إسرائيل تضع خطة أمنية جديدة للقدس القديمة

بدعوى منع عمليات فلسطينية ضد المستوطنين

TT

إسرائيل تضع خطة أمنية جديدة للقدس القديمة

كشفت أجهزة الأمن الإسرائيلية عن خطة أمنية جديدة تهدف إلى «تعزيز أمن الإسرائيليين» و«فرض سيادة القانون» على البلدة القديمة من القدس بشكل عام، ونطاق الحرم القدسي الشريف بشكل خاص، فيما تواصل الجمعيات اليهودية اليمينية المتطرفة اقتحام باحات المسجد الأقصى وإقامة شعائر دينية محظورة فيه. وبررت حكومة الاحتلال خطتها الجديدة بـ«منع وإحباط أي عمليات تستهدف قوات الأمن والزوار اليهود والسياح الأجانب».
وذكرت مصادر مقربة من الشرطة أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد أردان، هو الذي يقف وراء الخطة الأمنية، لمنع ما وصفته بـ«الهجمات الفلسطينية» في البلدة القديمة من القدس الشرقية المحتلة، وأن الشرطة بدأت في تجريب خطتها أمس، إذ سمحت لمجموعة كبيرة من 350 شخصاً من المستوطنين والطلاب اليهود، بدخول باحات الأقصى من جهة باب المغاربة، تحت حراسة غير مسبوقة.
وحسب مسؤول العلاقات العامة والإعلام بدائرة الأوقاف الإسلامية، فراس الدبس، فإن 82 مستوطناً و108 طلاب يهود، ومعهم عدد كبير من رجال الشرطة والمخابرات، اقتحموا المسجد الأقصى خلال الفترة الصباحية، وتجولوا في أنحاء متفرقة من باحاته، بحماية شرطية مشددة. وأوضح أن المستوطنين توقفوا عند مسجد عمر (قبة الصخرة المشرفة)، وتلقوا شروحات عن «الهيكل اليهودي» الذي كان يقوم مكانه، حسب زعمهم، وقد حاول بعضهم أداء طقوس وشعائر تلمودية في المسجد.
وقال مسؤول الأوقاف إن عدد السياح الأجانب الذين دخلوا إلى الأقصى، أمس، بلغ 1422 سائحاً، ولا توجد مشكلة في هذا عند المسلمين، «فنحن نرحب بكل من يأتي إلينا زائراً محترماً، يعرف ويعترف بالأماكن المقدسة الإسلامية، ويتصرف داخلها باحترام. لكن مشكلتنا مع المستوطنين أنهم يأتون محتلين متغطرسين، ينتهكون حرماتنا، ويسمعوننا رغباتهم في هدم مسجدنا وإقامة الهيكل عليه، ويمارسون طقوساً دينية يهودية محظورة في هذا المقام».
وتواصل قوات الاحتلال المتمركزة على الأبواب، فرض إجراءاتها على دخول المصلين إلى المسجد، والتدقيق في هوياتهم الشخصية واحتجاز بعضها.
وحول تفاصيل الخطة الأمنية الجديدة، ذكرت تلك المصادر، أنه سيتم تشديد الحزام الأمني في منطقة باب العامود والبلدة القديمة، عبر إقامة مراكز ونقاط تفتيش كبيرة تشبه النقاط العسكرية. وسيتم نشر نقاط التفتيش العسكرية في منطقة باب العامود ومحيطه للسيطرة على الوضع الأمني، كما سيجري نشر قوات «حرس الحدود» في تلك النقاط.
وتشمل الخطة نشر 40 كاميرا أمنية ذكية لتمكين شرطة الاحتلال من مراقبة ما يحدث في المنطقة، سيجري تركيبها في غضون شهر، ووضحت المصادر أنها ستطغى بوضوح على صورة البلدة القديمة. وتشمل إقامة 15 مركزاً جديداً للشرطة في المدينة، وإضافة المئات من رجال الشرطة إلى القوات العاملة فيها. وكان الوزير أردان أعلن إقامة وحدة شرطية خاصة في المسجد الأقصى، بذريعة ما وصفه بـ«الاضطرابات» التي اندلعت أخيراً في المسجد. وتتضمن الوحدة الخاصة أكثر من مائة شرطي جديد، يعملون فقط في مجال الحفاظ على ما يوصف بـ«النظام العام» في منطقة المسجد الأقصى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.