مصر: جماعة مسلحة غير معروفة تعلن مسؤوليتها عن حادث «الواحات»

خبير حركات متطرفة لـ «الشرق الأوسط»: «أنصار الإسلام» أحد تشكيلات «القاعدة» ونشط بليبيا

TT

مصر: جماعة مسلحة غير معروفة تعلن مسؤوليتها عن حادث «الواحات»

أعلنت جماعة مسلحة غير معروفة تُدعى «أنصار الإسلام» أمس، مسؤوليتها عن هجوم الواحات الإرهابي الذي وقع في الصحراء الغربية، وأدى إلى مقتل عدد من أفراد الشرطة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال الباحث عمرو عبد المنعم، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، لـ«الشرق الأوسط»: إن «أنصار الإسلام» أو «المرابطون» هي أحد تشكيلات تنظيم القاعدة، ونشطت في ليبيا عقب فرار عناصرها من سيناء قبل عامين.
ووقعت اشتباكات مع عناصر «إرهابية» بصحراء الواحات بمحافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة القاهرة، عقب ورود «معلومات للأجهزة الأمنية تٌفيد بوجود عناصر متطرفة اتخذت صحراء الواحات مخبأ لها، للتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية ضد قوات الشرطة والجيش... وخرجت مأموريتان للشرطة حينها باتجاه الموقع المحدد الذي يختفي فيه المتشددون، وخلال تقدم إحدى المأموريتين تعرضت لإطلاق نار؛ ما أسفر عن مقتل عدد من عناصر الشرطة المصرية.
بيان «أنصار الإسلام» نقلته أمس، جماعة أخرى تُدعى «حراس الشريعة»، في حين بدا أن هدف البيان، هو تعريف الرأي العام المصري بالجماعة الجديدة، التي قالت إنها «تستهدف الضباط على وجه التحديد».
ولم تقدم الجماعة الوليدة، دليلاً على تنفيذها للهجوم الإرهابي عبر صور أو مقاطع فيديو مثلما تفعل التنظيمات والحركات الإرهابية، مثل «داعش» و«حسم» و«ولاية سيناء». لكنها قالت في البيان الذي نشرته على الإنترنت وتداولته حسابات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي: «ها هي معركة عرين الأسد في منطقة الواحات البحرية على حدود القاهرة... وهذا هو الهجوم الأول».
وأعلنت وزارة الداخلية في وقت سابق، مقتل وإصابة عدد من الإرهابيين في حادث الواحات، فضلاً عن مقتل 16 من قواتها وإصابة 13 آخرين.
وقال عبد المنعم: إنه «منذ عام ترك تنظيم القاعدة المساحة لهيكل جديد، تخلص تماماً من أفكار الماضي الخاصة بـ(القاعدة)، بأن تكون أفكاره قريبة من جغرافية كل منطقة سوف يكون بها، بعيداً عن فكرة ضرورة البيعة التي يصر عليها تنظيم القاعدة».
لافتاً إلى أن «الهيكل التنظيمي الجديد لـ(القاعدة)، والذي من بينه جماعة (أنصار الإسلام) تخلص من فكرة الخلافات الداخلية في القضايا العقائدية وتكفير العوام؛ لأنها كانت من الأسباب التي جعلت تنظيم داعش ينشق عن (القاعدة)». مضيفاً: «أنصار الإسلام» تتكون من «المجموعات الموالية لـ(القاعدة) في مناطق الساحل الأفريقي، ونشطت في ليبيا بعد الثورة عام 2011».
وفي مارس (آذار) الماضي، جرى الإعلان عن انصهار كبرى الجماعات الإسلامية المسلحة النشطة في الصحراء الكبرى ودول الساحل الأفريقي، في حركة جديدة تحمل اسم «أنصار الإسلام»، وأعلن التنظيم الجديد مبايعته لأمير تنظيم القاعدة المزعوم أيمن الظواهري، وأبو مصعب عبد الودود أمير تنظيم القاعدة المزعوم في بلاد المغرب.
من جهته، أضاف عمرو عبد المنعم، أن جماعة «أنصار الإسلام» على خلاف مع تنظيم داعش بسبب رفضها فكرتين، الأولى، مسألة العذر بالجهل وهل هي خلافية أم لا؟، والأخرى فكرة البيعة؛ لذلك انتقلت الجماعة إلى «القاعدة»، لافتاً إلى أن عناصر «أنصار الإسلام» انشقت عن تنظيم «ولاية سيناء» أو «(أنصار بيت المقدس) سابقاً الموالي لـ(داعش) في مصر»، وغادروا سيناء منذ عامين؛ لأنهم لم يجدوا موضع قدم هناك، وانضموا إلى «القاعدة» ونفذوا سلسلة العمليات الإرهابية في الواحات، لدرايتهم بجغرافية المكان في الصحراء الغربية، وقدرتهم على التعامل مع المهربين... ويقوم بقيادة الجماعة الحديثة في مصر، هشام عشماوي، ومساعده عماد عبد الحميد، الذي قتل أول من أمس على يد الجيش المصري، وهو ضابط مفصول لاعتناقه الأفكار التكفيرية، وعمل مساعدا للإرهابي عشماوي، وهو ضابط مفصول أيضاً، والآن هو قائد جماعة «أنصار الإسلام».
وكانت قوات الأمن المصرية، قد نفذت عمليات عدة قرب الحدود الغربية مع ليبيا، ضد المجموعات المسلحة التي تنشط في الصحراء الغربية، التي باتت مسرحاً جديداً للإرهاب في مصر يضاف إلى البؤرة التقليدية في شمال شبه جزيرة سيناء.
وتشكل الصحراء الغربية مصدر خطورة على الأمن المصري؛ كونها بالأساس ملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا التي تشهد صراعات أمنية وسياسية منذ عام 2011، سمحت للمسلحين من الجماعات الإرهابية المنتشرة بشكل مكثف هناك، بالعبور إلى مصر وتهريب مختلف أنواع الأسلحة.
وكشف عبد المنعم، عن أن جماعة «أنصار الإسلام» دخلت مصر عبر 70 إلى 80 سيارة دفع رباعي من الحدود الليبية، وكانت الجماعة تنتوي الذهاب بالضباط المصري محمد الحايس، الذي كان مختطفاً لديها إلى «درنة» بليبيا؛ لكن ضربات الجيش والشرطة والطيران المصري، أوقفت هذا المخطط، وتم تحرير الضابط.
وأعلنت السلطات المصرية قبل يومين، تحرير الحايس، وقام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارته بمستشفى «الجلاء» العسكري (شرق القاهرة) الذي يتلقى العلاج فيه. وأكدت مصادر أمنية حينها، أن «قوات الأمن حاصرت أعضاء الخلية على مدار الأيام الماضية للحيلولة دون الهرب بالنقيب الحايس خارج مصر، وهي عملية لعب فيها الطيران دوراً كبيراً... والحايس كان موجوداً في مكان بعيد عن تجمع العناصر الإرهابية، وأن البعض حاول الفرار به إلى ليبيا، قبل أن تباغتهم القوات وتقوم بتحريره».
وعن مستقبل جماعة «أنصار الإسلام» في مصر خلال الفترة المقبلة، قال عبد المنعم: «أتوقع أن يكون مستقبلها أنشط من (ولاية سيناء) أو (داعش سيناء)؛ لأن الجماعة تسعى لعدم تكفير الآخر، وتسعى لفكرة السيطرة على الإمكانات والعمل اللوجيستي، وليس السيطرة على الأرض».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».