الجيش الليبي ينفي تورط موالين له في جريمة «جثث الأبيار»

TT

الجيش الليبي ينفي تورط موالين له في جريمة «جثث الأبيار»

نفى الجيش الوطني الليبي مجددا اتهامات بتورط جماعات مسلحة موالية له في مقتل 36 رجلا، تم العثور على جثثهم خلال الشهر الماضي قرب بلدة الأبيار بشرق البلاد، فيما أعلن البيت الأبيض في بيان مقتضب أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سوف يستضيف فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، اليوم، لإجراء محادثات بشأن التعاون في مكافحة الإرهاب وسبل تعزيز المشاركة بين البلدين.
وجاء الإعلان عن زيارة السراج إلى أميركا في وقت كشفت فيه صحيفة «الغارديان» البريطانية، النقاب أمس، عن اقتراح شركة «بلاك ووتر» الأميركية للخدمات الأمنية والعسكرية، الداعمة لترمب، إقامة قوة عسكرية خاصة في ليبيا، مشيرة إلى أن إريك برنس مؤسس الشركة يدفع بخطة للتدخل في أزمة المهاجرين في ليبيا، حيث اقترحت الشركة تأسيس قوات شرطة خاصة.
ونقلت الصحيفة عنه أن المقترح «سيكون خيارا أكثر إنسانية للاتحاد الأوروبي مقارنة بالفوضى التي تعم ليبيا، خاصة في ظل انتشار تقارير عن خروقات إنسانية كبيرة ترتكبها الميليشيات الليبية ضد المهاجرين»، معتبرا أنه سيكون سهلا نسبيا على الشركة إعادة عشرات الآلاف من اللاجئين الأفارقة، الذين يسعون للسفر إلى أوروبا إلى بلدانهم.
وقال برنس لاحقا لصحيفة «كوريرا ديلا سيرا» الإيطالية، إن «وقف تدفق المهاجرين من السودان وتشاد والنيجر يتطلب تأسيس شرطة مراقبة حدود جنوب ليبيا، بدلا من التعويل على الفصائل الليبية المسلحة، التي وجهت إليها كثير من الاتهامات بمخالفة حقوق الإنسان، وأدانته بشدة الأمم المتحدة». وتقضي المبادرة بإنشاء ثلاث قواعد تدريب، ونشر نحو 750 مستشارا أجنبيا فيها، سيتولون مهام التنسيق والقيادة والاتصالات، فضلا عن استخدام طائرة استطلاع وبعض المروحيات للبحث عن مركبات مهربي البشر.
إلى ذلك، رفض ناطق باسم الجيش الوطني الليبي اتهاما وجهته أمس منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية لجماعات مسلحة موالية للجيش، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، بـ«مسؤوليتها عن مقتل 36 شخصا»، عثرت الشرطة خلال الشهر الماضي على جثثهم على طريق رئيسية تقع على بعد نحو 50 كيلومترا شرق بنغازي في منطقة يسيطر عليها الجيش، الذي قال، بعد قليل من الإعلان عن العثور عليهم، إنه فتح تحقيقا في الواقعة.
وقالت المنظمة الأميركية إن أقارب ستة من الضحايا أبلغوها بأن جماعات مسلحة موالية للجيش في بنغازي ومواقع أخرى أخذت ذويهم من منازلهم في تواريخ مختلفة، مشيرة إلى أن الأقارب جميعهم قالوا إن الجثث عليها آثار أعيرة نارية، وإن أيدي الضحايا كانت مقيدة خلف ظهورهم، موضحة أن عائلاتهم مُنعت من إقامة سرادقات عزاء أمام منازلهم في بنغازي.
واستشهدت المنظمة بما قاله محقق مختص في الطب الشرعي، راجع صور 23 جثة، بأن الإصابات تشير إلى إطلاق نار من مسافة قصيرة. وقال إريك جولدشتاين، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، إن «تعهدات الجيش الوطني الليبي بإجراء تحقيقات في حوادث قتل غير قانونية متكررة في مناطق تحت سيطرته بشرق ليبيا لم تؤد لأي شيء حتى الآن»، مبرزا أن «الجيش سيكون متغاضيا عن جرائم حرب واضحة إذا تبين أن تعهده بالتحقيق في هذا الاكتشاف البشع في الأبيار مجرد وعد فارغ آخر».
لكن مسؤولين في الجيش الوطني وقوات الصاعقة التابعة له، نفوا مجددا لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه «الادعاءات»، وقالوا في المقابل إن «تحقيقات الجيش لم تنته بعد لتحديد المسؤول عن هذا العمل الإجرامي»، على حد تعبيرهم. والجثث التي عثر عليها قرب بلدة الأبيار بشرق ليبيا، هي أحدث حلقة في سلسلة من الحالات المشابهة هناك، علما بأن حفتر أعلن عن تحقيقات رسمية مع الرائد محمود الورفلي، قائد قوة خاصة مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة إعدام عشرات السجناء، رغم أن مكانه لا يزال غير معروف على وجه التحديد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.