شكلت الاستقالة التي أعلنها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس السبت صدمة على كل المستويات عبّرت عنها مختلف القوى السياسية اللبنانية التي تريثت في إصدار مواقف صريحة منها بانتظار الوقوف عند حيثياتها وظروفها. وأعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون تلقى اتصالاً هاتفياً من الحريري، الموجود خارج لبنان، وأعلمه باستقالة حكومته. وأشار بيان صادر عن القصر الجمهوري إلى أن «عون ينتظر عودة الرئيس الحريري إلى بيروت للاطلاع منه على ظروف الاستقالة ليُبنى على الشيء مقتضاه».
وفي أول رد فعل له على استقالة الحريري، أبدى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أسفه الشخصي، وعلى الصعيد الوطني أيضاً، «على استقالة رئيس الحكومة فيما الحكومة في عز عطائها».
وقال باسيل: «لم نكن على علم بما جرى، لكن كان لدينا شعور وحس بأنه كلما انحسر داعش يصبح هناك سعي لخلق توازن، لكن لبنان سيتخطى هذه الأزمة كما تخطى سواها». وشدد على أننا «سنتخطى الأزمة بالحكمة المطلوبة لتفهم بعضنا، ونعالج هواجس الآخرين، ونقف قرب أخينا اللبناني، وسنتخطى الأزمة بقوتنا، وعلينا أن نصدق أن البلد قوي برئيسه ومؤسساته وجيشه وليرته، والقوة معدية، وكل أزمة نتصدى لها بالقوة والوحدة والقوة».
وأكد باسيل أن من حق اللبنانيين الخوف من حرب على لبنان، لكن إذا حصلت فلبنان سينتصر كما انتصر من قبل؛ ومن حق اللبنانيين الخوف من فتنة داخلية، لكن اللبنانيين أقوى منها، والتجارب أثبتت ذلك، كما حق للبنانيين الخوف من أزمة حكم عندما يسعى أحدهم لاستبعاد غيره، لكن كل ما حصل من خطأ في السابق نقول إنه لن يتكرر، ونحن مع الشراكة.
وبدا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط متخوفاً من تداعيات الاستقالة، فاعتبر «لبنان أكثر من صغير وضعيف ليحتمل الأعباء السياسية والاقتصادية لهذه الاستقالة». وفي وقت لاحق، شدد على أنه «مهما كانت الصعوبات فإن التضحية من أجل الحد الأدنى من الوفاق والحوار يجب أن تكون الأساس من أجل لبنان»، لافتاً إلى أن «حياة المرء مرهونة بالأقدار». وسأل جنبلاط: «ألم تسمعوا بالآية الكريمة: (يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)». وأضاف: «على هذا نتابع المسيرة مدركين صعوبتها وتعقيداتها لكن نقول للقاصي والداني نحن أصحاب البيت والقضية وعليه نتوكل على الله ونتابع واجب خدمة البلد».
وبينما لفت ما أعلنه وزير العمل محمد كبارة إلى أن استقالة الحريري «إعلان تحالف عربي لضرب الشر الإيراني في لبنان»، وصف النائب بطرس حرب هذه الاستقالة بـ«الصادمة والمفاجئة في آن»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّها «صادمة بمحتواها وحيثياتها ومفاجئة لأن المسار السياسي لم يكن يوحي بتغيّر سريع وبهذا الحجم». وقال حرب: «كما أن ما أفيد عن ارتباط الاستقالة بعملية لاغتيال الرئيس الحريري أمر مقلق ويدفع لكثير من التساؤل حول مدى نجاح الصفقة السياسية الأخيرة». واعتبر حرب أن «لبنان يمر حالياً بمرحلة دقيقة»، مشيراً إلى أنه «لا إمكانية لتحديد اتجاه الأمور في الأيام المقبلة». وأضاف: «الثابت الوحيد أن في البلد بعض الرجال الحكماء القادرين على حماية لبنان من الوقوع بالمجهول والتصدي لأي خفة في إدارة البلد، مماثلة لتلك التي شهدناها طوال العام الماضي».
بدوره، حيّا الرئيس اللبناني السابق، ميشال سليمان، الحريري على موقفه، واعتبر أن «المطلوب الآن من رئيس الجمهورية هو المباشرة بتحييد لبنان». ورجّح سليمان أن تكون تداعيات استقالة الحريري «إيجابية»، مشدداً على أنه «لا يمكن لدولة أن تبني دولة داخل لبنان ولا يمكن أن يكون هناك جيشان». وطالب الرئيس السابق بـ«سحب (حزب الله) من سوريا، ووضع استراتيجية دفاعية»، معتبراً أن «التسويات يجب ألا تأتي على حساب سيادة لبنان».
وقال زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية مساء أمس إن استقالة الحريري «لا نعرف سببها ولكننا لن نرضى برئيس حكومة يتحدى المكوّن السني ولا يحظى برضى وطني».
وفضّل حزبا «الكتائب» و«القوات» التروي قبل إصدار مواقف رسمية من استقالة الحريري. وقال مصدر في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «تريثاً كبيراً في التعاطي والتعليق على الموضوع». واقتصرت التصريحات الصادرة عن الحزبين على موقف أدلى به النائب أنطوان زهرا عبّر خلاله عن أمله في أن تكون استقالة الحريري «انتفاضة كرامة في وجه كل العراقيل السياسية»، فيما أقر النائب إيلي ماروني (الكتائب) بأن الاستقالة كانت مفاجئة، وقال: «نفضل التريث لأن هذه الخطوة ستكون مزعجة على الصعد كافة».
وقال وزير التربية مروان حمادة، (المقرب من الحريري وجنبلاط) تعليقاً على الاستقالة: «كنا نتوقع هذه النهاية بسبب الضغوطات التي تعرض لها منذ تلك التسوية التي كان من المتوقع أن تكرس النأي بالنفس وتغليب المؤسسات على أي اعتبار آخر. فإذا بالبلد ينحدر على رغم جهود الرئيس الحريري إلى ما هو بعيد وبعيد جداً عن التسوية وخطاب القسم والبيان الوزاري».
أما وزير المهجرين طلال أرسلان المتحالف مع «حزب الله» فاعتبر استقالة الحريري من رئاسة مجلس الوزراء «ليست استقالة طبيعية»، قائلاً: «هناك ضغط معين حصل من الضرورة أن نعرف حيثياته واتجاهاته والأمور كان يجب أن تدار بشكل آخر». ولفت أرسلان إلى أن «في الحكومة كثيرا من الأضداد»، مضيفاً: «ككقراءة أوليّة هناك تساؤلات كثيرة تجول في خاطري على ما يحضّر للبنان».
صدمة في لبنان ترافق إعلان الحريري استقالة حكومته
عون يُعلن أنه ينتظر الاطلاع على ظروفها «ليُبنى على الشيء مقتضاه»
صدمة في لبنان ترافق إعلان الحريري استقالة حكومته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة