باريس تواجه إشكالية إعادة نساء وأبناء «دواعشها»

مناشدات لماكرون للتحرك من أجل استرجاعهم من سوريا والعراق

TT

باريس تواجه إشكالية إعادة نساء وأبناء «دواعشها»

أشارت وكالة الصحافة الفرنسية، في تحقيق أمس، إلى أن الحكومة الفرنسية تمتنع عن قطع أي تعهد إزاء الدعوات لإعادة زوجات وأبناء المتشددين الذين أوقفوا في العراق وسوريا، وعدّت ذلك «دليلاً على ترددها وحذرها» إزاء ملف «العائدين» الشائك.
وكتبت الوكالة أنه في أغسطس (آب) 2014، غادرت ليلى (اسم مستعار) أسرتها في روبيه (شمال فرنسا) للتوجه إلى الرقة؛ المعقل السابق لتنظيم داعش في سوريا، وبعد اتصال هاتفي مقتضب في فبراير (شباط) الماضي مع شقيقها أمين الباهي، انقطعت أخبارها تماماً. ويقول شقيق «ليلى» لوكالة الصحافة الفرنسية إنها «أرملة» فرنسي عضو في التنظيم ولديها طفلان يبلغان عاماً وعامين، و«نشآ تحت القصف». ومنذ سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»؛ التحالف الكردي - العربي الذي تدعمه واشنطن، على الرقة قبل أسبوعين، تم توقيف عدد من الأسر؛ بعضها فرنسي مرتبط بالتنظيم.
وتوجه أمين، الذي يعتقد أن شقيقته ونجليها محتجزون لدى «قوات سوريا الديمقراطية»، برسالة يوم الجمعة الماضي إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، طالبه فيها بـ«السماح للقاصرين والنساء والأطفال (الفرنسيين) بالعودة إلى فرنسا»، وبمحاكمة النساء وفق الأعمال التي أقدمن عليها.
وقبل بضعة أيام، وجه نحو 20 «والداً وجدّاً وقريباً لشابات توجهن إلى سوريا أو إلى العراق» أيضاً رسالة إلى الرئيس الفرنسي وحكومته.
وندد هؤلاء، في الرسالة، بغياب أي إجراءات لإعادة المواطنات الفرنسيات وأطفالهن «الذين تقل أعمار نصفهم عن 6 سنوات»، وشددوا على أنه لا شيء يحول دون أن تقوم فرنسا بمحاكمة هؤلاء النساء على أرضها إذا شاءت.
ويقول مارتان براديل، المحامي الذي يمثل بعض هذه الأسر، إن بين الفرنسيين مقاتلين، ولكن بينهم أيضاً أشخاص، خصوصاً نساء، «غادروا للأسباب الخاطئة، وسعياً وراء وعود كاذبة، أو دعاية، أو لأنهن (النسوة) تعرضن للخداع هناك».
وطلب موقّعو الرسالة، خصوصاً من أجداد الأطفال، أن يُعهد إليهم بحضانة هؤلاء بعد إعادتهم إلى فرنسا، وأيضا بإقامة «مكتب مكلف متابعة هذه الأسر» في مختلف الإجراءات الإدارية التي تترتب على ذلك، بحسب ما جاء في تحقيق وكالة الصحافة الفرنسية. وتقول الحكومة الفرنسية، بحسب الوكالة، إن نحو 1700 فرنسي توجهوا للانضمام إلى صفوف المتشددين في سوريا والعراق منذ عام 2014.
ومن بين هؤلاء قتل 278 شخصاً. إلا أن الحكومة تقر بأن هذا الرقم أعلى بكثير على الأرجح. وقد عاد 302 آخرون حتى الآن إلى فرنسا؛ هم 178 رجلا (أوقف منهم 120) و66 امرأة (أوقفت منهن 14)، و58 قاصرا غالبيتهم تقل أعمارهم عن 12 عاماً. وقد أوقف الباقون في سوريا والعراق أو قتلوا في المعارك أو فروا إلى آخر المناطق التي لا تزال تحت سيطرة «داعش» أو حتى إلى معاقل أخرى للمتشددين (في ليبيا خصوصاً).
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن حكومة باريس تلتزم حذراً مضاعفاً إزاء المسألة؛ إذ لا تزال ذكرى الاعتداءات الدموية في 2015 التي كان بين منفذيها «عائدون» من سوريا، حاضرة بشكل قوي في الأذهان. وأول من أمس، أوضحت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، أن مصير الفرنسيين الموقوفين في مناطق نزاعات يتوقف على الدولة المعنية. وأضافت أنهم إذا كانوا في العراق، فالبالغون يمكن محاكمتهم هناك، أما مصير الأطفال فيتم درسه «كل حالة على حدة»، مع أخذ رغبة الوالدين في الاعتبار. أما بالنسبة إلى سوريا، فنقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بارلي أن الوضع أقل وضوحاً، فإذا «كان هناك رعايا فرنسيون (...) بين أيدي فئات مختلفة، فإنه يتم تبليغ اللجنة الدولية للصليب الأحمر» بوجودهم، من دون إعطاء تفاصيل حول المصير النهائي للأشخاص المعنيين سواء كانوا من البالغين أو الأطفال.
لكن ذلك ليس كافيا لموقّعي الرسائل إلى الرئيس ماكرون؛ إذ دعوه إلى عدم ترك النساء يخضعن للمحاكمة في سوريا والعراق، وقالوا إن التعذيب والتحرش ينتشر في هاتين الدولتين اللتين يمكن أن تدينا النساء بتهمة الإرهاب كما تدينان المقاتلين.
وقال الباهي، من جهته، إنه سيواصل السعي من أجل عودة شقيقته ونجليها إلى فرنسا. وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أنه واثق بأنه «إذا منع كل هؤلاء الفرنسيين، وخصوصاً الأطفال منهم، من العودة إلى بلدهم، فهناك خطر بخلق توتر جديد وجيل جديد من (المتشددين»).



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».