتي حسرات والسيال، وهو آخر وجود للتنظيم في غرب الفرات ضمن محافظة دير الزور»، معتبرا أن ذلك «يعطي انطباعا بأن القوات الإيرانية بقيادة سليماني عبّدت الطريق السياسي وأنهت دورها في تحقيق هدفها الذي يلتقي مع هدفي النظام وحزب الله».
رغم التقدم الكبير الذي حققته قوات النظام وحلفاؤها في الأسابيع الماضية في محافظة دير الزور على حساب تنظيم داعش، فإن الأخير لا يزال وبحسب مدير مرصد «الفرات بوست» الناشط في دير الزور أحمد الرمضان يسيطر على أقل من 30 في المائة من مجمل المحافظة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى إمكانية تقسيم مناطق سيطرة النظام والمسلحين الموالين له في المحافظة إلى 4 أقسام، منطقة خاضعة لسيطرة الروس، ومنطقة خاضعة لسيطرة الميليشيات الإيرانية، ومنطقة ثالثة خاضعة للميليشيات الأفغانية. أما المنطقة الرابعة والمتمثلة بمدينة دير الزور ومحيطها فهي خاضعة لقوات النظام التي تنتشر أيضا على المناطق السابق ذكرها. وأوضح الرمضان أن المعارك تتركز حاليا بين النظام وحلفائه من جهة وعناصر «داعش» من جهة أخرى في الضفة الشرقية لنهر الفرات وبالتحديد في المنطقة الممتدة من الشعيطات إلى معبر الباعوز الحدودي مع العراق، لافتا إلى أن المعارك بين «داعش» و«قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور متوقفة منذ نحو 10 أيام.
وأفاد «المرصد» بأن طائرات يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي قصفت أماكن في مدخل بلدة هجين الواقعة في شرق نهر الفرات، بالريف الشرقي لدير الزور، فيما تحدث «الإعلام الحربي» عن عثور قوات النظام السوري على «كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة والعبوات الناسفة، بعضها أميركي الصنع، خلال تمشيطها مناطق العشارة وصبيخان والصالحية التي تمّت السيطرة عليها من مسلحي تنظيم داعش بريف دير الزور الجنوبي الشرقي». ونُقل عن أحد القادة الميدانيين أنّ «الأسلحة التي تمّ العثور عليها وهي من مخلفات مسلحي داعش، تتراوح بين الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، من بينها أسلحة أميركية الصنع إضافة لمئات من القذائف المتنوعة وذخائر وأسلحة أخرى من صنع عدة دول أوروبية وغربية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».