دفع أوروبي لحماية الاستقرار وإجراء الانتخابات اللبنانية في موعدها

استبعاد البحث حالياً في شكل الحكومة المقبلة

امرأة تعبر أمام مبنى البرلمان في بيروت أمس (رويترز)
امرأة تعبر أمام مبنى البرلمان في بيروت أمس (رويترز)
TT

دفع أوروبي لحماية الاستقرار وإجراء الانتخابات اللبنانية في موعدها

امرأة تعبر أمام مبنى البرلمان في بيروت أمس (رويترز)
امرأة تعبر أمام مبنى البرلمان في بيروت أمس (رويترز)

أكد الاتحاد الأوروبي على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها المقرر، رغم الأزمة السياسية التي لا تزال تراوح مكانها بفعل التريث الذي يبديه الرئيس اللبناني ميشال عون بالبت باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، انطلاقا من أن إعلانها «لم يتم بشكل متناغم مع الأعراف»، ومواصلته المشاورات مع القيادات الوطنية والشخصيات السياسية والحزبية.
وتجزم مصادر مقربة من رئيس الجمهورية أنه لا يوجد بحث يتطرق إلى شكل الحكومة قبل البت باستقالة الحريري، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عون يتريث بالبت في الاستقالة ريثما يتواصل مع الحريري لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها، لأنه «يعتبر أن الطريقة في إعلان الاستقالة لا تنسجم مع القواعد القانونية والأعراف المعتادة»، وبالتالي «من المبكر البحث بشكل الحكومة إلى أن يتضح أمر الاستقالة، وهو مرتبط بالتواصل مع الحريري».
وتلقى الحريري أمس اتصالاً هاتفيا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تم خلاله بحث التطورات اللبنانية والفلسطينية وآخر المستجدات في المنطقة، بحسب ما أفاد المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء.
ورغم التسريبات عن تداول غير معلن في الأوساط السياسية حول خيارات تشكيل الحكومة المقبلة، أكدت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الأمر لا يزال من المبكر طرحه، لجهة الحديث عن حكومة سياسية أو تكنوقراط أو حكومة تجري الانتخابات النيابية المقررة عقدها في مايو (أيار) المقبل، مؤكدة أن البحث بشكل الحكومة سيكون «في المرحلة الثانية بعد البت بعد حضور الحريري والبت بالاستقالة».
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «اللبنانيين رغم كل الأزمات التي واجهتهم استطاعوا أن يتجاوزوا كل الصعاب متسلحين بوحدتهم وتحصين ساحتهم الداخلية». وقال إن «ما يواجهنا اليوم يفترض منا جميعا أن نحصن هذه الوحدة»، مكررا القول إن «الحكومة ما زالت قائمة، وإن إعلان الرئيس الحريري استقالته بهذا الشكل لن يغير من كامل أوصافها».
وسرت معلومات عن «إمكان قيام الحريري بزيارة سريعة للبنان يقدم فيها استقالته بشكل رسمي خلال الساعات المقبلة، ويغادر إثر ذلك»، لكن المصادر نفسها، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن تلك المعلومات «لا تزال في إطار التقديرات والاحتمالات، ولا تأكيد حولها حتى الآن».
ولفت أمس التحرك الدولي باتجاه حصر تداعيات الأزمة اللبنانية، ورفد البلاد بدعم دولي، بموازاة الاستعدادات لأن يزور سفراء المجموعة الدولية لدعم لبنان، الرئيس عون خلال اليومين المقبلين، ويرجح أن يكون ذلك يوم غد الجمعة.
وغداة إعلان وزارة الخارجية الأميركية، أن واشنطن تدعم حكومة لبنان، وأنها تعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية، جدد سفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان تأكيد «دعمهم القوي لوحدة لبنان واستقراره وسيادته وأمنه ولشعبه». ودعا سفراء الاتحاد الأوروبي، في بيان أصدروه أمس، جميع الأطراف إلى «متابعة الحوار البنّاء والاعتماد على العمل المنجز خلال الأحد عشر شهراً الماضية بهدف تقوية مؤسسات لبنان والإعداد للانتخابات النيابية في مطلع 2018 وفقاً لأحكام الدستور». كما أكد السفراء التزامهم المستمر بالوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته في إطار الشراكة القوية لضمان استقراره وتعافيه الاقتصادي المستمرين.
وبدا أن ملف إجراء الانتخابات يتساوى بالأولويات مع ضمان حفظ الاستقرار في لبنان، وسط دفع أوروبي لإجراء الانتخابات، بحسب ما يقول النائب ميشال موسى، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «اتجاهاً نحو إجراء الانتخابات في موعدها، وتصميماً على الوحدة الوطنية وحماية الاستقرار»، مؤكداً أن هناك «إصراراً داخلياً عند كل الأفرقاء على إجراء الانتخابات في موعدها، إلى جانب الدفع الدولي». ولفت إلى أن الأزمة الناتجة عن استقالة الحريري «ستنتهي، وستجرى الانتخابات في موعدها».
في هذا الوقت، واصل الرئيس عون لقاءات التشاور مع القيادات الوطنية والشخصيات السياسية والحزبية التي بدأها أول من أمس الثلاثاء وذلك للبحث في النتائج المتأتية عن إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من الخارج، واستقبل شخصيات سياسية وحزبية، ومن المقرر أن يستكمل لقاءاته التشاورية خلال اليومين المقبلين.
وفي السياق نفسه، واصل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان لقاءاته في «دار الفتوى»، واستقبل وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا التويني الذي اعتبر أن الوحدة الوطنية ترسخت أكثر أمام المطلب الشعبي الذي هو الاستقرار والوحدة الوطنية، لافتاً إلى أن «الوحدة الوطنية ليست مهددة ولا يوجد أي تهديد لحياتنا المستقرة».
بدوره، قال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب غازي العريضي بعد زيارته دريان: «لا شك في أننا نمر بفترة عصيبة جدا، بل أقول بكل ما للكلمة من معنى نحن في محنة لا يستطيع أحد بمفرده في لبنان أن يدعي قدرة على مواجهتها والخروج منها، لذلك بالموقف الوطني الموحد الجامع، وبالصبر والهدوء والتشاور المفتوح، كما جرى منذ بداية هذه المحنة وحتى الآن بين مكونات البلاد الأساسية، والمواقف التي صدرت عن فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب والمرجعيات الوطنية السياسية الأساسية، والهيئات الروحية، وعلى رأسهم بما يمثل من خصوصية في موقع المسؤولية، وما له من دور في مواجهة هذه المحنة، يمكن الخروج من هذه المحنة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.