«تعاون دفاعي معزز» بين 23 دولة في الاتحاد الأوروبي

ترقّب لتطوير معدات عسكرية وإنشاء منصة لوجيستية للعمليات

فيديريكا موغيريني تتوسّط وزراء خارجية ودفاع دول بالاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
فيديريكا موغيريني تتوسّط وزراء خارجية ودفاع دول بالاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

«تعاون دفاعي معزز» بين 23 دولة في الاتحاد الأوروبي

فيديريكا موغيريني تتوسّط وزراء خارجية ودفاع دول بالاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
فيديريكا موغيريني تتوسّط وزراء خارجية ودفاع دول بالاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)

أعرب 23 بلداً من أعضاء الاتحاد الأوروبي، أمس، الرغبة بالدخول في «تعاون» عسكري معزز، على أمل الوصول إلى تكامل دفاعي أوروبي.
وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد فيديريكا موغيريني، في ختام توقيع الدول الأعضاء الـ23 في الاتحاد الأوروبي وثيقة أدرجت فيها «الالتزامات» العشرين التي ترسي قواعد «تعاون منظم دائم»: «إننا نعيش لحظة تاريخية للدفاع الأوروبي»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وتعد موغيريني أن هذه الأداة الجديدة «ستسمح بزيادة تطوير قدراتنا العسكرية لتعزيز استقلاليتنا الاستراتيجية».
ومنذ إخفاق إنشاء «المجموعة الدفاعية الأوروبية» قبل 60 عاما، لم ينجح الأوروبيون يوما في التقدم بهذا المجال؛ إذ إن معظم البلدان تتمسك بما تعده أمرا مرتبطا بسيادتها الوطنية حصرا. لكن الأزمات المتتالية منذ 2014 التي تشمل ضمّ القرم إلى روسيا في 2014، والنزاع في شرق أوكرانيا، وموجة اللاجئين، فضلا عن التصويت على خروج بريطانيا، غيّرت المعطيات.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عند وصوله إلى بروكسل، للاجتماع مع نظرائه ووزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي، إن هذه المبادرة «ردّ على ازدياد الاعتداءات» في خريف 2015، وكذلك «رد على أزمة القرم».
من جهتها، شددت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون در ليين على القول إنه «كان من المهم لنا، خصوصا بعد انتخاب الرئيس الأميركي (دونالد ترمب) أن نتمكن من تنظيم صفوفنا بشكل مستقل، بصفتنا أوروبيين». وتابعت: «هذا أمر مكمل لحلف شمال الأطلسي، ونحن نرى أن أحدا لن يستطيع بدلا منا إيجاد حل للمشكلات الأمنية التي تواجهها أوروبا في محيطها. يجب أن نقوم نحن بذلك بأنفسنا»، وفق الوكالة الفرنسية.
نظريا، هذا التعاون المعزز يمكن أن يؤدي إلى إنشاء مقر قيادة عملاني لوحدات قتالية للاتحاد الأوروبي أو منصة لوجيستية للعمليات. لكن، وفي مرحلة أولى، يمكن أن يتخذ ذلك خصوصا شكل مشروعات، بالنسبة للبعض، تشمل تطوير معدات (دبابات وطائرات من دون طيار وأقمار اصطناعية وطائرات للنقل العسكري)، أو حتى مستشفى ميدانيا أوروبيا.
وأوضحت موغيريني أن أكثر من 50 مشروعا للتعاون طرحت، معبرة عن أملها في أن يسمح «التعاون المنظم الدائم» بضمان «توفير كبير في الأموال» للصناعة الدفاعية الأوروبية «المجزأة» كثيرا اليوم، بالمقارنة مع المنافسة الأميركية.
ويرى معظم الدبلوماسيين والخبراء أن الرؤية الفرنسية لهذه المبادرة التي تعد متشددة وتميل إلى المشاركة في مهام تنطوي على خطورة، طغت عليها الرؤية الألمانية التي ترغب في إشراك أكبر عدد ممكن من البلدان، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال فريديريك مورو، الخبير في القضايا الدفاعية الذي يستطلع البرلمان الأوروبي آراءه باستمرار، أن العدد الكبير للمشاركين، فيما سيتم اختيار المشروعات بالإجماع، يعني أنه «لن تتوافر أي فرصة للانطلاق». لكن مصادر عدة في بروكسل تؤكد أنّ الدول التي ستنضم إلى هذه المبادرة ستتعهد «بزيادة ميزانيتها الدفاعية بانتظام»، وأن التعهدات التي وقعتها أمس «ملزمة قانونيا».
ووعد المشاركون أيضا بـ«سد» بعض «الثغرات الاستراتيجية» للجيوش الأوروبية، مع أهداف طموحة للاستثمار في أبحاث (اثنان في المائة من الموازنات الدفاعية). والهدف المعلن أيضا يتعلّق بتشكيل مهام عسكرية للاتحاد الأوروبي بسرعة أكبر، وهو أمر يصطدم بعدم حماس الدول في إرسال جنود.
واعترضت بريطانيا الحريصة على حلف شمال الأطلسي تقليديا والتي تملك أكبر ميزانية عسكرية في الاتحاد الأوروبي، بشدة وباستمرار على أي اقتراح يطرح من قريب أو بعيد لإنشاء «جيش أوروبي»، عادّة أن الدفاع عن أراضي أوروبا مهمة محصورة في الحلف.
لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المقرر في مارس (آذار) 2019 يقترب، ولم تشأ لندن، التي استبعدت نفسها، مثل الدنمارك، من التعاون المنظم الدائم، أن تعرقل هذه المبادرة، التي يصفها وزير خارجيتها بوريس جونسون بأنها «فكرة واعدة».
ويريد الاتحاد الأوروبي أيضا إنشاء صندوق له لتحفيز صناعة الدفاع الأوروبية، على أن تخصص له ميزانية بقيمة 5.5 مليار يورو سنويا. كما أنشأ في الربيع أول مقر لقيادة عسكرية يشرف على 3 عمليات غير قتالية في أفريقيا. ولم تنضمّ آيرلندا والبرتغال ومالطا في هذه المرحلة إلى مبادرة «التعاون المنظم الدائم»، التي ستطلق رسميا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.