إحباط في غزة وتخوف من انهيار المصالحة

TT

إحباط في غزة وتخوف من انهيار المصالحة

تسود حالة من الإحباط الكبير والقلق في أوساط سكان قطاع غزة عقب الخلاف المتجدد بين حركتي «فتح» و«حماس» حول تمكين الحكومة الفلسطينية في القطاع، وهو الخلاف الذي أعاد للأذهان الفشل المتكرر للفصيلين في تجاوز عقبة الانقسام.
ويتطلع الغزيون أكثر من غيرهم إلى حل جذري يخلصهم من مشاكل حياتية متفاقمة ويسمح لهم بحرية الحركة كذلك. وكان قياديون من «فتح» و«حماس» تبادلوا اتهامات حادة بالسعي إلى إفشال المصالحة.
وتحوّل الغضب في قطاع غزة إلى فرصة للتندر والسخرية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك في الأحاديث الجانبية وسط تساؤلات عن مصير المصالحة ومعها غزة القابعة تحت وطأة الحصار والخلافات السياسية.
وأطلق مستخدمون فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغات مثل «ثورة التمكين» و«أنقذوا التمكين»، في إشارة تهكمية إلى واقع الحال في ظل حالة الجدل بين «فتح» و«حماس».
وقال الناشط يوسف أبو جياب لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يجري مهزلة يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني الذي لا يجد طريقاً للسفر من أجل حقه في العلاج أو الدراسة، وحتى لا يجد الدواء في مستشفيات قطاع غزة في غالبية الأيام». وأضاف أن «المواطنين أصبحوا يشعرون بالعجز الكامل إزاء ما يجري من تناقضات في حقيقة التفاهمات التي تجري وما يدور خلف الكواليس».
وأضاف: «لم يعد أحد من المسؤولين يشعر بوجع وألم السكان الذين بات الكثير منهم يعيشون تحت خط الفقر، والبطالة ترتفع أرقامها من يوم إلى آخر، والشباب بلا أمل أو مستقبل». وطالب الفصائل بتحمل مسؤولياتها تجاه سكان القطاع، «والعمل من أجل التراجع عن العقوبات، من رواتب وقطع للكهرباء وغيرهما، وفك الحصار الإسرائيلي من خلال فتح المعابر وضمان استمراريتها».
ورأت الناشطة الإعلامية نداء الشريف أن استمرار حالة الانقسام «يفيد بعض الفصائل أكثر من المصالحة، ولذلك بات الوصول لاتفاق واضح مجرد أحلام لا يمكن تحقيقها». وقالت إن «المواطنين يشعرون بالإحباط نتيجة هذه الحالة». واتفقت مع أبو جياب على أن «المواطن الفلسطيني يدفع وحده ثمن المنافع السياسية للفصائل المتناحرة فيما بينها». ودعت الفلسطينيين إلى «النزول إلى الشوارع وعدم الاكتفاء فقط بالنقد والشعور بالقهر نتيجة ما يجري»، مؤكدة «ضرورة وجود حراك حقيقي يدفع المسؤولين إلى الانتباه لواقع الحال الصعب في قطاع غزة».
ويقول السائق جميل حلاوة (43 عاماً) إن سيارته «تحولت لصالون سياسي على مدار الساعة يتحدث فيه الركاب عن الوضع السياسي الصعب وأحوال الانقسام». وأشار إلى أن «غالبية المواطنين غير متفائلين بإمكانية نجاح التفاهمات التي يتم التوصل إليها بين حماس وفتح». وأضاف أن «هناك عائلات لا تجد قوت يومها بسبب الوضع المأساوي للحياة في غزة».
وفي السياق، نظم ناشطون شبان وقفة في ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة، لإطلاق وثيقة تحمل اسم «نداء الشباب للمصالحة»، أكدت «ضرورة تجاوز سنوات الانقسام ومعالجة آثاره، وأن تكون الوحدة الوطنية في إطار الشراكة وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية». وشددت على «ضرورة رفع العقوبات عن غزة وتمكين الحكومة».
واعتبر الموقعون على الوثيقة محتواها «رسالة واضحة ومهمة في ضوء النتائج المتواضعة التي لم تتوافق مع تطلعات الشعب الفلسطيني وتضحياته التي تضمنها البيان الختامي لجلسات الحوار التي عقدت في القاهرة».
وأشارت الوثيقة إلى أن «الشباب في غزة يعيشون أزمات إنسانية كبيرة بفعل هذه الإجراءات تارة، وأخرى بفعل الحصار الإسرائيلي الممتد على مدار السنوات العشر الأخيرة». واعتبرت رفع العقوبات عن غزة «مسؤولية أخلاقية وقانونية ووطنية تقع على عاتق حكومة الوفاق للإسراع بتحسين الظروف الإنسانية في قطاع غزة، إضافة إلى التزامها الكامل بمبدأ سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».