القضاء العراقي يستدعي مسؤولين أكراداً للرد على دعاوى ضد الاستفتاء

نيجيرفان بارزاني اتهم بغداد بـ«السعي لإلغاء الإقليم»

TT

القضاء العراقي يستدعي مسؤولين أكراداً للرد على دعاوى ضد الاستفتاء

أعلنت المحكمة الاتحادية العراقية، أمس، أنها وجهت طلب استدعاء لعدد من مسؤولي إقليم كردستان أو من ينوبون عنهم قانونا بناء على دعاوى قانونية رفعها عدد من النواب والسياسيين في الحكومة الاتحادية ضد هؤلاء المسؤولين «بتهمة إجراء استفتاء غير دستوري بإقليم كردستان».
وقال إياس الساموك، المتحدث الرسمي باسم المحكمة الاتحادية، إن المحكمة «حددت يوم 20 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري للنظر بالدعاوى المقامة حول شرعية استفتاء إقليم كردستان، وإن المحكمة أبلغت ممثلية حكومة الإقليم ببغداد مرتين بهذا الموضوع». ورغم أن المحكمة لم تحدد الأطراف المدعية بالدعوى، فإن مصادر خاصة في بغداد أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن النواب الذين أقاموا الدعاوى هم من الكتلة الشيعية بالبرلمان العراقي يضاف إليهم عدد من السياسيين الآخرين من الشيعة في بغداد ينتظرون يوم المحاكمة ليكشفوا عن أنفسهم.
وفي الوقت الذي تستمر فيه حكومة الإقليم بالتشاور مع الأطراف السياسية الأخرى لتشكيل وفدها التفاوضي إلى بغداد ورغم تأكيداتها المستمرة على الطلب من الحكومة الاتحادية بقبول الدخول بالمفاوضات ولكن الحكومة الاتحادية برئاسة حيدر العبادي لم ترد بعد على ذلك الطلب. وبحسب ما أفاد به نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة الإقليم، في مؤتمره الصحافي أمس فإن الحكومة الاتحادية «لم ترد حتى الآن على طلب إرسال الوفد الكردي للتفاوض، وإن حكومة الإقليم كتبت ملاحظاتها حول مشروع قانون الموازنة الاتحادي وأرسلتها إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي».
واتهم بارزاني الحكومة الاتحادية بـ«السعي لهدم الكيان الكردي المقرر بالدستور باسم إقليم كردستان، من خلال خنقه اقتصاديا وتخفيض حصته الدستورية من الموازنة العامة إلى 12 في المائة في حين أن الحصة وفق الدستور هي 17 في المائة». وجدد رئيس حكومة الإقليم طلبه من الحكومة الاتحادية بالشروع في مفاوضات جدية من أجل حل جميع المشاكل العالقة وفقا لمبادئ وأسس الدستور العراقي، مشيرا إلى «إننا ننتظر رد حكومة العبادي على طلب التفاوض».
وحول آخر التطورات فيما يتعلق بمشروع الموازنة الاتحادية تحدث هوشيار عبد الله النائب في البرلمان العراقي لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «إن قانون الموازنة أتاح فرصة أمام رئيس الوزراء حيدر العبادي لإجراء أي تغيير يريده في حصة إقليم كردستان، فهناك نص في القانون يعطي هامشا من الحرية لرئيس الوزراء بتحديد الحصة، ونحن من جهتنا ككتل كردية نرى بأن الحصة التي قررها مجلس الوزراء بتخفيض نسبة 17 في المائة إلى 12.67 في المائة هي حصة غير مقبولة ومخالفة للقانون، فلو رجعنا إلى إحصائيات وزارة التخطيط فإنها تشير إلى أن النسبة تتخطى 14 في المائة، وقوائم وزارة التجارة تتحدث عن نسبة 13 في المائة، إذن ليست هناك أي إشارات مؤكدة بأن النسبة أقل من 13 في المائة، ولا ندري من أين جاءت الحكومة الاتحادية بهذا الرقم الذي لا يتطابق مع أي أرقام رسمية أخرى، لذلك نعتبر الحصة المقررة غير عادلة وغير قانونية، والمشكلة أن مجلس النواب لا يستطيع أن يغير هذه النسبة أو يبقي على الحصة السابقة، فالقانون يتيح له فقط إجراء المناقلات بين الأبواب دون المس بالحصة التي حددتها الحكومة، وعليه يجب على الحكومة أن تحسم هذا الأمر، وإلا فإننا ككتل كردستانية ندعو رئيس الجمهورية والوزراء وجميع المسؤولين بالدولة الاتحادية إلى المقاطعة وإرغام الحكومة الاتحادية على مراعاة وضع كردستان المالي وعدم خلق مشاكل أخرى لها».
وشهدت العلاقات بين الإقليم والحكومة الاتحادية نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عقب استفتاء الاستقلال، توترا كبيرا أسفر عن دخول الجانبين في معارك ضارية بعد أن فرضت القوات العراقية سيطرتها على غالبية المناطق المتنازع عليها بين الجانبين. وما زالت الحكومة العراقية متمسكة بمطالباتها المتمثلة بانسحاب قوات البيشمركة إلى حدود عام 2003 وتسليم الإقليم لمعابره وحدوده مع تركيا وإيران وسوريا ومطاري الإقليم إلى الحكومة العراقية، وإلغاء نتائج استفتاء الاستقلال.
وتسود الإقليم أجواء من الترقب وانتظار جلوس الجانبين مجددا إلى طاولة الحوار، وبين رئيس حزب التنمية التركماني ورئيس كتلة الحزب في برلمان كردستان، محمد سعد الدين، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يُحدد حتى الآن موعد توجه وفد إقليم كردستان إلى بغداد وبدء الحوار مع الحكومة العراقية، الكتل الكردستانية في برلمان الإقليم عبرت عن تأييدها لجهود حكومة الإقليم في التوصل إلى حل للمشاكل مع الحكومة الاتحادية عبر الحوار والتفاهم»، مضيفا أن برلمان الإقليم دعا الطرفين إلى حل المشاكل في إطار الدستور. وكشف سعد الدين أن برلمان الإقليم سيعقد غدا جلسة لبحث الحوار مع بغداد وسبل التوصل إلى حل للمشاكل، وسيطالب الحكومة العراقية خلال الجلسة بالالتزام بتثبيت حصة 17 في المائة من الموازنة الاتحادية للإقليم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».