عندما سئل الفنان الأميركي الشهير آندي وارهول عن رأيه في التصوير الفوتوغرافي، رد قائلا: «رأيي أن الصورة الجيدة هي تلك التي تلتقط بتركيز كبير وتكون لشخص مشهور». ولا يوجد أدنى شك في أن وارهول كان سيجد كثيرا من الصور التي تروق له في حفل جوائز الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، الذي أقيم في العاصمة البريطانية لندن الشهر الماضي وضم كوكبة من لاعبي كرة القدم المشهورين الذين كانوا في أوج تألقهم.
وخلال حفل توزيع جوائز هذا العام التقطت صورة شهيرة للغاية، تعد وثيقة لهذا العصر في عالم كرة القدم، وقد التقطت هذه الصورة عندما جمع مقدم الحفل، الممثل الإنجليزي إدريس إلبا، الـ11 لاعبا الذين اختارهم الفيفا في فريق العام لالتقاط صورة تذكارية.
وعندما ينظر المرء إلى هذه الصورة تنتابه مشاعر مختلفة على الفور. أولا، إنها حقبة لائقة جدا لأفضل لاعبي كرة القدم في العالم، بدءا من النجم البرازيلي نيمار ووصولا إلى الحارس الإيطالي العملاق جيانلويجي بوفون. ثانيا، لم يكن يُفضل أن يوضع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في طرف الصورة، بل كان يجب أن يكون في المنتصف (سوف يبتسم رونالدو الآن، لكن سيكون لذلك عواقب كثيرة لن تنتهي قريبا!) ثالثا، لم يضم فريق العام أي لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز أو من المحتمل أن يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز في المستقبل القريب. وأخيرا، فإن بعض هؤلاء اللاعبين هم من كبار السن الآن.
من المهم أن نتوقف قليلا عند آخر نقطتين، خاصة أننا قد اعتدنا في إنجلترا على حقيقة أن جوائز الأفضل في العالم لم تعد تضم لاعبين من الدوري الإنجليزي الممتاز، وأن النجوم الحقيقية تلعب في أماكن أخرى، ويكفي أن نعرف أن لاعبا واحدا فقط يلعب بالدوري الإنجليزي الممتاز (واين روني) قد دخل ضمن فريق العام للفيفا خلال الثماني سنوات الماضية، وحتى النجم الأورغواياني لويس سواريز لم يدخل ضمن هذا الفريق إلا بعد انتقاله من ليفربول إلى نادي برشلونة الإسباني! وحتى عندما فاز تشيلسي بدوري أبطال أوروبا عام 2012، فقد آشلي كول، الذي قدم موسما رائعا في ذلك العام، مكانه في تشكيلة هذا الفريق لصالح لاعب ريال مديد مارسيلو.
من الصعب الدخول في حالة من الجدل حول ذلك الأمر، خاصة أن اختيار فريق الفيفا لأفضل اللاعبين في العام يتم من خلال تصويت لاعبي كرة القدم في جميع أنحاء العالم، ولذا لا يمكن التشكيك في نتيجة التصويت، لكن هذا التصويت أصبح مقياسا لنجومية مجموعة ثابتة من اللاعبين في عصر يهيمن عليه النجمان ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو وفي ظل نجاح كبير من جانب الدوري الإسباني الممتاز.
ومع ذلك، فهناك فرصة لنجوم إنجلترا هذا الموسم وفقا لما تقدمه الفرق في دوري الأبطال. فبالنظر إلى الثروات الهائلة للدوري الإنجليزي الممتاز، كان من المرجح دائما أن يتغير الوضع قليلا، لكن المثير للاهتمام هو الطريقة التي بدأ يحدث بها ذلك في واقع الأمر.
هناك أمران في هذا الصدد. أولا، بعد بضع سنوات قليلة، سيكون هناك ارتفاع ملحوظ في عدد اللاعبين الموهوبين للغاية في الدوري الإنجليزي الممتاز، فعلى سبيل المثال لا يقل النجم البلجيكي كيفين دي بروين، الذي يعد أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي خلال الموسم الحالي حتى الآن، عن أفضل صانع ألعاب في أوروبا في الوقت الحالي. كما أن نجم توتنهام هوتسبر هاري كين هو مهاجم فذ من الطراز الرفيع ويمكنه اللعب في أي ناد في العالم. ولذا، فإن مستوى الدوري الإنجليزي الممتاز في ارتفاع مستمر وبدأت الفجوة تقل بالفعل، لدرجة أن التشكيلة الأفضل في الدوري الإنجليزي الممتاز يمكن أن تكون ندا قويا بمفردها لتشكيلة الفيفا للفريق الأفضل في العالم بأسره.
ويمكننا القول إن أفضل 11 لاعبا في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال السنة الحالية قد يكون كالتالي: ديفيد دي خيا، كايل ووكر، جون ستونز، سيزار أزبيليكويتا، بينجامين ميندي، نغولو كانتي، ديفيد سيلفا، كيفن دي بروين، إيدن هازارد، هاري كين، سيرجيو أغويرو.
ومرة أخرى أود أن أؤكد أن هذا ليس تصنيفا نهائيا لا يمكن الجدال بشأنه، ولكن هذا فريق من النجوم على غرار فريق النجوم الذي أعلن عنه الفيفا، معتمدا على معايير الشهرة والنجاح الدائم نفسه. وسيكون هناك حالة من الغضب المعتاد بسبب غياب بعض اللاعبين والتركيز على لاعبي «الستة الكبار»، لكن في الحقيقة هناك عدد كبير من اللاعبين الذين يمكنهم الوجود في قائمة أفضل 11 لاعبا في الدوري الإنجليزي الممتاز، مثل سياد كولاسيناك، وجيمس تاركوسكي، وساديو ماني، وليروي ساني، وديلي ألي، وغابرييل خيسوس، وكريستيان إريكسن، ورحيم ستيرلينغ، وماركوس راشفورد، ومحمد صلاح، وفيليب كوتينيو، وويلفريد زاها، وإدرسون، وبول بوغبا في حال عودته لمستواه السابق.
لكن هناك شيء آخر فيما يتعلق بالمواهب البارزة في الدوري الإنجليزي الممتاز وهو أن معظمهم من اللاعبين صغار السن، مقارنة بالتشكيلة التي اختارها الاتحاد الدولي لكرة القدم التي يصل متوسط أعمار لاعبيها إلى 32 عاما. وعلى النقيض من ذلك، فإن ديفيد سيلفا هو الوحيد من بين لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز المذكورين أعلاه الذي يزيد عمره على 30 عاما.
وبالطبع، فسوف يقول البعض إن هناك عددا كبيرا من اللاعبين الشباب البارزين في جميع الدوريات الأوروبية، وأن المثال الأبرز على ذلك هو نادي بروسيا دورتموند الألماني الذي يتفوق على الجميع من حيث تصعيد المواهب الشابة والاعتماد عليها، كما يواصل الدوري الإسباني دوره في تصعيد اللاعبين الصغار من ذوي المواهب الاستثنائية. وتضم فرنسا عددا هائلا من اللاعبين الشباب الرائعين، بالإضافة إلى حقيقة أن الدوري الإنجليزي الممتاز لا «ينتج» اللاعبين الشباب بنفسه، لكنه يشتريهم من الخارج.
لكن يمكن القول أيضا إن الدوري الإنجليزي الممتاز يمثل مرحلة مهمة في صقل وتطوير مواهب الشباب وأن القوة الشرائية لهذه المواهب يكون لها تأثير عظيم، ويكفي أن نعرف أن سبعة من بين الـ25 لاعبا المرشحين لجائزة «الفتى الذهبي» من الشباب قد انتقلوا لأندية إنجليزية، بمعدل يفوق أي دوري آخر. ويأتي ليفربول وتوتنهام ومانشستر يونايتد ضمن المراكز الأربعة الأولى للفرق صاحبة أصغر المعدلات العمرية في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما يأتي تشيلسي ومانشستر سيتي ضمن المراكز التسعة الأولى، ما يجعل الدوري الإنجليزي الممتاز هو الدوري الوحيد في أوروبا الذي تعتمد فيه الفرق الكبرى على الشباب وتسعى للحصول على النقاط وحصد البطولات في الوقت نفسه.
ربما يكون هناك بعض الأسباب «التكوينية» لذلك، إن جاز التعبير، لأن الدوري الإنجليزي الممتاز يعتمد على القوة البدنية الهائلة والسرعة الشديدة، وهي المتطلبات التي لا يستطيع القيام بها سوى اللاعبين الشباب في الأساس، وهذه هي السياسة التي تعتمد عليها الأندية في شراء اللاعبين أيضا.
وقد استفاد نادي ريال مدريد من الاستقرار الذي شهده خلال السنوات الأخيرة، ربما نظرا لأنه لا يوجد مكان آخر قادر على إغراء لاعبيه للذهاب بعيدا، في حين كانت باقي الأندية الأوروبية تعاني بشدة في كل فترة انتقالات صيفية من أجل الحفاظ على أفضل لاعبيها الذين دائما ما تستهدفهم الأندية الأخرى.
لكن هذا قد يكون له تبعات في شيء آخر، وربما يكون هو السبب في أن خط وسط نادي ريال مدريد لم يتمكن من مجاراة لاعبي توتنهام هوتسبر على ملعب ويمبلي خلال الجولة الأخيرة من مباريات الدوري الأوروبي. لقد ارتفع معدل أعمار لاعبي ريال مدريد سويا، كما هو الحال مع برشلونة، في الوقت الذي يعمل فيه بايرن ميونيخ على إعادة بناء فريقه مرة أخرى. ثم تأتي بعد ذلك الصورة الأبرز في جوائز الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهي جائزة أفضل لاعب في العالم، التي ذهبت مرة أخرى إلى لاعب من الدوري الإسباني الممتاز وهو كريستيانو رونالدو، لكن من المحتمل أن نرى هذه الجائزة المرموقة تذهب إلى لاعبين من الدوري الإنجليزي الممتاز في السنوات القليلة المقبلة.
لاعبو إنجلترا ما زالوا خارج نطاق جوائز الفيفا!
رغم أن الدوري الممتاز يضم بين صفوفه نخبة من أمهر الشباب وأكثرهم حيوية
لاعبو إنجلترا ما زالوا خارج نطاق جوائز الفيفا!
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة