«مجلس العمل والاستثمار اللبناني» يحذر من تراجع التحويلات الخارجية

TT

«مجلس العمل والاستثمار اللبناني» يحذر من تراجع التحويلات الخارجية

حذّر مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، من مغبة استقالة سعد الحريري من الحكومة اللبنانية، وما يمكن أن تؤدي إليه من عجز بنك لبنان المركزي عن استقطاب العملات الصعبة والاستثمارات الأجنبية، مؤكداً أن الاستقالة، خلقت ارتباكاً كبيراً في لبنان، وطرحت كثيراً من التساؤلات حول المرحلة المقبلة، والغموض الذي يلفها، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، مشيراً إلى أن الاستقالة ستكلف بيروت ثمناً اقتصادياً عالياً.
وقال ربيع الأمين، أمين سرّ مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إن استقالة الحريري سيتبعها تأثير عميق بالسلب على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إذ إن «لبنان هش اقتصادياً بحكم وضعه السياسي المضطرب وأثره المباشر على السياسات والأوضاع الاقتصادية في البلد».
وأضاف الأمين أن الاستقالة «ستشلّ حركة استقطاب الاستثمار الأجنبي وتدفق العملات الأجنبية التي كانت تجري بإغراءات معينة لدى البنوك واللبنانيين المودعين، والتي كانت ستحدث نهضة اقتصادية للبلد»، منوهاً بأن هذه الإغراءات لن تكون مجدية، وفي هذه الحالة ستؤثر على وضع بلاده الاقتصادي بشكل موجع ومريع. وتابع: «بعد الاستقالة تعطلت الحكومة اللبنانية اقتصادياً، وأصبحت الليرة اللبنانية تعاني من ضغوط كبيرة، ولكن هذه الاستقالة ستضاعف هذه الضغوط ويزداد بالتالي وضعها سوءاً، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة إلى أين سيتجه سعر الليرة اللبنانية في ظل هذا الوضع»، مشيراً إلى أنها ستواجه تحديات القدرة على الثبات على السعر الحالي.
ولفت إلى أن البنك المركزي سيبدأ مرحلة عسيرة من العمل، لأنه سيواجه ضغطاً مضاعفاً في امتصاص صدمة هذه الاستقالة التي ستؤثر سلباً على استقطاب العملة الأجنبية، فضلاً عن ثبات سعر الصرف، مشيراً إلى أن هذه التحديات التي تولدت مع استقالة الحريري، تتزامن مع العقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن على «حزب الله».
وعن تأثر قطاع الأسهم في لبنان، قال الأمين: «سوق الأسهم ليس بالحجم الكبير، لكن مقاييس الاقتصاد اللبناني تتبدى في مدى التراجع في استقطاب العملات من الخارج، الذي بدأ منذ أعوام مضت، فمثلاً من عام 2012 وحتى 2016، حدثت حالة تراجع كبيرة في حركة التجارة بين بيروت والرياض بدأت مع بداية الأزمة السورية، وقس على ذلك بلدان الخليج الأخرى».
ووفقاً لهذه المقاييس، أكد الربيع أن الاقتصاد ليس بعافية، مشيراً إلى ذلك التدهور الذي أصاب قطاع السياحة في بلاده، حيث فقد لبنان عدداً كبيراً من السياح من الخارج، سواء من أوروبا أو الخليج، ولم يعد هناك إلا السياح من الداخل، فضلاً عن تراجع حجم تحويلات المغتربين اللبنانيين من كل أنحاء العالم، حيث كانت خلال السنوات الخمس الماضية تتراوح بين 7 مليارات دولار ووصلت إلى 10 مليارات دولار، مشيراً إلى أنها انخفضت حالياً إلى 2.5 مليار دولار.
ونوه بأن حجم التحويلات الأكبر لدى الجالية اللبنانية يأتي من دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، مقدراً حجمها بـ5 مليارات دولار، تمثل السعودية فيها 80 في المائة، مشيراً إلى أن حجم تأثر قطاع الأعمال اللبناني في الخليج بالاستقالة طفيف، بحكم أنه يعمل في بيئة العمل الخليجية خارج لبنان، غير أنه مرتبط بقطاع الأعمال في الخليج، لذلك أثره سيكون موجعاً على الاقتصاد اللبناني داخل لبنان، وبالتالي القلق على لبنان هو الأكثر.
ولفت أمين سرّ مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، إلى أن حجم الاستثمارات اللبنانية المقدرة بالسعودية تبلغ 800 مليون دولار، في حين تبلغ في الإمارات 1.5 مليار دولار، أما على مستوى الخليج فهي تقارب 3 مليارات دولار.



إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
TT

إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات، ووضع خطةً لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، على خلفية المهلة التي أعطتها إسرائيل لحركة «حماس»، التي تنتهي خلال 10 أيام، لقبول خطة مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، القائمة على تمديد وقف النار دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي الخطة التي رفضتها الحركة.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية، إن القوات الإسرائيلية تستعدُّ للعودة إلى القتال و«استكمال الإنجازات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة»، وقد أجرت تدريبات قتالية، باعتبار أن القتال سوف يستأنف الأسبوع المقبل.

صورة مأخوذة من جنوب إسرائيل لمبانٍ مدمرة في قطاع غزة في 2 مارس الحالي (أ.ب)

وأكدت القناة الإسرائيلية أنه حتى قبل انتهاء وقف إطلاق النار، كانت القيادة الجنوبية في حالة تأهب قصوى، وتم إصدار أوامر للجنود بالاستعداد لتجديد القتال خلال وقت قصير، وفي الأيام الأخيرة، أجرت القوات تدريبات قتالية، مع توجيه بأن الجيش يجب أن يكون جاهزاً لمجموعة متنوعة من أساليب العمل ضد الأهداف المتبقية في قطاع غزة، جواً وبحراً وبراً.

وفي المرحلة الأولى، يخطِّط الجيش لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، خصوصاً تلك التي انسحب منها الجيش في بداية وقف إطلاق النار، بما في ذلك محور نتساريم في وسط القطاع.

وتستعدُّ إسرائيل للعودة إلى الحرب خلال 10 أيام، بحسب مصادر سياسية إسرائيلية.

طفل فلسطيني يصافح مقاتلين من «حماس» خلال عملية تسليم محتجزين إسرائيليين برفح في 22 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

وقالت المصادر إن القيادة السياسية اتخذت قراراً بالعودة إلى القتال إذا لم تتجاوب «حماس» مع مقترح ويتكوف، بحلول نهاية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.

ومطلع مارس (آذار) الحالي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي استمرَّت 42 يوماً، وكان يفترض أن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنامين نتنياهو، رفض ذلك، وأعلن أن إسرائيل تتبنى مقترح ويتكوف، الذي ينصُّ على إطلاق «حماس» سراح نصف الرهائن المتبقين (الأحياء والأموات) في اليوم الأول من وقف إطلاق النار الممتد، خلال رمضان وعيد الفصح اليهودي (منتصف أبريل/ نيسان المقبل)، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين في نهاية الفترة إذا تم التوصُّل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وتناقش المرحلة الثانية، وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى مرة واحدة.

وخلال المرحلة الأولى حصلت إسرائيل على حصتها من الأسرى (33) قبل أن تنتهي حتى، وبذلك تبقَّى لدى «حماس» 59 محتجزاً، بينهم 34 قتيلاً على الأقل، يفترض أن يُطلَق سراحهم جميعاً في المرحلة الثانية.

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

ويريد نتنياهو الحصول على باقي أسراه، لكن «حماس» رفضت وأصرَّت على تطبيق الاتفاق والدخول إلى المرحلة الثانية.

وبناء عليه قرَّرت إسرائيل أنه إذا استمرَّت «حماس» في موقفها، فإن القتال سيتجدد الأسبوع المقبل.

وتم تحديد ساعة الصفر استناداً إلى عاملين رئيسيَّين: الأول، تسلم رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، مهام منصبه هذا الأسبوع؛ والثاني، الزيارة المرتقبة لويتكوف إلى المنطقة.

وتدرك إسرائيل أن احتمال موافقة «حماس» ضئيلة للغاية. وقال مصدر سياسي للقناة 12: «نحن في طريق مسدود».

وبحسب التقرير، حصلت إسرائيل على ضوء أخضر أميركي من أجل العودة للحرب، بل إن مسؤولاً بارزاً في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: «اقضوا عليهم جميعاً حتى آخر رجل. (حماس) في غزة عقبة أمام التطبيع».

وحالياً تنتشر فرقتان في منطقة غلاف غزة، وهما مسؤولتان عن الدفاع: «الفرقة 252» في الشمال، و«الفرقة 143» في الجنوب، في حين تنتشر قوات كبيرة أيضاً في مدينة رفح، لكن تم أيضاً تم تحويل كتائب إضافية عدة إلى الجنوب قبل أيام قليلة.

دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

وكانت إسرائيل أغلقت المعابر على قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى، ومنعت إدخال البضائع والمساعدات، في محاولة لإجبار «حماس» على قبول خطة ويتكوف، وتلوح الآن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بإمكانية إجبار السكان الذين عادوا إلى شمال قطاع غزة على العودة إلى الجنوب، مرة أخرى.

وقال مصدر أمني إسرائيلي مطّلع على التفاصيل: «اذا تمسَّكت (حماس) بموقفها فلن نتردد في العودة (إلى الحرب) قريباً جداً».

وبينما يحاول الوسطاء نزع فتيل الأزمة، وطلبوا من إسرائيل بضعة أيام أخرى لمحاولة التوصُّل إلى اتفاقات جديدة، وقرَّرت إسرائيل الموافقة على الطلب، يبدو أن «حماس» كذلك بدأت تستعد لاحتمال استئناف الحرب.

واتخذت قيادات من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إجراءات أمنية مشدَّدة، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية باستئناف القتال.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تعليمات مركزية صدرت لقيادات سياسية وعسكرية ونشطاء بارزين في الأجنحة العسكرية للتنظيمين بالاختفاء الكامل، والامتناع نهائياً عن استخدام الهواتف الجوالة.

وحذَّرت تعميمات داخلية بشكل واضح، من احتمال شنِّ إسرائيل سلسلة عمليات اغتيال غادرة مقدمةً لبدء الحرب.

ولوحظ في الأيام الأخيرة تكثيف إسرائيل تسيير طائرات مسيّرة استخباراتية بأنواع مختلفة.

وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط»: «واضح أنهم يعززون محاولات جمع المعلومات الاستخباراتية. بعض الدرون (المسيّرات) من طراز حديث يعمل على جمع معلومات عبر استخدام خوارزميات معينة من خلال الذكاء الاصطناعي؛ لتحديد أماكن المطلوبين ومحاولة الوصول إليهم». أضاف: «لذلك صدرت أوامر بالابتعاد عن استخدام التكنولوجيا بما فيها الهواتف الجوالة، والعودة إلى الطرق المتبعة خلال الحرب».

ومنذ وقف الحرب، كشفت أجهزة أمنية حكومية وأخرى تابعة للفصائل الفلسطينية، كثيراً من الكاميرات والأجهزة التجسسية التي زُرعت في كثير من المناطق داخل القطاع، التي أسهمت في سلسلة من الاغتيالات وضرب أهداف كثيرة، كما كانت كشفت مصادر من المقاومة لـ«الشرق الأوسط» سابقاً.