بوتشيمون و«وزراؤه» أمام القضاء البلجيكي

رئيس إقليم كاتالونيا المقال يسعى لتوحيد صفوف الانفصاليين

جيل دوجميب المتحدث باسم مكتب الادعاء في بروكسل خلال مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
جيل دوجميب المتحدث باسم مكتب الادعاء في بروكسل خلال مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتشيمون و«وزراؤه» أمام القضاء البلجيكي

جيل دوجميب المتحدث باسم مكتب الادعاء في بروكسل خلال مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
جيل دوجميب المتحدث باسم مكتب الادعاء في بروكسل خلال مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)

أعلنت النيابة العامة في بروكسل، أمس، أن الرئيس الكاتالوني المقال كارليس بوتشيمون و«وزراءه» الأربعة الموجودين في بلجيكا الذين أصدرت مدريد بحقهم مذكرة توقيف أوروبية، سلموا أنفسهم صباحاً إلى الشرطة المحلية.
وقال المتحدث باسم مكتب الادعاء في بروكسل، جيل دوجميب، إن عملية التسليم تمت في تمام التاسعة أمس الأحد، وسوف يستمع قاضٍ معني بالتحقيقات لبوتشيمون والوزراء المتواجدين في بروكسل. وأوضح الناطق: «كانت لدينا اتصالات منتظمة مع محامي الأشخاص الخمسة، وتم الاتفاق على موعد في مركز الشرطة (...) وقد احترموا هذا الموعد».
ويترتّب على القاضي الذي ينظر في الاتهامات أن يتّخذ خلال 24 ساعة من اعتقال المسؤولين، قراراً بشأن إبقائهم موقوفين، أو الإفراج عنهم بشروط أو بكفالة، فضلاً عن كيفية المضي قدماً في تنفيذ طلب التسليم إذا قرر ذلك.
وهناك سيناريوهان بارزان؛ الأول هو السيناريو الذي تريده مدريد، وهو أن يقوم القاضي بتسليم الموقوفين إليها عبر الترحيل، واستمرار المحاكمات في إسبانيا. أما السيناريو الآخر، فهو أن يطلب الموقوفون أن تتم محاكمتهم في بلجيكا كبلد محايد، وهو ما قد يستغرق شهوراً عدة حتى البت في الحكم.
وبالفعل فقد أشار الرئيس المعزول لإقليم كاتالونيا كارليس بوتشيمون، في مداخلة تلفزيونية على قناة محلية بلجيكية، إلى أنه طلب من المحامي البلجيكي بول بيكارت الذي يتولى الدفاع عن الانفصاليين الكاتالونيين أن يطلب من القضاء البلجيكي لعب دور «الحكم»، وذلك استناداً لما وصفه بوتشيمون بقضاء إسباني «مسيس وغير نزيه»، على حد تعبيره.
وكان بوتشيمون قد أكد، بعد ظهر السبت، على موقع «تويتر»، أنه يضع نفسه بتصرف السلطات البلجيكية. وكتب في تغريدة «نحن مستعدون للتعاون الكامل مع القضاء البلجيكي، بعد إصدار إسبانيا مذكرة التوقيف الأوروبية». ومع أن الهدف من مذكرات التوقيف الأوروبية تسهيل تسليم المطلوبين بين الدول الأعضاء، فإن آليتها تبقى عملية قضائية طويلة. وسبق أن أعلن بوتشيمون ومحاميه عزمهما مواجهة المذكرة. وكان بوتشيمون قال في وقت سابق، في مقابلة مع تلفزيون «آر تي بي إف» البلجيكي العام: «سألجأ إلى القضاء، لكن القضاء الحقيقي»، مؤكداً وضع نفسه بتصرف القضاة البلجيكيين. وأكد أنه لا يرى في مدريد ضمانات «لصدور حكم عادل ومستقل قادر على الإفلات من هذا الضغط الهائل، وهذا التأثير الضخم للسياسة على السلطة القضائية في إسبانيا».
في هذه الأثناء، أشارت مصادر قضائية بلجيكية إلى أن بوتشيمون اختار المثول أمام محكمة ناطقة باللغة الهولندية، وهو ما سيستدعي الترجمة، رغم أنه و«وزراءه» يتحدثون الفرنسية بطلاقة. وقد يؤدي ذلك إلى إطالة عملية المحاكمة، إلا أن ذلك يعتبر الخيار الأفضل للمحامي البلجيكي، المعروف بحنكته في قضايا رفض تسليم معتقلين، الذي لعب دوراً هاماً في قضايا سابقة ضد مدريد، عندما كان يدافع عن الانفصاليين الأسبان التابعين لحركة «إيتا» في إقليم الباسك الإسباني.
ويبدو أن العلاقات الإسبانية البلجيكية لا تمر بأفضل أوقاتها، وذلك لأن بلجيكا لها باع طويل في حماية عدد من الانفصاليين التابعين لحركة «إيتا»، وهو ما يشير إلى أن الرئيس الكاتالوني المعزول قد يبقى طليقاً لفترة طويلة.
وترى مدريد أن بقاء بوتشيمون في بروكسل قد يساعد على ترتيب البيت الانفصالي. ويطمح بوتشيمون إلى توحيد الأحزاب الكاتالونية الانفصالية من بروكسل بهدف خوض الانتخابات المقبلة، والمقررة في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل بشكل يضمن له ولتحالفاته السيطرة على الإقليم الكاتالوني مجدداً، والعودة للمشهد السياسي من جديد.
وطبقاً للمصادر القضائية البلجيكية، فقد تستغرق إجراءات المقضاة نحو أربعة أشهر، وهي المدة الكافية لبوتشيمون لترتيب أوضاعه، وعمل الحملات الدعائية المناسبة للترويج لقضيته، والضغط على الحكومة الإسبانية.
وكان بوتشيمون قد توجه لبلجيكا الأسبوع الماضي، عقب أن وجه الادعاء الإسباني اتهامات ضد 14 عضواً من حكومته المعزولة تشمل التمرد واختلاس الأموال. وأصدر قاضٍ إسباني مذكرات اعتقال أوروبية، الجمعة الماضي، عقب عدم حضور بوتشيمون وأربعة وزراء سابقين بحكومة كاتالونيا جلسة استماع في مدريد، الخميس الماضي، بشأن جرائم تتعلق بسعيهم لاستقلال كاتالونيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».