الحريري: استقلت لمصلحة لبنان... وسأكون في بيروت خلال أيام

نفى مزاعم تقييد حركته... وربط التراجع عن استقالته بـ«احترام النأي بالنفس»

الحريري خلال لقاء تلفزيوني أمس كما بدا على شاشة بمقهى في بيروت (رويترز)
الحريري خلال لقاء تلفزيوني أمس كما بدا على شاشة بمقهى في بيروت (رويترز)
TT

الحريري: استقلت لمصلحة لبنان... وسأكون في بيروت خلال أيام

الحريري خلال لقاء تلفزيوني أمس كما بدا على شاشة بمقهى في بيروت (رويترز)
الحريري خلال لقاء تلفزيوني أمس كما بدا على شاشة بمقهى في بيروت (رويترز)

أكد رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري أنه سيعود إلى لبنان قريباً جداً وأنه سيقوم بالإجراءات الدستورية التي يجب القيام بها لتقديم استقالته، نافياً مزاعم «حزب الله» حول تقييد حركته، مؤكداً: «أستطيع السفر من السعودية متى شئت، وخلال أيام سأكون بلبنان إن شاء الله».
وكشف الحريري أنه «مهدد»، وهو ما «توجب عليّ تشكيل شبكة أمان حولي لا يمكن خرقها»، وقال: «مهمتي الأساسية أن أحافظ على لبنان، وحياتي لا تهمني».
وربط الحريري التراجع عن استقالته بـ«احترام النأي بالنفس»، وقال: «أنا لا أتوجه ضد (حزب الله) كحزب سياسي، ولكن لا يجب أن يصل إلى مرحلة ويخرب البلد». وإذ أكد أنه كتب بيان استقالته بنفسه «وأردته لإحداث صدمة إيجابية»، قال إنه رأى خوفاً على لبنان فقدم استقالته «لمصلحة لبنان واللبنانيين».
وفي مقابلة تلفزيونية معه على شاشة تلفزيون «المستقبل»، أكد الحريري: «إنني كنت متواجداً في منزلي منذ وصولي إلى السعودية، وعندما أعلنت استقالتي أردت من الناس أن تفكر بسبب استقالتي»، لافتاً إلى «أنني كنت في صمت حتى يستوعب الناس ويفكروا ملياً في الاستقالة وتداعياتها».
وأضاف الحريري: «إنني لست ضد (حزب الله) السياسي، ولا أتوجه ضد أن يكون (حزب سياسي)، ولكن ليس معناه أن الحزب يخرب لبنان بتدخلاته الخارجية»، مشيراً إلى أنه «ليس لدينا مشكلة بالأحزاب السياسية، ولكن هل هذه الأحزاب تلعب دورا خارجيا وهل يمكننا أن نتحمل وزر ما يقوم به (حزب الله)؟».
وأكد أن «المملكة العربية السعودية تساعد لبنان اقتصاديا على جميع الأصعدة، بينما إيران لم تقدم شيئا للبلد»، مشيراً إلى أنه «في حرب الـ2006 كانت السعودية أكثر من وقف إلى جانب لبنان وساعده».
ولفت الحريري إلى أن «الكل يعلم طبيعة علاقتي بالملوك الراحلين في المملكة العربية السعودية»، مشدداً على أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «يعتبرني كابنه»، مؤكداً أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد «يكنّ لي وأكنّ له كل الاحترام». وقال إن البعض «يحسدنني على علاقتي الممتازة مع سمو الأمير محمد بن سلمان».
وقال «إن هناك نحو 400 ألف لبناني في دول الخليج، وأنا مسؤول عن كل اللبنانيين الذين سيتضررون في الخارج إذا تبع لبنان محورا معينا»، وأضاف: «إذا أردنا التراجع عن الاستقالة، فيجب علينا الالتزام بسياسة (النأي بالنفس)».
وأضاف الحريري: «لقد وجهت كلاما واضحا لـ(مستشار المرشد الإيراني علي أكبر) ولايتي بعدم قبولنا بتدخل إيران بالدول العربية»، وذلك عندما التقى مستشار خامنئي قبل استقالته بيوم في بيروت، وقال: «اليوم هناك سعوديون يموتون وهناك لوم على لبنانيين».
ولفت إلى أنه «صار هناك لغط كبير في البلد، أعرف أنه دستوريا يجب أن أتقدم بالاستقالة إلى رئاسة الجمهورية، وسأقوم بذلك فور عودتي إلى لبنان». وقال: «الرئيس عون متمسك بالدستور بشكل كبير، ونحترم هذا الأمر، ومن حقه قبول الاستقالة أو رفضها، ومعه كل الحق بضرورة عودتي إلى لبنان وتقديم استقالتي له».
وأوضح الحريري: «إنني فخور بالتسوية، وأريد من التسوية أن تنجح، وحتى تنجح، يجب أن نلتزم أن لبنان مصلحتنا الأولى والأخيرة».
وقال الحريري: «سأعود إلى لبنان لأن بيت الحريري يجمع اللبنانيين، ومستعد للتضحية تجاه بلدي، ولكن بشروط». وأضاف: «يجب الوصول إلى اعتماد مبدأ (النأي بالنفس) وفق ما تم التوافق عليه».
وعن علاقته بالرئيس اللبناني ميشال عون، قال: «علاقتي بالرئيس عون ممتازة، وسأتحاور معه عند عودتي إلى بيروت».
وإذ أكد أن «الرئيس عون يعتبرني كابن له وعلاقتي به مستمرة وسنتحاور معاً وسنتفق على مصلحة البلد»، رمى مسألة سلاح «حزب الله» في ملعب رئيس الجمهورية، قائلاً: إنه «يجب أن يحصل حوار بشأن سلاح (حزب الله) وهذا أمر يقع على عاتق رئيس الجمهورية». وجدد التأكيد أنه لم يتنازل عن مبدأ النأي بالنفس.
وبينما شدد على أنه «لم يكن هناك أي موقف أمني عقابي من السعودية تجاه (حزب الله) قبل تدخل الحزب في اليمن»، قال الحريري «إننا لا نهوى الاختلاف مع إيران ولكن من غير الممكن وضعنا في محاور لا نتحملها، ولهذا أقول: إن النأي بالنفس هو خيارنا الوحيد للحفاظ على لبنان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».