أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس عن زيارة يقوم بها للجزائر في السادس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، من دون تفاصيل، فيما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن «مصدر بوزارة الخارجية» أن الزيارة «تم تحديد تاريخها بناء على مشاورات بين الهيئات الجزائرية والفرنسية». ويرتقب أن يطغى موضوع «سلام الذاكرتين» و«الشراكة الاقتصادية الاستثنائية» بين البلدين على صدارة مباحثات ماكرون في الجزائر. وأعلن ماكرون أمس عن الزيارة «بصفة تلقائية»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، وذلك عندما سأله مواطن بمدينة توركوان (شمال فرنسا) عن تاريخ زيارته للجزائر، التي جرى الحديث عنها منذ وصوله إلى الحكم في مايو (أيار) الماضي. ووقعت الحكومتان السبت الماضي ثلاث صفقات كبيرة، تتعلق بإنشاء مصنع لإنتاج سيارات «بيجو»، ومصنع لإنتاج مستلزمات الكهرباء ومصنع ثالث للصناعات الغذائية.
وبمناسبة التوقيع على هذه الاتفاقيات، الذي جرى في الجزائر، عقد وزير الخارجية عبد القادر مساهل مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان اجتماعا في إطار ما يعرف بـ«الحوار الاستراتيجي بين البلدين»، بحث تهديدات الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي، علما بأن فرنسا تخوض بقواتها العسكرية حربا في هذه المنطقة ضد الجماعات المتطرفة، بينما تقود الجزائر وساطة بين حكومة مالي والمعارضة المسلحة في الشمال بهدف المصالحة بينهما.
ويرتقب أن تبحث زيارة ماكرون رفع المبادلات التجارية بين البلدين إلى أكثر من 8 مليارات يورو (حصيلة عام 2016)، علما بأن قيمة الاستثمارات الفرنسية تصل إلى نحو 4 ملايين يورو، تتمثل في قطاع الخدمات والبنوك وتسيير المياه، وتسيير «مترو الجزائر». زيادة على استثمارات في مجال السيارات (مصنع شركة رونو غرب البلاد). وتعد الصين المنافس الرئيسي لفرنسا بخصوص الاستثمارات والمشروعات في الجزائر.
وكان ماكرون قد عبر الصيف الماضي عن رغبته في زيارة الجزائر «في أقرب وقت». وصرح بأن تحديد موعدها «أمر بين يدي الرئيس الجزائري». غير أن مرض بوتفليقة حال دون اختيار تاريخ لها. وحسب بعض المراقبين فإن أكثر ما ينتظره الجزائريون من ماكرون خلال الزيارة المرتقبة هو أن يجسد تصريحات قوية أطلقها في فبراير (شباط) الماضي، عندما زار الجزائر كمرشح للرئاسة بهدف حشد أصوات الفرنسيين المقيمين بالجزائر، وقال وقتها إن «الاستعمار الفرنسي كان جريمة ضد الإنسانية»، وهي المرة الأولى التي يصدر فيها هذا الكلام على لسان رئيس فرنسي، وعد ذلك «مقدمة لاعتذار رسمي عن جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر». وقد شن اليمين الفرنسي هجوما على ماكرون على إثر هذه التصريحات.
وقال بوتفليقة في رسالة إلى ماكرون في يوليو (تموز) الماضي، بمناسبة احتفالات العيد الوطني لفرنسا، إنه «على استعداد تام من أجل مواصلة دعم التعاون بين بلدينا والارتقاء به إلى مستوى البعد الإنساني المتميز، الذي يطبع علاقاتنا، وكذا الشراكة الاستثنائية التي قررت الجزائر وفرنسا إقامتها فيما بينهما»، وأوضح بأنه «على يقين من أن هذه الشراكة الاستثنائية بين بلدينا، والتي ستكون بدفع مشترك من قبلنا، ستمضي بنا قدما نحو مثالية مثمرة في كنف مصالحة بين الذاكرات، محورها صداقة معززة، وتنمية متقاسمة ناجحة خدمة لمصلحة شعبينا».
وأشاد بوتفليقة بـ«الحوار الخالص والملموس، الذي سبق وأن باشرناه منذ توليكم مهمتكم السامية، ليس فيما يتعلق بمستقبل العلاقات بين بلدينا فحسب، بل كذلك حول المسائل المتعلقة بالسلم والأمن، اللذين يفرضان تحديات وتهديدات تحتم علينا، اليوم أكثر من ذي قبل، ضم جهودنا لمقارعة الإرهاب المقيت، عدو الحضارات كافة والإنسانية جمعاء، من أجل بلوغ الاستقرار والرقي اللذين نتطلع إليهما، خصوصا في فضائنا المتوسطي والساحل الأفريقي».
«سلام الذاكرتين» يطغى على أجندة زيارة ماكرون إلى الجزائر
«سلام الذاكرتين» يطغى على أجندة زيارة ماكرون إلى الجزائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة