تشكيل جديد للهيئة العليا للمفاوضات

اجتماع تحضيري للمعارضة السورية في الرياض لتحديد جدول الأعمال

TT

تشكيل جديد للهيئة العليا للمفاوضات

تجري الاستعدادات للإعلان عن تشكيل جديد للهيئة العليا للمفاوضات يشمل منصتي «القاهرة» و«موسكو» وجهات أخرى، مع تغيير مهامها، وذلك في الاجتماع المزمع عقده يومي الأربعاء والخميس المقبلين في الرياض، في حين انعقد الاجتماع التحضيري، أمس، في العاصمة السعودية، لوضع جدول أعمال، وتحديد أجندة الاجتماع.
وقال الدكتور منذر ماخوس، الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا السورية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من باريس، إن الهدف من اجتماع الرياض يومي 22 و23 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، هو محاولة الوصول إلى صيغة تمثيل أعلى وأوسع للمعارضة السورية، بشكل يمكّنها من أن تكون أكثر قدرة على إدارة العملية التفاوضية، والانتقال إلى طور وإطار جديدين، لتشكيل هيئة عليا جديدة ووفد تفاوض جديد.
وأضاف أن الاجتماع سيشهد «توسيعاً في جسم الهيئة العليا، وملامح التعديل من حيث المبدأ تشمل المكونات السابقة ذاتها، من الائتلاف وهيئة التنسيق والفصائل والمستقلين».
ولفت إلى أن عدد الممثلين من كل هذه المكونات، سيكون أكبر مما كان عليه الوضع سابقاً، في المرحلة الماضية، متوقعاً أن يبلغ العدد نحو 150 عضواً، بينما كان العدد في المرحلة السابق يتراوح بين 114 و115 عضواً، وستكبر حصة كل مكون ينضم إلى الهيئة.
وعن رأيه فيما إذا كان التشكيل الجديد سيخدم القضية السورية بشكل أفضل، أكد ماخوس، أن المطلوب أن يكون الأداء أفضل، ولا بد أن يكون أكثر اتساعاً وتمثيلاً.
وأقرّ بأن أداء الهيئة الحالية لم يكن بالمستوى المطلوب، منوهاً بأن «أحد أوجه التغيير الجديد هو ضم ممثلين عن منصتي القاهرة وموسكو، ومكونات أخرى لم تكون موجودة سابقاً» حسب تعبيره.
ولفت إلى أن وضع التشكيل الجديد، قد يفرز سلاحاً ذا حدين، فمن ناحية إدخال ممثلين لمكونات لم تكن مشاركة سابقاً، في ظل ضغط روسي لإشراك منصة «موسكو»، على وجه التحديد، وتابع: «مع الأخذ في الاعتبار أن الجهات التي ستنضم إلى الهيئة لديها مواقف سياسية مختلفة، خصوصاً فيما يتعلق بمسألة بقاء أطول للأسد وبعملية الانتقال السياسي»، وشدد على أن هذه الاختلافات ستكون أحد أهم التحديات التي تحتاج إلى معالجة وتسوية»، معرباً عن أمله ألا تحيد عما كان عليه خط العمل السياسي العام للمعارضة سابقاً.
وفيما يتعلق بمدى قدرة التشكيل الجديد الموسّع للهيئة العليا على أن يستوعب التفاهمات والاتفاقيات الإقليمية الروسية الأميركية التركية الإيرانية ويتعاطى معها بشكل يعجّل بحل الأزمة السورية في المفاوضات المقبلة، قال ماخوس: «من حيث المبدأ فإن هذه العملية منفصلة، ولكن من حيث المناخ لا بد أن يكون هناك تأثير متبادل بين التشكيل الجديد والتحركات الإقليمية، فالدول الثلاث الراعية للمحادثات السورية: روسيا وتركيا وإيران، ربما تستطيع أن تنفذ رؤيتها سواء على الصعيد الميداني أو السياسي، غير أن اجتماع الرياض ليست له علاقة مباشرة بهذا الموضوع».
ولفت الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا السورية، إلى أن اجتماع «آستانة» الأخير حدث تحت تأثير روسي كبير، وإيراني أيضاً، وهو عبارة عن محاولة لتغيير قواعد اللعبة السياسية، خصوصاً على الصعيد الميداني، لأن «آستانة» كان يركّز على القواعد الميدانية، أما اجتماع «سوتشي» فقد يكون محاولة لوضع إطار سياسي لما يحدث في الساحة.
واعتبر أن تلك العوامل ستغير في اللعبة بشكل كبير لأن اجتماعي «آستانة» و«سوتشي» المقبلين عبارة عن محاولة لسحب العملية السياسية بشكل ما، خصوصاً الميدانية منها، من الهيئة العليا في الرياض إلى ملعب آخر.
ولفت ماخوس إلى أن المرحلة المقبلة من اجتماعات جنيف التي دعا إليها المبعوث الأممي لدى سوريا ستيفان دي ميستورا يوم 28 نوفمبر الجاري، ربما تؤجَّل إلى بداية الشهر المقبل، لأن روسيا قد تطلب منه تأجيل الاجتماع حتى الانتهاء من اجتماع «سوتشي».
إلى ذلك، أكد أسعد الزعبي، الرئيس السابق لوفد المعارضة المفاوض، لـ«الشرق الأوسط، أن الاجتماع التحضيري الذي عُقد أمس في الرياض، هدف إلى مناقشة وضع جدول أعمال يُتفق عليه، لتحديد أجندة اجتماع مؤتمر المعارضة الأربعاء المقبل، والذي من المتوقع أن يستمر لمدة يومين.
في السياق نفسه، قال مستشار الهيئة العليا للمفاوضات يحيى العريضي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الدعوات التي تم إرسالها إلى المدعوين، تؤكد أن المؤتمر سوري – سوري، وأن الأفرقاء السوريين سيضعون الخطة التي من المفترض أن تؤسس لحل الأزمة.
وقال: «سترتكز الاجتماعات على بحث نقاط الالتقاء والخلاف بهدف تقريب وجهات النظر للوصول إلى توافق يحترم مطالب الثورة السورية ويتماهى معها ويثبتها». وحول جهود توحيد المعارضة يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب هو التوصل إلى رؤية موحدة، ونعتقد أن تحقيق ذلك ممكن، انطلاقاً من أن مطالبنا تنسجم مع القرارات التي سبق أن وقّعت عليها الدول الداعية لهذا الأمر، لذا اليوم الكرة في ملعب هذه الدول التي عليها الالتزام بما وقّعت عليه وبالتالي سحب ذريعة تشتّت المعارضة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.