كردستان في مواجهة أزمة «ديون تركيا»

أنقرة تصر على استعادة قروضها قبل استئناف تصدير النفط العراقي

موظفون يتظاهرون في السليمانية احتجاجا على تأخر دفع رواتبهم (إ.ب.أ)
موظفون يتظاهرون في السليمانية احتجاجا على تأخر دفع رواتبهم (إ.ب.أ)
TT

كردستان في مواجهة أزمة «ديون تركيا»

موظفون يتظاهرون في السليمانية احتجاجا على تأخر دفع رواتبهم (إ.ب.أ)
موظفون يتظاهرون في السليمانية احتجاجا على تأخر دفع رواتبهم (إ.ب.أ)

لا تبدو الحكومة الاتحادية في بغداد في عجلة من أمرها فيما يتعلق بمسألة رواتب موظفي إقليم كردستان الذين باتت أحوالهم المعيشية على حافة الانهيار بسبب تأخر دفع رواتبهم، ما حدا بهم إلى الخروج للشوارع والتظاهر ضد حكومة الإقليم التي عجزت حتى حد الآن عن دفع رواتب أغسطس (آب) من العام الجاري.
الحكومة الاتحادية أوقفت تدفق النفط الكردي إلى ميناء جيهان التركي وسيطرت على المنافذ الحدودية وأوقفت حركة المطارات ويقول الأكراد إنها لا تبالي بالوضع المعيشي لموظفي كردستان، وهذا ما دفع بالنواب الكرد في البرلمان العراقي إلى التحرك باتجاه ممارسة المزيد من الضغط عليها لتقديم ولو «سلفة» واحدة لدفع الرواتب ثم استقطاعها من حصة الإقليم بالموازنة العامة.
وقال النائب الكردي أحمد الحاج رشيد، مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، لـ«الشرق الأوسط» إنه والنائبة سروة عبد الواحد التقيا السفير الأميركي في بغداد لحثه على ممارسة الضغط ضد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للإسراع بحل مشكلة رواتب موظفي الإقليم، وقال: «يبدو أن السيد العبادي لا يعمل إلا تحت الضغط، فهو يشترط عودة جميع المنافذ والآبار النفطية إلى سيطرة الحكومة الاتحادية قبل دفع الرواتب، وهذا أمر قد يطول كثيرا، وأوضاع الموظفين لا تحتمل مزيدا من التأخير»، وأكد: «لقد أبلغنا السفير الأميركي بأننا النواب الكرد سنقاطع مناقشات الموازنة داخل البرلمان إذا لم تسرع الحكومة بدفع تلك الرواتب».
وقال الحاج رشيد: «لقد أرسلت عدة رسائل من خلال عدد من المقربين إلى السيد العبادي لكي أجتمع به بصفتي مقررا للجنة المالية البرلمانية ونبحث معا عن الحلول السريعة والممكنة لحل مشكلة رواتب موظفي الإقليم، والاتفاق على الأقل بدفع سلفة مالية للإقليم على أن يتم استقطاعها لاحقا من الحصة المقررة بالموازنة العامة، ولكن لحد الآن لم يرد العبادي على طلبي، ولذلك سأستمر في جهودي من أجل حل المشكلة، وسألتقي خلال الأيام المقبلة بالرئيس فؤاد معصوم الذي بادر بطلب لقائي لكي نبحث جميعا عن السبل الكفيلة بالضغط على السيد رئيس الوزراء للاستعجال بهذا الأمر».
واللافت للنظر أن إصرار العبادي على بسط السيطرة الكاملة على آبار النفط الكردية كشرط مسبق لدفع ميزانية إقليم كردستان ورواتب الموظفين، يصطدم بالشرط التركي الذي يدعو إلى دفع ديونها المترتبة على حكومة إقليم كردستان قبل السماح بمرور النفط العراقي عبر الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي تحت إشراف شركة «سومو» العراقية. فتركيا سبق وأن قدمت قروضا تبلغ أربعة مليارات دولار لحكومة الإقليم لتمكينها من دفع رواتب موظفيها، وهي تصر حاليا على استعادتها قبل استئناف عمليات تصدير النفط العراقي، ولكن النائب أحمد الحاج رشيد يرى بأن هذا أمر عسير على الحكومة الإقليمية لأنها لا تملك اليوم أي موارد حتى تفي بتلك الديون، ويقول: «من الناحية الدستورية فإن الحكومة الاتحادية ليست ملزمة بتصفية تلك الديون، ذلك لأن الدستور العراقي ينص على أن أي ديون تطلبها الحكومة من الدول الخارجية يجب أن تمر عبر البرلمان، وأن تكون بموافقة نواب البرلمان، وبما أن حكومة إقليم كردستان لم تحصل على موافقة البرلمان حين استدانت تلك القروض من تركيا، فإن تلك الديون ستبقى بذمة من حصلوا عليها، ولا تلزم الحكومة الاتحادية بدفعها».
وبين الشروط التركية والعراقية والتهرب من مسؤولية دفع تلك القروض، يدفع المواطن الكردي ضريبة باهظة من حياته المعيشية التي تسير يوما بعد آخر إلى حالة أسوأ من ذي قبل، دون أن يكون هناك بصيص أمل في تلقي ولو جرعة إنعاشية تحسن حالته المعاشية.
في غضون ذلك كشف وزير النفط العراقي جبار لعيبي في تصريح له أثناء افتتاح مخازن الوقود بمدينة كربلاء يوم أمس أن «العراق وتركيا لم يتوصلا بعد إلى أي اتفاق لتصدير النفط العراقي عبر حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي»، مؤكدا أن «المباحثات ستستمر مع الجانب التركي لهذا الغرض في الأيام المقبلة».
وفي حين تصر الحكومة العراقية على بسط سيطرتها الكاملة على الآبار النفطية التي كانت تحت سيطرة القوات الكردية في السابق، كشف مصدر طلب عدم ذكر اسمه أنه «رغم أن الحكومة الاتحادية تمكنت من السيطرة التامة على حقول وآبار النفط في كركوك ومخمور وبعض مناطق الموصل، لكن هناك عدة آبار نفطية أخرى ما زالت تحت سيطرة القوات الكردية لم تسلم بعد إلى الحكومة الاتحادية». وأشار المصدر إلى أن «تلك الآبار النفطية والبالغ عددها 34 بئرا تقع في منطقة سحيلة القريبة من الحدود العراقية السورية وهي (24 بئرا في قرية عليوكة، و4 آبار في قرية ئيسكا، و6 آبار في قرية وليد وكلهة)، وبحسب المقاييس العراقية فإن هذه الآبار يفترض أن تنتج 3 آلاف برميل من النفط يوميا، ولكن في واقع الحال فإن إنتاج تلك الآبار يتجاوز 15 ألف برميل يوميا وتصدر بالصهاريج».
وفي سياق متصل كشفت مصادر كردية بالبرلمان العراقي أن «مشروع قانون الموازنة تتم مناقشته بمجلس الوزراء الاتحادي حاليا، وبحسب التسريبات التي وصلت إلى النواب الكرد فإن بعض مفردات هذا المشروع يتعارض تماما مع مصلحة شعب كردستان، وعليه فإن النواب الكرد يهددون بمقاطعة جلسات المناقشة البرلمانية إذا لم تعدل مواد مشروع ذلك القانون». وترى تلك المصادر أن «حصة كردستان تم تخفيضها من 17 في المائة إلى 12.67 في المائة، مقابل زيادة نسبة التخصيصات السيادية إلى 40 في المائة من موازنة العراق في حين كانت النسبة عام 2012 تبلغ 25 في المائة فقط، وهذا سيؤثر على حصة الإقليم بشكل كبير».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.