العالول لـ «الشرق الأوسط»: سنقاضي الحكومة البريطانية فوراً

مظاهرات وصفارات إنذار في فلسطين... والسلطة ستطلب اعتذاراً وتعويضات واعترافاً بالدولة

متظاهرون في مدينة رام الله يرفعون شعارات مضادة لبريطانيا وصوراً ملطخة لرئيسة حكومتها تيريزا ماي (أ.ب)
متظاهرون في مدينة رام الله يرفعون شعارات مضادة لبريطانيا وصوراً ملطخة لرئيسة حكومتها تيريزا ماي (أ.ب)
TT

العالول لـ «الشرق الأوسط»: سنقاضي الحكومة البريطانية فوراً

متظاهرون في مدينة رام الله يرفعون شعارات مضادة لبريطانيا وصوراً ملطخة لرئيسة حكومتها تيريزا ماي (أ.ب)
متظاهرون في مدينة رام الله يرفعون شعارات مضادة لبريطانيا وصوراً ملطخة لرئيسة حكومتها تيريزا ماي (أ.ب)

وَجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتحريك دعوى قانونية ضد بريطانيا بسبب وعد بلفور، بوصفه جريمةً سياسيةً بحق الشعب الفلسطيني، وذلك في الذكرى المئوية لهذا الوعد الذي أعطاه وزير الخارجية البريطاني الأسبق، آرثر بلفور، في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1917، لزعيم الجالية اليهودية آنذاك ليونيل روتشيلد، يتعهد فيه بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وقال محمود العالول نائب الرئيس الفلسطيني في حركة فتح، لـ«الشرق الأوسط»: «سنقاضي الحكومة البريطانية بأسرع وقت على جريمتها بحق الشعب الفلسطيني، المتمثلة بوعد بلفور».
وأضاف: «سنتوجه أولاً أمام القضاء البريطاني ثم الدولي والأوروبي».
وأكد العالول أن دوافع التحرك الفلسطيني بسبب تمسك بريطانيا بهذا الوعد بعد 100 عام على صدوره، وإصرارها على الاحتفال به.
ويفترض أن يوقع وزير الخارجية، رياض المالكي، في وقت قريب جداً، تفويضاً لمكتب محاماة بريطاني لمتابعة هذه الإجراءات القانونية.
وستطلب السلطة إلزام الحكومة البريطانية بتقديم الاعتذار، وتقديم تعويضات مناسبة بدل المأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني بسبب الوعد، بما يشمل وجوب الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كما ستلجأ السلطة للتعاون مع فلسطينيين يحملون الجنسية البريطانية، وتضرروا من الوعد بطريقة أو بأخرى من أجل تحريك قضايا شخصية بالتزامن.
وسيتم رفع القضايا أولا أمام المحاكم البريطانية، على أن تتم دراسة إمكانية رفع قضايا أمام محاكم دولية.
وتحرك الفلسطينيون ضد بريطانيا بعد أن رفضت حكومتها طلباً سابقاً بإلغاء احتفال رسمي بمئوية الوعد، وهو الأمر الذي استفزهم إلى حد كبير، إلى جانب أنها رفضت اقتراحاً بالاعتراف بدولة فلسطين من أجل نزع فتيل الأزمة.
وقال زير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، إن الحكومة الفلسطينية بذلت كل جهد ممكن لإقناع الحكومة البريطانية بالعدول عن قرارها الاحتفال بمئوية وعد بلفور «لما يمثل ذلك من فقدان للحساسية التي يمكن أن يولدها مثل هذا الاحتفال لأبناء الشعب الفلسطيني الذي اكتوى بنتائج هذا الوعد، ودفع ثمناً باهظاً تمثل بحالة الشتات وفقدان وطنه ولا يزال يدفع هذا الثمن وانعكاساته حتى اللحظة».
وأضاف: «للأسف فغياب الحساسية والإحساس بالمسؤولية السياسية والأخلاقية تأكد أنه ما زال يشكل الموقف البريطاني الرسمي حتى اللحظة، وعلى الرغم من مرور مائة عام على ذلك الوعد. وبعد أن تم استنفاد كل ما يمكن على مستوانا لإقناع الحكومة البريطانية بالعدول عن هذه الاحتفالات اللاأخلاقية وغير المسؤولة، تجد دولة فلسطين نفسها أمام التزام أخلاقي ووطني تجاه شعبها، وعليه سوف أوقع قريباً تفويضاً لمكتب محاماة بريطاني، لمتابعة هذه الإجراءات القانونية وبأسرع ما يمكن، من أجل تحقيق العدالة ورفع الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني، وإلزام الحكومة البريطانية بتقديم الاعتذار وتقديم التعويضات المناسبة بديلاً عن هذه المأساة، وبما يشمل ضرورة الاعتراف بدولة فلسطين التي أنكرت حقها في الوجود».
وكانت الحكومة البريطانية قد رفضت طلبات فلسطينية، بما فيها طلب من الرئيس محمود عباس بإلغاء احتفال عشاء بمناسبة مئوية بلفور يفترض أنه أقيم أمس، وحضره كذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بقصر «لانكستر هاوس» في لندن.
ووصف أمين سر اللجنة التنفيذية، صائب عريقات، الاحتفال البريطاني بوعد بلفور بعار لا يضاهيه أي عار، باعتباره احتفالا بالاستعمار، في وقت طلبت الرئاسة الفلسطينية، الحكومة البريطانية بالاعتذار العلني للشعب الفلسطيني، والاعتراف بدولة فلسطين.
وقالت الرئاسة في بيان رسمي، أصدرته أمس: «تصادف يوم الثاني من نوفمبر الذكرى المئوية لصدور وعد بلفور المشؤوم، الذي أعطت الحكومة البريطانية في عام 1917 بموجبه يهود العالم وطناً قومياً لهم في فلسطين، وهي على علم بأن فلسطين يملكها ويعيش فيها شعبٌ آخر هو الشعب الفلسطيني، وإمعاناً في سياستها الاستعمارية، لم تشر الحكومة البريطانية في هذا الوعد الباطل إلى أصحاب البلاد الأصليين والشرعيين بل اعتبرتهم طوائف لها حقوق مدنية ودينية، ولم تشر إلى حقوقهم الوطنية والسياسية».
وأضافت الرئاسة: «لقد عانى الشعب الفلسطيني جراء هذا الوعد الذي تحول فيما بعد، في صك الانتداب وفي ميثاق عصبة الأمم إلى قرار واجب التنفيذ، بفعل تواطؤ الحكومة البريطانية - مع كثير من الكوارث، كان على رأسها نكبة عام 1948 التي شردت معظم سكان البلاد الأصليين من بيوتهم».
وتابع البيان: «ومنذ ذلك الحين لم تتوقف معاناة وعذابات أبناء الشعب الفلسطيني، أكان ذلك داخل ما تبقى من أرض فلسطين، التي يمضي اليوم أيضاً خمسون عاماً على احتلالها منذ عام 1967، أو في مخيمات المنافي والشتات».
وجاء في البيان أن «الحكومة البريطانية التي أصدرت وعد بلفور، والحكومات البريطانية اللاحقة بما فيها حكومة السيدة تيريزا ماي، تتحمل المسؤولية الأساس عما لحق بالشعب الفلسطيني من تشريد ومعاناة متعددة الأشكال».
وأردف البيان: «فلولا وعد بلفور لما جرى اقتلاع الشعب الفلسطيني المسالم من أرضه، وما يثير الغضب هو أن الحكومة البريطانية اليوم تصر رغم مطالبتنا لها باحترام مشاعر الفلسطينيين، على الاحتفال بالذكرى المائة لإصدارها وعد بلفور المشؤوم، إمعاناً في إشهار وتأكيد سياساتها الاستعمارية ضد شعبنا الفلسطيني».
وكررت الرئاسة مطالبة الحكومة البريطانية بالاعتذار العلني للشعب الفلسطيني عن إصدار وعد بلفور، وتحمل تبعات إصدار هذا الوعد، وذلك بتعويض الشعب الفلسطيني سياسياً ومادياً ومعنوياً، والاعتراف بدولة فلسطين، والعمل على إنهاء الاحتلال عن أرضها، مثلما رعت بريطانيا قيام دولة الاحتلال، إسرائيل على أرض فلسطين.
وعلى الأرض تظاهر الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، منددين بالوعد والحكومة البريطانية التي تصر على الاحتفال به.
وخرج الفلسطينيون في مظاهرات في شوارع المدن الرئيسية في رام الله وبيت لحم ونابلس والخليل وطولكرم وجنين ورفعوا الإعلام الفلسطينية وصوراً للشعب الفلسطيني قبل وعد بلفور وبعده، في إشارة إلى الشتات الذي سببه الوعد، وشعارات تؤكد على أن الحق الفلسطيني لن يسقط بالتقادم.
وبدأت الفعاليات بإطلاق صفارات الإنذار منتصف النهار لمدة 100 ثانية بعدد سنوات الوعد، ثم اعتصم الفلسطينيون في الميادين العامة.
وفي القدس قدم طلبة فلسطينيون رسائل موجه لماي تحتج على الاحتفال بمئوية بلفور، وتطالب بتصحيح الخطأ التاريخي.
وتظاهر الفلسطينيون كذلك في قطاع غزة، ورفعوا الأعلام الفلسطينية وأعلام الفصائل وشعارات ضد وعد من «لا يملك لمن لا يستحق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».