موسكو تراهن على مؤتمر سوتشي... وأنقرة ترفض حضور الأكراد

«الهيئة التفاوضية» المعارضة لا تريد المشاركة... ومجموعتا موسكو والقاهرة مستعدتان للحضور

قاذفة روسية تقصف ريف دير الزور أمس (أ.ب)
قاذفة روسية تقصف ريف دير الزور أمس (أ.ب)
TT

موسكو تراهن على مؤتمر سوتشي... وأنقرة ترفض حضور الأكراد

قاذفة روسية تقصف ريف دير الزور أمس (أ.ب)
قاذفة روسية تقصف ريف دير الزور أمس (أ.ب)

رغم إعلان فصائل سورية معارضة ورفض أنقرة مشاركة جهة كردية، فإن روسيا ما زالت تعلق الآمال وتنوي بحث مشاركتهما مع القوى الدولية والإقليمية للتأثير على موقفيهما.
وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات أمس، إن روسيا لا تعد رفض «الهيئة العليا للمفاوضات» قراراً نهائياً، وأضاف: «نواصل بحث هذه المسألة، ونعمل مع جميع الأطراف المنخرطة»، ووصف موقفها بأنه «نوع من إشارة ما، سبق أن صدر مثلها من جانب المعارضة المتعنتة في مواقف مختلفة»، وعبر عن قناعته بأنه «بالتعاون مع تلك القوى التي لها نفوذ حقيقي على المعارضة، سنتمكن رغم كل شيء من التحرك بالاتجاه الذي من الواضح أنه يأخذ بالحسبان تلك البدايات التي تمت صياغتها في جنيف، خلال الجولات السابقة من المفاوضات».
وأعلن قدري جميل، أمين «حزب الإرادة الشعبية»، رئيس «منصة موسكو» عن موقفه من المؤتمر في بيان رسمي قال فيه إنه لم يتلق دعوة رسمية للمشاركة في المؤتمر، وأطلق عليه صفة «ملتقى»، موضحا أن كل ما بلغه هو «ما نشر على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية، حيث تضمنت القائمة المنشورة اسم الحزب والجبهة»، لذلك يرى أنه «من المبكر تحديد موقف نهائي من المؤتمر»، مؤكداً «دعم أي خطوة حوارية من شأنها أن تساهم في دفع العملية السياسية إلى الأمام، استناداً إلى القرار (2254) ومسار جنيف». وقال جميل إنه كان يفضل عقد المؤتمر على الأراضي السورية، دون أن يمانع في الوقت ذاته «عقده في أي مكان آخر في حال توفرت الظروف المناسبة له».
ورحبت «منصة القاهرة» بالدعوة الروسية لعقد المؤتمر في حال كان سيؤدي إلى انتقال سياسي في سوريا. وقال فارس الخالد، عضو المنصة في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» أمس: «نحن مع أي مؤتمر يجري لتحقيق الانتقال السياسي، والعمليات بموجب القرارين الدوليين (2254) و(2118)، وبياني جنيف الأول والثاني، وغيره من وثائق ذات صلة». وفي وقت سابق قال أحمد الجربا رئيس «تيار الغد السوري» إنه على المعارضة الجلوس مع الحكومة السورية للوصول إلى حل سياسي للأزمة في البلاد. وأشار إلى فرص لحل الأزمة السورية، داعيا إلى تقبلها، وعبر عن تأييده مؤتمر الحوار الوطني الذي تدعو إليه روسيا، وقال إنه سيكون داعما لمفاوضات جنيف، مشيرا إلى أن «كل مكونات الشعب السوري ستشارك فيه».
رفض معارضين
ومع تأكيدها أنها لم تتلق دعوة إلى «مؤتمر سوتشي» وأنه لم يكن الحديث حوله في اجتماع آستانة إلا شفويا، قال محمد علوش عضو «الهيئة العليا للمفاوضات» والقيادي في «جيش الإسلام» أمس: «الثورة ترفض هذا المؤتمر. هو بين النظام والنظام»، مؤكدا أن «الهيئة العليا تفاجأت بذكر اسمهم في قائمة الدعوة».
وقالت مصادر في وفد المعارضة إلى آستانة لـ«الشرق الأوسط»: «كل الوفود التي التقينا بها في آستانة تطرقت إلى مؤتمر الحوار الوطني من دون دعوتنا بشكل رسمي، وطالبنا توضيحات حوله مع التأكيد على ثوابتنا التي ترتكز على أن يكون بتنظيم وتنسيق الأمم المتحدة وتحت سقف (جنيف1) لتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات لا مكان فيها لرئيس النظام بشار الأسد».
من جهته، رأى المتحدث باسم «الهيئة العليا» التفاوضية رياض نعسان آغا أن كل المعطيات تشير إلى تخبط روسي، لا سيما أن هناك تناقضا بين التصريحات بشأن المؤتمر الذي كان قد أعلن أنه سيعقد في حميميم ومن ثم في سوتشي، كما أنه بعدما أعلنت الدول الضامنة الموافقة على بحثه في جولة جنيف، عادت موسكو ونشرت لائحة المدعوين ومعظمهم من المجموعات المحسوبة على النظام وأكثر من 18 منها مقرها في دمشق. وسأل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس: «كذلك كيف يحدّد موعده في 18 من الشهر الحالي ومؤتمر جنيف الذي كان يفترض أن يبحثه يفترض أن يعقد في 28 منه؟»، مضيفا: «الهدف الروسي الأول والأخير هو الضرب بالانتقال السياسي عرض الحائط واستبدال الحكومة الموسعة به، وهو ما لم ولن نقبل به، وأي طرف أو جهة تقرّر المشاركة فستكون مشاركتها بصفة شخصية».
من جهته، أكد جورج صبرا عضو «الهيئة» و«الائتلاف الوطني» أن المعارضة غير معنية بمؤتمرات من هذا النوع، قائلا في تصريح له لـ«المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية»: «نحن معنيون بـ(جنيف) كمسار سياسي تفاوضي، وبالمرجعية السياسية التي اعتمدتها قرارات الأمم المتحدة والاجتماعات الدولية؛ بدءاً من بيان (جنيف1) وحتى آخر قرار لمجلس الأمن». وأضاف صبرا: «حاول الروس عبر (آستانة) أن يستولوا على العملية السياسية، لكي تكون بديلا عن (مسار جنيف)، لكنهم فشلوا، والآن يحاولون أن يفتحوا مساراً سياسياً لطرح القضايا بعيداً عن الأمم المتحدة، وبعيداً عن المرجعيات الدولية».
ولفت كل من صبرا ونعسان آغا إلى التصريحات الأخيرة للمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا والتي تجاهلت بدورها «الانتقال السياسي»، وقال صبرا: «يجري الحديث في هذه الفترة في جميع المحافل والاجتماعات التي تبحث في الشأن السوري سياسيا، بما فيها تصريحات دي مستورا، عن المفاوضات وعن الدستور في المسار الذي يريده الروس، وهذا تجاوز للقضية الأساسية، وهي عملية الانتقال السياسي، مما يعني أن التصور قائم على عملية سياسية مختلفة كلياً عن الأساس الذي وضعته قرارات مجلس الأمن الدولي و(مسار جنيف)».
رفض تركي
من جهته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، في مؤتمر صحافي أمس، إن بلاده لا تقبل بوجود ما سماها «تنظيمات إرهابية» في اجتماعات آستانة، كما ترفض الموقف الروسي بشأن دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي إلى مؤتمر الحوار الوطني السوري.
ونشرت وزارة الخارجية الروسية، مساء أول من أمس، قائمة بأسماء المنظمات والجماعات التي تمت دعوتها للمشاركة في المؤتمر؛ ومنها أحزاب ومنظمات كردية؛ منها: حزب الاتحاد الديمقراطي، وحزب الاتحاد السوري، والمجلس الوطني الكردي، بجانب 30 منظمة أخرى. وقال كالين: «بدأنا باتصالاتنا على الفور، وأبدينا ردود الفعل اللازمة بطبيعة الحال. لا يمكننا قبول ذلك بأي حال من الأحوال».
وتتزامن الدعوة للمؤتمر مع استمرار الجيش التركي في تحركاته لنشر نقاط المراقبة في داخل إدلب في إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد في سوريا الذي تم التوصل إليه مع كل من روسيا وإيران خلال الجولة السابقة من اجتماعات آستانة حول الأزمة السورية.
وبحسب مصادر تركية، استكملت تركيا إنشاء وتأهيل القاعدة العسكرية الأولى لها من بين 8 قواعد تعتزم إنشاءها في الشمال السوري. وأقيمت القاعدة الأولى على قمة جبل الشيخ بركات، قرب مدينة دارة عزة في الريف الغربي لمدينة حلب.
وكانت مصادر عسكرية تركية أكدت لصحيفة «يني شفق» التركية القريبة من الحكومة، الأسبوع الماضي، أن القوات التركية تهدف في إطار عملية إدلب إلى إنشاء قيادة وحدة دعم متقدمة في جبل الشيخ بركات الاستراتيجي في الريف الغربي لحلب.
وأكدت المصادر أن القوات المسلحة التركية ستتمكن من إحكام السيطرة أكثر عبر جبل الشيخ بركات على خط إدلب - عفرين - حلب، وبالتالي مراقبة تحرّكات «وحدات حماية الشعب» الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية») عن كثب. والأسبوع الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن القوات التركية نفذت بنجاح الجزء الأكبر من عملية الانتشار في إدلب ضمن اتفاق مناطق خفض التوتر، وإنه سيتم بعد ذلك التوجه إلى عفرين من أجل تطهيرها.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن هدف القوات التركية في إدلب هو تطهيرها والقضاء على الإرهابيين، مثل تنظيم داعش وأتباعه، ودعم وقف إطلاق النار، وإحلال الأمن الاستقرار حتى يتمكن السوريون من العودة إلى ديارهم.
وقام رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، أمس، بزيارة تفقدية للوحدات العسكرية العاملة على الحدود مع سوريا في ولاية هطاي جنوب تركيا الواقعة قبالة إدلب.
ورافق أكار قائدا القوات البرية يشار جولر، والقوات الجوية حسن كوتشوك أك يوز؛ حيث عقدوا اجتماعاً مع قادة الوحدات العسكرية العاملة في المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».