وزير الدفاع السوداني: زعيم «الجنجويد» المعتقل سيقدم إلى محاكمة عسكرية

أعلن مقتل 14 من أتباع موسى هلال... والأمم المتحدة ترسل فريق تقصي حقائق إلى منطقة الاشتباكات

TT

وزير الدفاع السوداني: زعيم «الجنجويد» المعتقل سيقدم إلى محاكمة عسكرية

أعلن وزير الدولة للدفاع السوداني علي محمد سالم أمس، أن رئيس مجلس الصحوة المسلح في دارفور موسى هلال الذي اعتقلته القوات السودانية الأسبوع الماضي، سيمثل مع أبنائه أمام القضاء العسكري، فيما أعلنت الأمم المتحدة إرسال فريق تقصي حقائق للمنطقة لدراسة الأوضاع ميدانياً، ومعرفة ما إن كانت قد ارتكبت انتهاكات أثناء الاشتباكات.
واعتقلت وحدة من قوات الدعم السريع السودانية هلال، الحليف السابق للرئيس السوداني عمر البشير في مكافحة المتمردين في ولاية غرب دارفور، الأحد الماضي في منطقة مستريحة في ولاية شمال دارفور. ومستريحة هي مسقط رأس هلال ومعقله، وقد اشتبك مسلحون من قبيلته المحاميد مع عناصر من قوات الدعم السريع مرات عدة في دارفور خلال الأشهر الأخيرة. وأكد سالم أمام البرلمان أن هلال سيحاكم أمام القضاء العسكري لأنه قاد قوة حرس الحدود التابعة للقوات المسلحة.
وأشار سالم إلى مصرع 14 وإصابة 24 من القوات التابعة للزعيم القبلي موسى هلال «قوات مجلس الصحوة الثوري»، ومقتل 8 من «قوات الدعم السريع»، وإصابة طفل بطلقة طائشة، في الاشتباكات التي شهدتها منطقة «مستريحة» بولاية شمال دارفور، في اشتباكات الأحد الماضي. وقال الفريق سالم، في رده على «مسألة مستعجلة في البرلمان السوداني»، تتعلق بأحداث «مستريحة»، إن «قوات الدعم السريع» - تابعة للجيش السوداني - اعتقلت 50 من قوات «مجلس الصحوة الثوري»، وإن ثلاثين منهم رحلوا إلى الخرطوم حتى أمس، وإن العدد الباقي يكتمل ترحليهم لاحقاً.
وبشأن «زعيم الجنجويد» موسى هلال، الذي اعتقل الاثنين الماضي، قال سالم: «هو حاليا تحت الحراسة المشددة بالقيادة العامة للجيش بالخرطوم، ويخضع للتحقيق، وسيقدم إلى محاكمة عادلة». واتهم الوزير هلال بتحويل منطقته، إلى مأوى للخارجين عن القانون، وقال إنهم يحتمون به، فيوفر لهم الغطاء، وأضاف للتدليل على اتهامه: «المتطوعة السويسرية المختطفة، كانت محتجزة بمنطقة مستريحة طوال الفترة الماضية».
وقال الأمن السوداني، الأربعاء الماضي، إنه حرر المتطوعة السويسرية مارغريت شينكيل المخطوفة منذ 2 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعملية أمنية معقدة، دون تقديم تفاصيل. وألقى الجيش السوداني الاثنين الماضي، القبض على موسى هلال، وعدد من معاونيه، وثلاثة من أنجاله ورحلهم إلى الخرطوم مقيدين، واحتجزهم في مكان لم يعلن عنه إلاّ أمس.
ولم تشفع لهلال الذي يتزعم عشيرة «المحاميد» من فروع قبيلة الرزيقات العربية بغرب البلاد، مساندته للجيش السوداني أثناء الحرب مع الحركات المسلحة المتمردة في دارفور. وفرض مجلس الأمن الدولي في 2006 حظر سفر دوليا وتجميد ممتلكات هلال، لدوره في إسناد القوات الحكومية، واتهمه بـ«عرقلة عملية السلام في دارفور»، فيما وضعته الإدارة الأميركية ضمن قائمتها للمشتبه في ارتكابهم جرائم حرب.
وتوترت العلاقة بين الرجل والخرطوم، إثر تكوين «قوات الدعم السريع» التي أوكلت قيادتها لابن عمومته محمد حمدان حميدتي، الذي يتزعم الفخذ الأخرى من الرزيقات «الماهرية». وأرجعت تحليلات توتر العلاقة بين هلال والخرطوم، إلى إجهاض طموحه في الحصول على منصب «والي لولاية شمال دارفور، أو منصب نائب رئيس»، ولأن الخرطوم منحته بطاقة نائب بالبرلمان ما يزال يحملها، فضلاً عن نصب مستشار بديوان الحكم الاتحادي التابع للرئاسة، وكلاهما دون طموحه.
وازدادت حالة التوتر بينه وبين الحكومة إثر إطلاق حملة جمع السلاح في دارفور وكردفان في أغسطس (آب) الماضي، فناهضها الرجل، ورفض نزع سلاح قواته «حرس الحدود»، وكان قد رفض سابقاً دمج هذه القوات - تتبع للجيش السوداني - مع قوات الدعم السريع. ومنذ 2003 يشهد إقليم «دارفور» نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية، ومتمردين، خلف نحو 300 ألف قتيل وشرد قرابة 2.7 مليون شخص، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، لكن الخرطوم ومنذ أكثر من عام أعلنت الإقليم خاليا من التمرد.
من جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة، إرسال فريق تقصي حقائق، إلى منطقة «مستريحة» للوقوف على الأوضاع ميدانياً، بعد الاشتباكات التي شهدتها المنطقة الأحد الماضي. وقال الممثل المقيم لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، عبد الله فاضل في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن وفدا مشتركا من بعثة حفظ السلام في دارفور «يوناميد» ومنظمته سيذهب إلى مستريحة في غضون ساعات للوقوف على الأوضاع هناك.
وأوضح فاضل أن مهمة الوفد تتمثل في التحري عن وقوع انتهاكات على المواطنين والأطفال، وتابع: «مؤكد هناك أطفال ومن المحتمل إصابتهم ببعض الأضرار». وفي السياق، اتهم مجلس الأمن الدولي حركة «تحرير جيش السودان»، بزعامة مني أركو مناوي، بعدم الإيفاء بتعهدها بوقف تجنيد الأطفال، وبأنها واصلت تجنيدهم في قواتها.
وقال رئيس «مجموعة عمل مجلس الأمن حول الأطفال والنزاعات المسلحة» أولوف سكوغ، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن حركة تحرير السودان دأبت على تجنيد وتجييش الأطفال طوال عامين، واستمر ذلك حتى مايو (أيار) الماضي. وأعلن المسؤول الأممي أن أطفالاً بأحد معسكرات النازحين في دارفور «سورتني»، أكدوا له وجود أعداد من الأطفال المجندين في الحركات المسلحة. وأضاف سكوغ: «قائد حركة تحرير السودان مني مناوي، خرق اتفاقه معنا بوقف تجنيد الأطفال». وهو الاتفاق الذي وقعته حركات دارفور المسلحة، إضافة للحركة الشعبية - الشمال، في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مع الأمم المتحدة، لكن سوغ قال إن فريقه لم يستطع وصول المنطقتين.
وأكد سكوغ: «التزاما من الحكومة السودانية في منع تجنيد الأطفال والتعامل معهم بعد إلقاء القبض عليهم كضحايا وليسوا مجرمين»، مشيداً بالتزامها بسن التشريعات التي تجرم تجنيد الأطفال. وأجرى فريق مجموعة عمل مجلس الأمن - وصل البلاد هذا الأسبوع - لقاءات مع مسؤولين في وزارات الدفاع والداخلية والرعاية الاجتماعية والعدل، ومفوضي نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج والعون الإنساني.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».