العراق يطارد «داعش» في صحاريه

أطلق عملية تشمل الشريط الحدودي مع سوريا وتستمر أسابيع

TT

العراق يطارد «داعش» في صحاريه

أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية، أمس، أن قواتها شرعت في «عملية واسعة لتطهير» مناطق الجزيرة الواقعة بين محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار، في سياق المرحلة الثانية من عمليات مطاردة عناصر تنظيم داعش الذين يتخذون من المساحات الصحراوية الشاسعة الواصلة إلى الحدود مع سوريا ملاذاً ومنطلقاً لشن عملياتها على المدن وقوات الأمن.
وتتوقع مصادر عسكرية استمرار العملية أكثر من 3 أسابيع، خصوصاً أن القوات العراقية لم تصل إلى عمق صحراء الجزيرة منذ 2003.
وقالت «خلية الإعلام الحربي» التابعة لقيادة العمليات في بيان، أمس، إن قيادة العمليات أشركت في عملية تطهير منطقة الجزيرة وأعالي الفرات، «اللواء 91» من «الفرقة 16» و«الفرقة المدرعة التاسعة» وألويتها التي تتبع قيادة عمليات صلاح الدين، إلى جانب الفرقة الثالثة من الشرطة الاتحادية، وطيران الجيش و12 لواء من «الحشد الشعبي».
وأشار بيان آخر لـ«الخلية» إلى أن طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وجه ضربة لأهداف تابعة لعناصر «داعش» في صحراء الجزيرة؛ «أسفرت عن تدمير 22 هدفاً، بينها مقرات وأوكار ومخازن للعجلات المفخخة والمعدة لاستهداف المدنيين والقوات الأمنية».
وكان قائد «عمليات الجزيرة» اللواء الركن قاسم المحمدي أعلن، أول من أمس، عن تطهير الطريق الرابطة بين قضاء عانة والحدود العراقية - السورية غرب محافظة الأنبار.
وعدّ رئيس الوزراء حيدر العبادي أن «(داعش) انكسر عسكريا في العراق». وقال خلال ترؤسه اجتماع الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، أمس: «لدينا حالياً عمليات تطهير لمناطق واسعة، والعمل المقبل سيعتمد على الجهد الاستخباراتي... لدينا قدرات استخباراتية كبيرة استطاعت النجاح في كثير من التحديات».
وأضاف أن «(داعش) قام بتخريب كبير في المناطق التي احتلها، وتضررت كذلك بقية المناطق التي تم إيقاف المشاريع والتنمية فيها... لكن بلدنا تحرّر بوحدتنا، وأصبح الخطاب الطائفي مرفوضاً ومنبوذاً»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأكد العبادي أن «محاربة الفساد ليست شعاراً، وإنما هي عمل لتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين، وهذا العمل مدروس، وهناك حملات من الفاسدين لخلط الأوراق واتهام الجميع بالفساد، وكلما نقضي على فاسد فسنزداد قوة، وعلينا أن نميّز بين خطأ إداري بسيط وفساد حقيقي». وأشار إلى أن «هناك فساداً غير مباشر يتمثل بتنفيذ مشاريع ليست ذات أهمية للمواطن وليست من أولويات المحافظة، وهذا ما أدى إلى أن يكون التطور في البلد ليس بحجم الإنفاق».
من جهة أخرى، أعلنت قيادة قوات الحدود التابعة لوزارة الداخلية أنها بدأت نصب عشرات من كاميرات المراقبة على الشريط الحدودي مع دول الجوار. وقال قائد قوات الحدود الفريق حامد الحسيني إن «التحدي الأكبر الذي يواجه قوات الحدود في ملف مسك الشريط الحدودي العراقي الذي يمتد لنحو 3600 كيلومتر، هو الطرق غير المعبدة».
وأشار إلى أن «عملية مسك الحدود المحاذية لستّ دول صعبة، مع وجود نحو 10 في المائة من الطرق المعبدة. ومع ذلك أجرينا تحسينات كبيرة على الحدود، لجهة نصب عشرات الكاميرات للمراقبة يصل مداها إلى 40 كيلومتراً، إلى جانب تسيير طائرات مراقبة وعمليات حفر خنادق».
وكشف الحسيني خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد، أمس، أن قيادة قوات الحدود «تركز في هذه الفترة على القاطع الأهم، وهو الشريط الحدودي بين العراق وكل من سوريا والأردن لأنه يمثل خط المواجهة الأول مع (داعش)».
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان النائب حاكم الزاملي إن «القوات المسلحة العراقية بمختلف صنوفها وتشكيلاتها تمكنت من تحرير الأراضي التي ‏سيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي في عهد الحكومة السابقة». وأشار في بيان إلى أن «التنظيم الإرهابي أصبح في حكم ‏المنتهي عسكرياً». وأضاف أن «الانتصارات متتالية، وتمكن القوات العسكرية من حسم المعارك بتوقيتات زمنية قياسية، ‏لم يأت من فراغ».
وكشف أن «القوات المسلحة قتلت أكثر من 70 ألف مقاتل إرهابي عراقي وأجنبي، فضلاً ‏عن اعتقال 5 آلاف إرهابي، بينهم قيادات كبيرة أغلبهم من دول أجنبية». وأشار إلى «أهمية تفعيل الجانب ‏الاستخباراتي للقضاء على الخلايا ‏النائمة المتخفية بين المواطنين، وغلق مرحلة وجود تنظيم داعش الإرهابي ‏في العراق إلى الأبد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.