السعودية تسهّل الاستثمار الأجنبي في قطاع خدمات ومعدات النفط

TT

السعودية تسهّل الاستثمار الأجنبي في قطاع خدمات ومعدات النفط

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية العالمية «ستراتيجي&» («بوز آند كومباني» سابقاً)، وهي جزء من شبكة «بي دبليو سي» العالمية، أن على الشركات المتعددة الجنسيات وشركائها السعوديين المحليين العاملين في قطاع خدمات ومعدات حقول النفط مراجعة استراتيجيات ومناهج إقامةَ الشراكات من أجل مواصلة النمو والازدهار. وأكدت الدراسة هيمنة الشراكات بين الشركات المتعددة الجنسيات والشركات المحلية على قطاع خدمات ومعدات حقول النفط في المملكة العربية السعودية، وفي البدء كانت الشركات متعددة الجنسيات تعمل بمفردها في القطاع، إلى أن اقتضت التغييرات في المتطلبات التنظيمية المحلية مشاركة الشركات المحلية.
وقد قامت يومها كثير من الشركات متعددة الجنسيات، التي دخلت السوق في سبعينات القرن العشرين، بالخضوع للأنظمة المحلية ولما تقتضيه من المتطلبات، وتم لها ذلك من خلال الشراكة مع مجموعات صناعية عائلية ومليئة، بالإضافة لقيام الشركات المحلية بدور الوكلاء والموزعين للسلع المُصنَّعة في الخارج.
ومع التوجهات الأخيرة نحو زيادة الشفافية وتشجيع الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية من خلال إعادة مراجعة الأنظمة الرئيسية السائدة، سوف تُسهل على الشركات متعددة الجنسيات ممارسة أعمالها في المملكة بدون الحاجة إلى شركاء محليين. وقد أعربت المملكة مراراً عن رغبتها في إصلاح وتحرير اقتصادها. ويتجلى ذلك أولاً في إنشاء الهيئة العامة للاستثمار، وثانياً في انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2005، بالإضافة إلى كثير من الإجراءات والحوافز الأخرى المشجعة للاستثمار الأجنبي.
وفي تعليق له على دور الشراكات، قال جورج شحادة، وهو شريك في «ستراتيجي&» بمنطقة الشرق الأوسط، وعضو في قطاع الطاقة والكيماويات والمرافق العامة: «لا تزال الشراكات خياراً مهماً للشركات الأجنبية الصغيرة الحجم التي لديها خبرة دولية أقل، أو للشركات الجديدة في السوق السعودية. وبالنسبة لهذه الشركات، فإن إنشاء وكالة أو شركة توزيع مرخصة سيسمح لها بفهم القوى المحرّكة للسوق وتخفيف المخاطر عليها».
وعلى صعيد التطورات الأخرى، فإن التركيز المتزايد أخيراً في سياسة المملكة العربية السعودية على الحصول على السلع والخدمات محلياً، وذلك من أجل استحداث المزيد من فرص العمل، يُوفّر حافزاً جديداً للشركات المتعددة الجنسيات للبحث عن شركاء محليين وتعزيز زيادة المحتوى المحلي. وتتمثل مبادرة زيادة المحتوى المحلي لقطاع خدمات حقول النفط في برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية في المملكة (اكتفاء) لشركة «أرامكو السعودية» الذي أطلق في ديسمبر (كانون الأول) 2015. وتشمل أهداف «اكتفاء» ما يلي:
- مضاعفة النسبة المئوية للسلع والخدمات المرتبطة بالطاقة المُنتجة محلياً من 35 في المائة في عام 2015، إلى 70 في المائة بحلول عام 2021.
- تصدير حصة مقدارها 30 في المائة من إنتاج صناعة السلع ومن خدمات الطاقة المحلية.
- استحداث نصف مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة للمواطنين السعوديين.
وعلى الرغم من أن «اكتفاء» لا يزال في مراحل التطوير، فإنه قد حقق بالفعل آثاراً ملحوظة. وقد أفادت أرامكو السعودية بأن السلع المرتبطة بالطاقة المُنتجة محلياً شكَّلت 43 في المائة من مجموع الإنتاج في عام 2016، بعد أن كانت 37 في المائة في عام 2015. وبالإضافة إلى ذلك، كان تقييم «اكتفاء» عنصراً رئيسياً في عملية اختيار الموردين في عقود قد تربو قيمتها على 60 مليار ريال سعودي (16 مليار دولار أميركي). وتُجبر تلبية مستهدفات «اكتفاء» بالحفاظ على القدرة التنافسية للشركات المتعددة الجنسيات وعلى إعادة التفكير في عمليات سلسلة التوريد بحيث تتحول إلى التعامل مع موردين محليين وتطوير سلسلة التوريد المحلية حيثما كانت مبررة من الناحية الاقتصادية. وتوفر البيئة المتغيرة فرصة للشركات المحلية التي تقوم على نحو استباقي بتطوير وتكييف قدراتها لدعم زيادة المحتوى المحلي في الشركات المتعددة الجنسيات لتكون في وضع يُمكّنها من الاحتفاظ بشراكاتها القائمة، واستقطاب شراكات جديدة مع الشركات متعددة الجنسيات. وأضاف الدكتور يحيى عانوتي، وهو مدير أول في «ستراتيجي&» بمنطقة الشرق الأوسط وعضو في قطاع الطاقة والكيماويات والمرافق: «توفر البيئة المتغيرة فرصاً مهمة للشركات المحلية التي تعمل بشكل استباقي على مواءمة استراتيجيتها وقدراتها لتلبية المتطلبات الجديدة، وذلك بزيادة الحصة من المحتوى المحلي».
وأشارت الدراسة إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات ستحتاج، من أجل تحقيق نجاحها المستقبلي، إلى تحسين كيفية تفاعلها مع الشركاء المحليين، ولا سيما في مجالات مثل التمويل، والتقنية، والعمليات، والخدمات المشتركة، وزيادة حصة المحتوى المحلي، والشؤون العامة، والمساندة، والتسويق، وسلسلة التوريد.
وعقب ديفيد برانسون، المستشار التنفيذي في «ستراتيجي&» بمنطقة الشرق الأوسط وعضو في قطاع الطاقة والكيماويات والمرافق العامة، على ذلك بالقول: «على الرغم من أن المشهد الاستثماري في المملكة قد يبدو مصدر قلق للشركات المحلية، فإن التغييرات الحالية تبشر ببداية المرحلة التالية من التطوير لقطاع خدمات ومعدات حقول النفط. وفي هذا العصر الجديد للشراكات، سيتحقق النجاح للشركات المتعددة الجنسيات التي يمكنها الاستفادة من الشراكات المحلية لأجل دفع زيادة المحتوى المحلي، وللشركات المحلية التي يمكنها تقديم قدراتها لدعم هذه العملية».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.