الحكومة التونسية تقر إجراءات لمكافحة غسل الأموال

TT

الحكومة التونسية تقر إجراءات لمكافحة غسل الأموال

أقر يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، مجموعة جديدة من الإجراءات الحكومية لمكافحة غسل الأموال ومنع تمويل الإرهاب، بعد أن ناقش مجلس وزاري مصغر سبل تقييم المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وسبل تطوير العمل بها، والوقوف على النواقص التي تمكّن التنظيمات الإرهابية من الإفلات من الرقابة، ومواصلة تلقي الدعم المادي.
وتأتي هذه الإجراءات بعد يوم واحد من عودة ملف الإرهاب إلى واجهة النقاش السياسي والاجتماعي، إثر طعن عنصر إرهابي رجلَي أمن أمام مقر البرلمان؛ مما أدى إلى وفاة أحدهما.
ودعت هذه المخاوف الحكومة إلى التسريع في سن قانون متعلق بالجرائم السيبرانية (المرتبطة بشبكة الإنترنت)، والعمل مع المعهد التونسي للإحصاء (معهد حكومي) على وضع منظومة كاملة للإحصائيات المرتبطة بالأحكام القضائية، والأموال المصادرة ضمن جرائم غسل الأموال والإرهاب.
وكانت الحكومة قد فرضت خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي على مختلف الجمعيات المحلية تقديم تفاصيل إلى الجهات الحكومية حول عملياتها المالية ومختلف الأنشطة المالية. وفي السياق ذاته، من المنتظر إدخال تعديلات على القانون المتعلق بالسجل التجاري التونسي، بما يسمح بالتعمق في تقفي آثار مصادر الأموال، سواء المحلية أو الوافدة من الخارج. كما دعت الحكومة إلى الإسراع في إصدار أمر حكومي يقضي بتجميد أموال الأشخاص والمنظمات المرتبطة بتمويل الإرهاب، وفق اتفاقيات الأمم المتحدة المطبقة في هذا الجانب.
في هذا الشأن، قال المنذر ثابت، المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط»: إن مثل هذه الإجراءات الحكومية «ضرورية، وما على الحكومة إلا أن تأخذ بزمام الأمور، وأن تسلط أشد العقاب على الأطراف والمنظمات الداعمة للإرهاب»، معتبرا أن استراتيجية تجفيف المنابع المالية يمكن أن تفرز نتائج إيجابية ومهمة، لكنها تبقى عاجزة وحدها عن القضاء على ظاهرة الإرهاب المتعددة الأسباب، على حد تعبيره.
ومنذ سنة 2015، أقرت السلطات استراتيجية محلية لمكافحة التطرف والإرهاب، ترتكز على أربعة أسس جوهرية، تتمثل في الوقاية والحماية والتتبع والرد. وقد تم التركيز في الجانب المتعلق بالوقاية على أن التهديد الإرهابي في تونس نتاج عوامل متعددة مرتبطة أساسا بالتشدد والتطرف العنيف والجريمة المنظمة، وانتشار السلاح والذخيرة، إلى جانب عدم الاستقرار السياسي بالمنطقة برمتها.
وشددت الاستراتيجية على أن التصدي لهذه المخاطر يتم عبر قطع الطريق أمام محاولات الاستقطاب التي تقوم بها المجموعات الإرهابية عبر الإنترنت، وفي بعض المساجد الخارجة عن السيطرة الحكومة ومؤسسات السجن.
على صعيد آخر قال عماد الخصخوصي، عضو المجلس الأعلى للقضاء في تصحيح إعلامي: إن المجلس لم يتلق أي طلب رسمي لرفع الحصانة عن ناجم الغرسلي القاضي، وزير الداخلية السابق، الذي وجهت له تهمة التآمر على أمن الدولة ضمن قضية رجل الأعمال التونسي شفيق جراية القابع في السجن. وأكد المصدر ذاته، عدم إمكانية إيداع أي قاض بالسجن إلا في حال موافقة المجلس الأعلى للقضاء على رفع الحصانة عنه، معتبرا أن إجراءات رفع الحصانة غير معقدة، ولا تتطلب وقتا طويلا.
ويخضع إصدار بطاقة إيداع في حق أي قاض تونسي وتوجيه التهمة إليه لموافقة المجلس الأعلى للقضاء، وذلك بصدور قرار من المجلس برفع الحصانة عن القاضي قبل إيقافه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».