ترقّب إقليمي ودولي... وإيران «منزعجة»

TT

ترقّب إقليمي ودولي... وإيران «منزعجة»

استأثرت استقالة رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري من رئاسة الحكومة، بمتابعة إقليمية ودولية، وتقاطعت القراءات عند انعكاساتها الخطيرة على لبنان والمنطقة، بما يؤشر لمرحلة مواجهة كبيرة. وفيما علّق وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان على خطوة الحريري بتغريدة قال فيها إن «أيدي الغدر والعدوان يجب أن تبتر»، بدت إيران الدولة الأكثر انزعاجاً، وأقرّت بأن «استقالة الحريري ستسبب فراغاً سياسياً في لبنان».
وفيما لم يصدر فوراً أي موقف أميركي أو أوروبي، وصف مصدر دبلوماسي روسي استقالة الحريري بـ«المؤسفة والسلبية»، وقال في تصريح لوكالة الأنباء «المركزية» اللبنانية: «لا نتمنى إلا التعاون مع حكومة فاعلة، وهذه الاستقالة التي فاجأت الجميع ستوقف كل المشاريع التي كانت روسيا تنوي تنفيذها مع الحكومة اللبنانية».
وتعليقاً على كلام مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي من بيروت عن إثارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موضوع التوفيق بين إيران والسعودية خلال زيارته طهران، لفت المصدر الروسي إلى أن «هذا الأمر يُسأل عنه الطرفان المعنيان لكنني لم ألمس أي مؤشرات إيجابية في المناخ السياسي الإقليمي، تؤدي إلى تقارب سعودي - إيراني».
وقال المصدر الدبلوماسي الروسي إنه «لا يمكن أن نفصل الاستقالة عن سياق الموقف الأميركي المعادي لـ«حزب الله» وإيران»، واضعاً التبريرات التي أعطاها الحريري للاستقالة في خانة «وجهات النظر التي لا نتفق معها، ولدينا وجهة نظر مغايرة حول الوضع الراهن»، مشيراً إلى أن «ما حصل كان مفاجأة غير متوقعة، ولا يصب في مصلحة تنقية الأجواء في المنطقة».
أما الموقف الإيراني فعبّرت عنه وزارة الخارجية الإيرانية التي هاجمت المملكة العربية السعودية بعنف، واعتبرت أن «استقالة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري هي سيناريو» هدفه «تأجيج التوتر في لبنان والمنطقة». في حين رأى المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني في الشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان أن إعلان الحريري الاستقالة «إجراء متسرع ومفاجئ»، مشيراً إلى أن الاستقالة «تأتي في مرحلة هزيمة (داعش) وهزيمة مؤامرة التقسيم وهزائم واشنطن وتل أبيب». وأضاف عبد اللهيان أن علي أكبر ولايتي قال خلال زيارته بيروت مؤخراً إن إيران «تريد استقلال ووحدة لبنان»، مؤكداً أن «استقالة الحريري ستسبب فراغاً سياسياً»، مضيفاً أن «قرارات الكونغرس الأميركي ضد إيران وحزب الله اتخذت عقب يأس» الأميركيين من «نجاح داعش»، بحسب ما قال.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية من طهران تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي عبّر فيها عن أسفه لاستقالة رئيس الوزراء اللبناني. وصرح قاسمي بأن «تكرار الاتهامات غير الحقيقية وبلا أساس، الصادرة ضد إيران، على لسان رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، يثبت أن هذه الاستقالة سيناريو جديد لإثارة التوتر في لبنان والمنطقة، لكننا نؤمن بأن الشعب اللبناني سيتجاوز هذه المرحلة بسهولة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.