الغارات الأميركية ضد «الشباب» تتحول إلى نشاط يومي

«داعش» يعزز وجوده نسبياً في «أرض اللبان»

TT

الغارات الأميركية ضد «الشباب» تتحول إلى نشاط يومي

بدا أن الغارات التي تشنها طائرات عسكرية تابعة لقيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم»، ضد مواقع للمتطرفين في الصومال، أصبحت يومية، في وقت قالت فيه «أفريكوم»، أول من أمس، إن الجيش الأميركي نفذ ضربة جوية ضد «حركة الشباب» المرتبطة بـ«القاعدة» التي تسعى للإطاحة بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة. وقالت «أفريكوم» في بيان، أمس، من مقرها بمدينة شتوتغارت الألمانية إن «عدة متشددين» قتلوا في الضربة التي وقعت على بعد نحو مائة كيلومتر شمال غربي العاصمة مقديشو، مشيرة إلى أنه جرى تنسيق الضربة مع الحكومة الصومالية. وتابعت قائلة: «(الشباب) تعلن التزامها بالتخطيط وشن الهجمات ضد الولايات المتحدة وشركائنا في المنطقة».
وكانت الولايات المتحدة حذرت في وقت سابق هذا الشهر من وجود تهديد لطاقمها الدبلوماسي في مقديشو، وأمرت جميع العاملين غير الضروريين بمغادرة العاصمة. وجرى طرد «الشباب» من مقديشو في 2011 وفقدت السيطرة على معظم المدن والبلدات الصومالية، لكن الجماعة تحتفظ بوجود قوي في الجنوب والوسط، ولا يزال بإمكانها شن هجمات كبيرة. وتنحي السلطات عليها باللائمة في تفجيرات بمقديشو الشهر الماضي أودت بحياة أكثر من 350 شخصاّ. وتستهدف الجماعة إطاحة الحكومة الصومالية وطرد قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وفرض تفسيرها المتشدد للشريعة.
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، كشف النقاب مؤخرا عن وجود لعناصر من تنظيم داعش في الأراضي الصومالية، على نحو يزيد من المخاوف على الحكومة الصومالية، التي تقاتل منذ سنوات «حركة الشباب» المتطرفة. وساهمت الانشقاقات داخل «حركة الشباب»، في تعاظم وجود «داعش»، الذي يوجد منذ نحو عامين في منطقة جبلية بإقليم «بونت لاند (أرض اللبان)» شمال شرقي الصومال. علما بأن غارة أميركية قضت على زعيم التنظيم أحمد غوداني، في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2014.
وعقب انشقاق مختار روبو الملقب بـ«أبو منصور» رئيس التدريبات العسكرية في الحركة، من منصبه، انشق قياديون آخرون أبرزهم عبد القادر مؤمن الذي أعلن ولاءه مع عشرات من المقاتلين الموالين له، لتنظيم داعش. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن عبد الفتاح نور، وزير الإعلام في حكومة إقليم «بونت لاند» أن وجود «داعش» في الصومال يشكل تهديداً أمنياً للمنطقة، خصوصا الصومال، مشيرا إلى أن حكومته تقاتل التنظيم الذي لا يتعدى عدد مقاتليه مائة مقاتل؛ بينهم أجانب، على حد تعبيره.
وأضاف: «مقاتلو التنظيم يتمركزون في منطقة جبال عيل مدو الوعرة، التي ساعدتهم على البقاء واستمرار نشاطهم الإرهابي من هذه المنطقة، رغم الضربات العسكرية التي يتعرضون لها من الإدارة المحلية والشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم واشنطن»، لكنه نفى في المقابل معرفة مصادر تمويل «داعش» في الصومال. ونقلت الوكالة عن خبراء أن تعاظم وجود تنظيم داعش بالصومال، سيربك حسابات الدول المجاورة، والجهات المعنية، مما يصعب مهمة استتاب أمن الصومال في الوقت القريب، ويؤثر سلباً على دول الجوار، خصوصا الدول العاملة ضمن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.
إلى ذلك، حذرت لجنة الانتخابات الرئاسية بإدارة «أرض الصومال» من مغبة إقامة أنصار الأحزاب السياسية احتفالات فيما يتعلق بالنتائج. ونقلت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية عن سعيد موسى الناطق باسم اللجنة، أن «فرز أصوات الناخبين لا يزال مستمرا حتى الآن»، داعيا أنصار الأحزاب السياسية التي يتنافس مرشحوها الثلاثة على الرئاسة خلال هذه الانتخابات، إلى الكف عما وصفها بـ«الاحتفالات الكاذبة».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».