«أبو طاقية» في قبضة الجيش اللبناني واستجوابه يركّز على خطف العسكريين

TT

«أبو طاقية» في قبضة الجيش اللبناني واستجوابه يركّز على خطف العسكريين

ألقت دورية من استخبارات الجيش اللبناني، القبض على الشيخ مصطفى الحجيري، الملقب بـ«أبو طاقية»، داخل منزله في بلدة عرسال (البقاع اللبناني)، وهو مطلوب للقضاء اللبناني بموجب مذكرات توقيف صادرة عن القضاء العسكري، على خلفية أحداث عرسال وخطف عسكريين من الجيش وقوى الأمن الداخلي، على يد المجموعات المسلّحة.
وأفاد بيان لمديرية التوجيه في الجيش اللبناني، بأنه «بنتيجة المتابعة والتقصي، أوقفت قوة من مديرية المخابرات فجر اليوم (أمس) في بلدة عرسال، المدعو مصطفى الحجيري الملقب بـ(أبو طاقية)، وقد بوشر التحقيق معه بإشراف القضاء المختص».
مصدر أمني أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية القبض على (أبو طاقية) حصلت بعد منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، وهي نفذت بحرفية عالية، وكانت عملية نظيفة وسريعة، لم يحصل خلالها أي إطلاق للنار». وأوضح المصدر أنه «على أثر ورود معلومات تفيد بأن الحجيري دخل للمبيت في منزله، جرى وضعه تحت المراقبة للتثبت من عدم مغادرته، وبعد منتصف الليل، جرى تطويق المنزل ودخوله واقتياد (أبو طاقية) عندما كان يخلد للنوم، وهو لم يبد أي مقاومة على الإطلاق».
ويتهم القضاء اللبناني «أبو طاقية» بملفات أمنية كثيرة، منها التواطؤ مع «جبهة النصرة» وتسهيل مهمتها في اجتياح بلدة عرسال في أغسطس (آب) 2014، والاشتراك في عملية خطف عسكريين من الجيش وقوى الأمن الداخلي، واقتيادهم إلى الجرود، وتقديم الدعم اللوجستي للمجموعات المسلّحة التي كانت تحتجز العسكريين، بحسب الجرائم المنسوبة إليه.
وتتوقف أهمية هذا التوقيف على ما سيدلي به «أبو طاقية»، وفق تقدير المصدر الأمني، الذي أشار إلى أن «توقيف مصطفى الحجيري، سيكشف عن أدلة ومعطيات مهمة جداً، بحيث يتركّز التحقيق معه على كيفية اختطاف العسكريين، ومن اتخذ القرار بتصفية بعضهم، بالإضافة إلى عملية اجتياح عرسال من قبل المجموعات الإرهابية»، مشيراً إلى أن «المحققين سيواجهون الموقوف باعترافات نجله عبادة الحجيري، الذي قدّم معلومات مهمة عن دور والده في أحداث عرسال».
إلى ذلك، أكد مصدر عسكري لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش أوفى بالعهد الذي قطعه على نفسه، بأنه لن يدع دماء العسكريين الشهداء تذهب هدراً، وأن العدالة ستقتص من كل المتورطين بخطفهم وقتلهم»، موضحاً أن «مصطفى الحجيري هو أحد أبرز المطلوبين للقضاء، وبالتالي فإن توقيفه سيخدم العدالة»، لافتاً إلى أن «الأحداث السياسية لن تثني الجيش عن مواصلة مهمة حماية الأمن وملاحقة المطلوبين وسوقهم إلى العدالة، وتعقب كل الخلايا الأمنية التي قد تستغلّ الوضع القائم لتنفيذ عمليات إرهابية».
وكان «أبو طاقية» قد لعب أدواراً بارزة خلال المفاوضات التي أسفرت عن إطلاق سراح العسكريين الذين كانوا مختطفين لدى «جبهة النصرة»، وكان على تواصل مستمرّ مع «خليّة الأزمة الوزارية» التي كانت مكلّفة بمتابعة ملف العسكريين المختطفين، وبقي على تواصل دائم مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي قاد دفّة التفاوض نيابة عن الدولة اللبنانية، كما أن «أبو طاقية»، كان عبارة عن حلقة الوصل بين الدولة و«جبهة النصرة»، خلال المفاوضات بين الطرفين، التي أفضت إلى ترحيل مقاتلي «النصرة» من جرود عرسال إلى محافظة إدلب في شمال سوريا، وتبادل أسرى أحياء وجثث قتلى بين التنظيم و«حزب الله» اللبناني.
وكانت دورية من الجيش، ضبطت في منطقة تل الكف في جرود رأس بعلبك، سبع عبوات ناسفة معدة للتفجير، زنة الواحدة منها نحو 5 كيلوغرامات، بالإضافة إلى 32 رمانة بندقية نوع «لانشر»، جميعها من مخلفات التنظيمات الإرهابية، وقد عملت مجموعة من فوج الهندسة على تفكيكها وتفجيرها في مكانها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».