السراج يتحدى قرار سلطات المنطقة الشرقية بمقاطعة حكومته

«سوق العبيد»... أحدث فضيحة لأوضاع المهاجرين في طرابلس

TT

السراج يتحدى قرار سلطات المنطقة الشرقية بمقاطعة حكومته

صعد فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس، من حدة خلافاته مع السلطات التي تدير المنطقة الشرقية، وتزامن ذلك مع استعداد مجلس النواب الليبي لحسم موقفه من الصيغة النهائية لتعديل اتفاق الصخيرات المبرم في المغرب قبل نحو عامين.
وأعلن السراج تحديه ورفضه لقرار الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر والحكومة الموالية له برئاسة عبد الله الثني، بشأن التهديد بإيقاف واعتقال عمداء البلديات الذين يجرون اتصالات مع حكومة السراج.
واتهم المجلس الرئاسي في بيان أمس عبد الرزاق الناظوري رئيس الأركان العامة للجيش الوطني، وعبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة باتخاذ ما وصفه بقرارات جائرة بعزل وتوقيف ومعاقبة عمداء البلديات ومسؤوليها، وكل من يتواصل مع حكومة الوفاق الوطني، منتهكين بذلك أحد الثوابت المتمثلة في الوحدة الوطنية، ورأى السراج أن «هذه التصرفات غير المسؤولة تحاول إجهاض الحكومة لرفع المعاناة عن المواطن»، معتبرا أن هذه «القرارات تعرقل مسيرة التوافق وتعمق الانقسام».
وكانت حكومة الثني، الموالية لمجلس النواب، وكلاهما في شرق البلاد، قد أصدرت تعليماتها بإيقاف والتحقيق مع عمداء البلديات الذين يتواصلون مع حكومة السراج، كما دعت أجهزة الأمن التابعة لها إلى «اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير، من اعتقال وإحالة للتحقيق مع من يثبت تواصله مع الجهات غير الشرعية».
في غضون ذلك، قال عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، إن المجلس سيجتمع الأسبوع المقبل لمناقشة مبادرتين: الأولى قدمتها البعثة الأممية، والثانية تقدم بها عدد من نواب البرلمان وأعضاء بمجلس الدولة، وأوضح في بيان أول من أمس أنه تمت إحالة المبادرتين إلى لجنة الحوار لدراستهما بشكل مستفيض، وتقديم الحصيلة النهائية إلى مجلس النواب خلال الأسبوع القادم للتصويت عليهما.
ميدانيا، أعلنت القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني عن مقتل وجرح ثلاثة من عناصرها خلال مواجهات جرت أول من أمس مع فلول الجماعات الإرهابية في مدينة بنغازي. وقال مصدر عسكري إن جنديا من القوات الخاصة لقي مصرعه، بينما سقط ثلاثة جرحى في ضاحية سيدي اخريبيش خلال العملية الموسعة، التي يشنها الجيش لطرد الإرهابيين من معقلهم الأخير في المدينة، التي سبق أن أعلن حفتر مؤخرا تحريرها بالكامل بعد مرور ثلاث سنوات من العمليات العسكرية.
وتقول القوات الخاصة إنها تحاصر منطقة لا تتجاوز مساحتها نصف كيلومتر مربع، يتجمع فيها العشرات من فلول الإرهابيين، فيما نجحت حملة جرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في محاصرة وكالة «بشرى» الإلكترونية، التابعة لتنظيم سرايا الدفاع عن بنغازي المتطرف، حيث تعرض موقع الوكالة إلى الإقفال بعد ساعات فقط على تدشينه مساء أول من أمس.
وجرى تصنيف الوكالة وسيلة إعلامية «إرهابية» مرتبطة بدولة قطر، وقد دشنت موقعاً إلكترونياً قال ناشطون محليون ووسائل إعلام إلكترونية أخرى إنه يحوي مواد إعلامية جهادية وتحريضية.
من جهة أخرى، كشفت محطة تلفزيون أميركية النقاب عن سوق لبيع العبيد في ليبيا، إذ قالت محطة (CNN) إن مهاجرين أفارقة محتجزين في ضواحي العاصمة طرابلس يتم بيعهم في سوق سري للنخاسة، حيث تجري المزادات في بلدة قريبة من طرابلس، مشيرة إلى أن أحد طواقمها رصد عملية بيع العشرات منهم في غضون ست أو سبع دقائق في مزاد تستخدم فيه «مطرقة المزاد»، قبل أن يستقر البيع لصالح شخص محدد.
وقالت القناة، وفقا لما نشرته صحيفة «المرصد» الإلكترونية، إن فريقها التقى بعد المزاد برجلين تم بيعهما، وأكدت إصابتهما بصدمات نفسية وعدم تمكنهما من الكلام.
وأكدت الشبكة الأميركية تسليمها الأدلة إلى السلطات الليبية، التي وعدت بفتح تحقيق، ونقلت عن الملازم أول ناصر حازم من جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابع لحكومة السراج في طرابلس، قوله «إن العصابات المنظمة تقوم بتشغيل شبكات التهريب في البلاد»، لكنه لم يقر بمشاهدة المزاد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».