أونغ سان سو تشي، الرئيسة الفعلية لميانمار الحائزة جائزة نوبل للسلام تعرضت لانتقادات منذ اندلاع أزمة الروهينغا بسبب صمتها الشديد، الذي لاقى استهجاناً عالمياً، حيال عمليات التنكيل التي تعرض لها أبناء الأقلية المسلمة من قبل جيش ميانمار والميليشيات البوذية. وفي الأمس قامت سو تشي لأول مرة بزيارة مفاجئة لولاية راخين، التي كان يقطنها أكثر من مليون نسمة من الروهينغا، وهرب أكثر من نصفهم إلى بنغلاديش خوفاً على حياتهم بعد أن حُرِقت قراهم في عمليات وُصِفت من قبل المنظمات الدولية بأنها حملة «تطهير عرقية» الهدف منها طردهم والتأكد من عدم عودتهم إلى ديارهم في المستقبل.
وأظهرت الصور التي نشرتها وسائل إعلام محلية، سو تشي، التي تحكم البلاد بصفتها مستشارة للدولة، وهي تتحدث إلى أفراد من الروهينغا من سكان منطقة مونجداو، وهي واحدة من المناطق الأكثر تضرراً جراء أعمال العنف. كما زارت سو تشي قرية بان تاو باين، وهي واحدة من بين مئات القرى التي شهدت إحراق منازل الروهينغا، حيث وعدت بإعادة بنائها، بحسب ما قاله أحد السكان من الروهينغا لوكالة الأنباء الألمانية. وقال القروي: «قالت إننا سنبني المنازل... سنوفر لكم البيوت والضروريات»، مضيفاً أن السلطات المحلية اختارت بعض القرويين للتحدث مع سو تشي. وفي ختام هذه الزيارة المفاجئة لم تُدلِ سو تشي، التي وصلت إلى الحكم في ميانمار في أبريل (نيسان) 2016، بأي تصريح.
وقال المتحدث باسم الحكومة زاو هتاي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مستشارة الدولة هي الآن في سيتوي وستذهب إلى مونغداو وبوتيدونغ» (المقاطعتين الواقعتين في شمال ولاية راخين).
وتقول الأمم المتحدة، إن الروهينغا، غير المعتَرَف بها في ميانمار، هرب أكثر من 600 ألف من أفرادها إلى بنغلاديش المجاورة خلال شهرين، وتُعتَبَر واحدة من الأقليات الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم.
وعلق أحد السكان الروهينغا في مدينة مونغداو عبر الهاتف للصحافة الفرنسية قائلاً: «لدينا أمور كثيرة لنقولها لها». وأضاف رب العائلة هذا: «نريد أن نتحدث معها عن الأوراق الثبوتية. أجدادي وأهلي وُلِدوا وماتوا على هذه الأرض. الروهينغا يعيشون في البلاد منذ أجيال».
ويشكل الروهينغا أكبر مجموعة من السكان المحرومين من الجنسية في العالم، منذ سحبت منهم الجنسية في 1982، في عهد المجموعة العسكرية. ولا تتوافر للروهينغا أوراق ثبوتية، ولا يستطيعون السفر أو الزواج من دون الحصول على إذن. ولا يتمكنون من الوصول إلى سوق العمل أو إلى الخدمات العامة كالمدارس والمستشفيات.
وكانت قد طلبت لجنة أممية من ميانمار أن تسمح للاجئي الروهينغا بالعودة إلى ديارهم، وأن تعترف بحقوقهم المدنية.
ورافق سو تشي في هذه الزيارة عدد كبير من الوزراء ورجال الأعمال واسعي النفوذ في البلاد. وتعتبر سو تشي أن التنمية الاقتصادية هي العلاج الناجع على الأمد البعيد لهذه المنطقة التي تعد واحدة من أفقر مناطق البلاد، وتبلغ نسبة الفقر فيها 78 في المائة، أي ما يفوق ضعف المعدل الوطني.
لكن المنظمات الإنسانية تذكّر، قبل ذلك، بأنها تواجه حالة إنسانية طارئة. فإلى هذا الجزء من ولاية راخين تصل المساعدة الإنسانية بكميات قليلة. ويُسمَح للصليب الأحمر وحده بالعمل في المنطقة. وتمنع السلطات وسائل الإعلام والمنظمات الدولية من دخول المنطقة.
وقال دومينيك ستيلهارت المسؤول عن هذه المنظمة غير الحكومية في ميانمار: «نشجع السلطات على تسهيل عمل الناشطين في المجال الإنساني، لأن الصليب الأحمر لا يستطيع وحدة تلبية الحاجات الكثيفة». وأضاف في تصريحات لـ«الصحافة الفرنسية» أن «عدداً كبيراً من الأشخاص الذين غادروا منازلهم يعيشون وسط ظروف بائسة: قطعة من البلاستيك فوق رؤوسهم، والأرض موحلة تحت أقدامهم، سواء في بنغلاديش المجاورة لأكثريتهم، أو في ولاية راخين».
ولم تنتهِ موجة النزوح على ما يبدو؛ فقد وصل 2500 على الأقل من الروهينغا، أمس (الخميس)، إلى حدود بنغلاديش بعد مشي استمر أياماً، وغالباً من دون طعام وشراب.
وقال محمد ظفار (35 عاماً) المتحدر من قرية قريبة من بوتيدونغ، إن «الجيش لم يهاجمنا لكنه يحول حياتنا إلى جحيم لم نعد نتسلم المساعدة المالية، ولم يعد في مقدورنا الذهاب إلى الأسواق». وتساءل: «كم من الوقت نستطيع أن نعيش بهذا الشكل؟». وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «انتظرنا مختبئين في التلال. عندما كانت أعدادنا كافية، قررنا أن نعبر النهر».
واعتبر المفوض الأوروبي للمساعدة الإنسانية وإدارة الأزمات، خريستوس ستيليانيديس، الذي يزور مخيمات بنغلاديش في الوقت الحاضر، أن «عدد الأشخاص واحتياجاتهم وصدمتهم تتخطى الخيال، وعدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد يتخطى الخيال أيضاً».
زعيمة ميانمار تزور القرى المسلمة في راخين للمرة الأولى
التقت أشخاصاً تم انتقاؤهم بعناية... لكنها لم تدل بأي تصريحات
زعيمة ميانمار تزور القرى المسلمة في راخين للمرة الأولى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة