اعتراضات سُنيّة وكردية قد تعرقل إقرار الموازنة

البرلمان العراقي يوافق على تعديل رواتب «الحشد الشعبي» ومخصصاته

TT

اعتراضات سُنيّة وكردية قد تعرقل إقرار الموازنة

تهدد اعتراضات حادة من الكتل الكردية والسنية في مجلس النواب العراقي، بعرقلة إقرار مشروع الموازنة الاتحادية للعام المقبل. ويرى مراقبون أن تمرير المشروع يحتاج «شبه معجزة سياسية»، خصوصاً مع انتهاء الفصل التشريعي ما قبل الأخير للمجلس في دورته الرابعة.
وتتفق القوى الكردية على رفض نسبة الـ12 في المائة المخصصة لإقليم كردستان، في مقابل نسبة الـ17 في المائة التي تطالب بها أربيل، فيما تشدد غالبية القوى السياسية السُنيّة على رفض مسودة الموازنة المقترحة من رئاسة الوزراء، لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار الدمار الذي تعرضت له المحافظات ذات الأغلبية السنيّة (صلاح الدين ونينوى والأنبار) نتيجة الحرب على «داعش».
وقال النائب عن «اتحاد القوى العراقية» الذي يضم قوى سُنّية محمد الكربولي لـ«الشرق الأوسط»: «حين تتحدث عن مناطق مهدمة وتقوم بتخصيص 70 مليون دولار فقط للموازنة الاستثمارية لمحافظة كبيرة ومهدمة مثل الأنبار، فلا تتوقع مني التصويت عليها. لدينا في الأنبار أكثر من 20 جسراً مهدماً، عدا عن بقية الأبنية والمرافق، فكيف سيتم إعمار المحافظة بهذه الأرقام؟».
ورأى أن «الأرقام المخصصة من الموازنة للمحافظات المتضررة مجحفة ولا يشرفني أو يشرف كتلتي التصويت عليها». وأنحى باللائمة على رئيس الوزراء حيدر العبادي لأنه «لم يفعل ما يكفي لإعادة إعمار مدن مثل الموصل أو غيرها، ولم يسع إلى إعادة جميع النازحين، وإن لم يخصص ما يكفي من الأموال لإعادة إعمار المحافظات المتضررة، فذلك يعني أننا قاتلنا الإرهاب عسكرياً ولم نحاربه فكرياً».
وعن القرار المتعلق بمخصصات ورواتب «الحشد الشعبي» الذي صوّت عليه مجلس النواب، أمس، قال الكربولي إنه «قرار وليس قانوناً ملزماً». لكنه أضاف أن «المقاتلين الحقيقيين في الحشد عموماً بحاجة للإنصاف، لكن هذا القرار لن ينصفهم وربما لن ينجح العبادي في إضافته ضمن بنود الموازنة».
وصوت مجلس النواب في غياب رئيسه سليم الجبوري الموجود في الولايات المتحدة وفي حضور النواب الأكراد الذين عادوا للبرلمان أمس للمرة الأولى بعد مقاطعة استمرت أكثر من شهر، على قرار يقضي بإلزام مجلس الوزراء بـ«احتساب فرق الراتب» وتضمين الموازنة «كامل حقوق منتسبي الحشد الشعبي وفقاً للقوانين، ومساواتهم مع أقرانهم في القوات المسلحة، فضلاً عن مناقشة قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي».
وتشير مصادر مقربة من «اتحاد القوى» إلى خلافات بين أطرافها بشأن التخصيصات المالية للمحافظات ذات الأغلبية السُنّية التي احتل «داعش» أجزاء واسعة منها بعد 2014، وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن خصوم وزير التخطيط سلمان الجميلي يتهمونه بـ«محاباة» العبادي وبعض القوى الشيعية في مجلس الوزراء من خلال دعمه للحصة المقررة للمحافظات المتضررة.
لكن النائبة عن «اتحاد القوى» ناهدة الدايني نفت علمها بوجود خلافات بين أعضائه. وشددت لـ«الشرق الأوسط» على أن «الجميع يتفق على ضآلة الأموال المخصصة للمحافظات السنيّة». واستبعدت إقرار الموازنة في الفصل التشريعي الحالي، نتيجة الخلافات الحادة بين الكتل النيابية حول بنودها، خصوصاً من قبل الأكراد والقوى السُنّية. وأضافت: «نحن نعترض على هذه الموازنة جملة وتفصيلاً... مدن كاملة مدمرة ويجب أن تحظى بتخصيصات مالية إضافية، نحن نعلم بالأزمة المالية التي تعاني منها البلاد، لكن هناك أولويات على الدولة القيام بها، ومنها تخصيص الأموال للمحافظات المدمرة بطريقة استثنائية».
وشددت الدايني على «ضرورة أن تعيد الدولة أفراد الشرطة المفصولين من الخدمة في المناطق المتضررة وتدرج رواتبهم ضمن موازنة 2018، كما يجب توظيف أفراد جماعات الصحوات الذين قاتلوا الإرهاب بضراوة». وأضافت أن «الحرب على داعش انتهت، ما يعني أن ذلك سيوفر موارد مالية جديدة، لأن نفقات الحرب المكلفة توقفت».
يُشار إلى أن مسودة الموازنة الاتحادية العامة المقترحة من مجلس الوزراء لم تصل حتى الآن إلى مجلس النواب لمناقشتها والتصويت عليها، وأغلب الاعتراضات الصادرة عن القوى السنية أو الكردية ناجمة عن تسريبات لبعض فقرات المسودة غير المعلنة رسمياً من مجلس الوزراء.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.