ابن كيران: لم أطلب التمديد... وحزبنا غير مهدد

«العدالة والتنمية» المغربي يصادق اليوم على تعديل النظام الأساسي

الشرطة المغربية تفض مصادمات بين شباب مغاربة ومهاجرين أفارقة أمس في الدار البيضاء (أ.ف.ب)
الشرطة المغربية تفض مصادمات بين شباب مغاربة ومهاجرين أفارقة أمس في الدار البيضاء (أ.ف.ب)
TT

ابن كيران: لم أطلب التمديد... وحزبنا غير مهدد

الشرطة المغربية تفض مصادمات بين شباب مغاربة ومهاجرين أفارقة أمس في الدار البيضاء (أ.ف.ب)
الشرطة المغربية تفض مصادمات بين شباب مغاربة ومهاجرين أفارقة أمس في الدار البيضاء (أ.ف.ب)

توقع عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، رئيس الحكومة السابق، أن يتجاوز الحزب خلافاته الداخلية، ويلتزم جميع أعضائه بالقرارات التي ستصدر عن مؤتمره العام المقرر يومي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول)  المقبل، الذي من المرجح أن يجري خلاله التمديد له لولاية ثالثة على رأس الحزب.
وأوضح ابن كيران خلال افتتاح أشغال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) التي عقدت أمس بسلا، وتتواصل حتى اليوم (الأحد)، أنه «كانت لدي الثقة أن حزبنا جسده سليم، يمكن أن يختلف البعض أو أن يؤذي أحدنا أخاه بكلام أو شيء... لكن الذين اشتطوا عن اليمين أو اليسار سيعودون إلى القواعد، لأننا لم نصل لدرجة الانحراف التي تهدد الحزب».
وجاء حديث ابن كيران في سياق الخلافات التي تفجرت عقب إعفائه من قبل الملك محمد السادس من رئاسة الحكومة، بعد نحو ستة أشهر من عرقلة تشكيلها من قبل حلفائه في الحكومة السابقة، وتعيين سعد الدين العثماني خلفاً له.
ثم تفاقمت تلك الخلافات بشكل غير مسبوق بعد قرار تعديل النظام الداخلي للحزب الذي عارضه بشدة عدد من القياديين، وعلى رأسهم مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، ووزير العدل السابق، الذين رأوا فيه تهديداً لديمقراطية الحزب الداخلية، فيما يؤيد تيار واسع استمرار ابن كيران أميناً عاماً للحزب.
وتعليقاً على موضوع التمديد له لولاية ثالثة، قال ابن كيران إنه لم يطلب لا الولاية الثالثة ولا منصب الأمين العام ولا رئيس الحكومة ولا رئيس الحركة (حركة التوحيد والإصلاح). وتأسف في سياق كلامه، لتلويح عدد من قيادات الحزب الذين يطلق عليه اسم «تيار الوزراء»، بمغادرة الحزب إذا تمت المصادقة على تعديل القانون الداخلي للحزب، وقال إن الأمر أقلقه لأن «الديمقراطية تقتضي القبول بأي نتيجة وبأي قرار تتخذه الأغلبية».
ويتجه المجلس الوطني للحزب إلى المصادقة على قرار تعديل نظامه الداخلي الذي يسمح للأمين العام بتولي ثلاث ولايات بدل اثنين، وهو التعديل الذي كانت قد أقرته لجنة داخلية في خطوة تمهد لانتخاب ابن كيران مجدداً على رأس الحزب.
وأقر ابن كيران بأن حزبه سبق وأن عاش ظروفاً صعبة إلا أنها المرة الأولى التي يعرف فيها خلافاً داخلياً بهذا الحجم، بيد أنه عبر عن قدرة حزبه على تجاوزها. وقال: «استطعنا احتواء الخلافات وسنمضي للمؤتمر ونخرج بالنتائج النهائية التي أتصور أن الجميع سيقبل بها». وقال أيضاً «مشكلتنا داخلية، ويجب أن نعالجها كرجال كبار، يحملون مثلاً علياً، يُعطون الدليل أن الأمور مرتبة عندهم ترتيباً صحيحاً».
وأكد ابن كيران أن حزب العدالة والتنمية «يولد جديداً كل يوم لأنه حزب ذو ثوابت وليس حزباً جامداً»، مشيراً إلى أنه مبني على ثوابت المرجعية الإسلامية، وثوابت الوفاء والولاء للملكية، وثوابت الحفاظ على استقلالية القرار الديمقراطي الداخلي.
وجدد الرميد رفضه التمديد لابن كيران، وقال أمس «هناك أسباب قانونية وأخرى سياسية تجعلني لا أقول مطلقاً بصوابية التمديد». وتابع بقوله: «شخصياً لا أرى أي مصلحة في ولاية ثالثة، بل المصلحة في أن يحترم الحزب قانونه وألا يعدله، لأن تعديله سوف يخرج بنا عن منهج الحزب الذي اشتغلنا به إلى منهج آخر نحن في غنى عنه».
بدوره أقر سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، بأن حزبه «مر من مخاض»، بيد أنه دعا إلى تجنب التهويل أو التهوين، وتابع: «نحن نتمسك بالمبادئ التي نؤمن بها، وبالمنهج التي توافقنا عليه وسجلناه في وثائقنا الرسمية»، وأضاف: «نحن واعون أن حزبنا إنما أتى لخدمة المصلحة الوطنية العليا، فإنْ تمسكنا بهذه الأمور فليس هناك أي خطر على الحزب». ودعا العثماني أعضاء الحزب بأن يظلوا أوفياء لمبادئه، ويحافظوا على وحدته، فيما الخلافات قابلة للنقاش، وهي برأيه «دليل على الغنى والتنوع».
ومن المقرر أن يصادق المجلس اليوم على وثيقة تتعلق بتوجهات الحزب للمرحلة المقبلة، واعتماد مشروع تعديل النظام الأساسي، إضافة إلى المصادقة على إجراءات انتخاب المجلس الوطني من قبل المؤتمر.
كما ستصادق الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني، أيضاً، على مسطرة انتخاب الأمين العام وأعضاء الأمانة العامة، ثم المصادقة على رئيس المؤتمر المقبل، ولجنة رئاسة المؤتمر، وعلى جدول أعمال المؤتمر وموازنته.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.