وزير الخارجية السوداني: 4 ملفات للمفاوضات مع واشنطن أهمها قائمة الإرهاب

غندور قال لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده ملتزمة بالدفاع عن الشرعية في اليمن

إبراهيم غندور (تصوير: بشير صالح)
إبراهيم غندور (تصوير: بشير صالح)
TT

وزير الخارجية السوداني: 4 ملفات للمفاوضات مع واشنطن أهمها قائمة الإرهاب

إبراهيم غندور (تصوير: بشير صالح)
إبراهيم غندور (تصوير: بشير صالح)

كشف إبراهيم غندور، وزير الخارجية السوداني، عن أن جولة المفاوضات بين الخرطوم وواشنطن، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ستناقش 4 ملفات، تشمل إزالة اسم بلاده من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاء الديون، وملف المحكمة الجنائية، ودخول السودان للتجارة الدولية، منوهاً باستمرار الدعم السعودي للجهود السودانية في هذا الإطار. وشدد غندور على التزام بلاده بالدفاع عن الشرعية في اليمن وأمن السعودية، مشيراً في حواره مع «الشرق الأوسط» بالرياض، إلى ضرورة التنسيق الدبلوماسي بين دول التحالف للدفاع عن الشرعية باليمن وأهدافه على المستويات كافة الإقليمية والدولية، والإبقاء على اجتماعاته، كآلية دائمة للرصد والمتابعة واتخاذ القرارات المناسبة، مقترحا اعتماد خطة إعلامية مشتركة لتبصير الرأي العام العالمي، بأنشطة التحالف والتعريف به كمنظومة دولية، تحقق الأمن والاستقرار باليمن.
وأكد أن الخرطوم والرياض على تواصل وتنسيق وتشاور مستمر، للتعاطي مع القضايا الملحّة. ولفت إلى أن بلاده أصبحت مهيأة الآن، لاستعادة دوريها الإقليمي والدولي وعافيتها الاقتصادية، مبينا أن مشروع الخصخصة، برنامج مستمر في ظل توفّر الإرادة السياسية، خصوصاً بعد رفع الحصار، غير أنه رأى أن إنشاء شركات مساهمة أفضل من البيع للقطاع الخاص، مضيفاً أن حكومته على استعداد لخصخصة قطاعات «سودانير» و«السكة الحديد» و«الخطوط البحرية» و«قطاع الكهرباء» وغيرها من القطاعات. وفيما يلي نص الحوار:

> ما الجديد الذي حملته زيارة الرئيس عمر البشير الأخيرة للرياض؟
- الرئيس عمر البشير وحكومته، في حالة تواصل مستمر مع الشقيقة السعودية، في إطار التشاور والتنسيق الذي لا ينقطع حول القضايا ذات الاهتمام المشترك على مستوى قيادتي البلدين، على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي، ودائما الوضع العربي يسجل حضورا في المحادثات بين قيادتي البلدين، غير أن زيارة الرئيس البشير الأخيرة للرياض، إضافة إلى ما ذكرته، فهي كانت فرصة لتقديم الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، لدعمهما المقّدر المتواصل للجهود السودانية، التي أثمرت عن رفع العقوبات الأميركية عن السودان نهائيا، ويقيننا استمرار دعم القيادة السعودية، لجهودنا في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاء الديون.
> شاركت في اجتماع وزراء الخارجية ورؤساء هيئات الأركان العامة لدول التحالف لدعم الشرعية في اليمن بالرياض أخيراً... ما تقييمك لنتائجه؟
- كان الاجتماع في غاية الأهمية من حيث التوقيت، للتشاور والتحاور حول الكثير من القضايا الملحّة، وفي مقدمتها التأكيد على تحقيق الهدف من التحالف لدعم الشرعية في اليمن، مع أهمية التنسيق الدبلوماسي بين الدول الأعضاء في التحالف على المستويات كافة الإقليمية والدولية للدفاع عن أهداف التحالف، وأرى أن هناك ضرورة للإبقاء على اجتماعات وزراء الخارجية ورؤساء الأركان وفق آلية دائمة تجتمع بشكل منتظم على مستوى الخبراء والوزراء للرصد والمتابعة واتخاذ القرارات المناسبة، وكنت اقترحت اعتماد خطة إعلامية مشتركة لتبصير الرأي العام العالمي بأهداف التحالف وأنشطته والتعريف به كمنظومة دولية تسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، مع أهمية اعتماد لجنة من الدول الأعضاء للإعداد للمرحلة الثانية من عاصفة الحزم، لرصد ما تم إنجازه وما ينبغي عمله بالتركيز على الحل السياسي للأزمة في اليمن.
وعلى الصعيد السوداني، نؤكد التزامنا بالعمل على استعادة الشرعية في اليمن ضمن قوات التحالف، وبالدفاع عن السعودية، ضد أي تهديد تتعرض له؛ لأن أمن الخرطوم من أمن الرياض والعكس صحيح.
> لماذا أخذت مشاركة السودان في قوات التحالف منحى سياسيا رغم الهدف المعلن من مشاركة الخرطوم هي مشاركة عسكرية؟
- مشاركة السودان في قوات التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن، يؤكد التزام الخرطوم بالعمل على استعادة هذه الشرعية، مع التزامه بالدفاع عن السعودية ضد أي تهديد تتعرض له، ولكن بطبيعة الحال الشعب السوداني أكثر شعب مسيس في العالم، وبالتالي صدى مشاركة قوات سودانية مع القوات المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول التحالف الأخرى، من الأشياء التي وجدت صدى في الشارع السوداني بشكل لم يسبق أن حظيت به أي قضية أخرى،؛ ولذلك فإن القوات السودانية التي تقاتل الآن بجانب القوات السعودية ضمن قوات التحالف، مسنودون بـ36 مليون سوداني؛ ولذلك هذا أمر طبيعي أن يكون هذا موقف الشعب السوداني في مثل هذه الحالات.
> نوفمبر الحالي سيشهد جولة جديدة من الحوار السوداني – الأميركي... ما أهم تفاصيل وملامح هذه الجولة والمتوقع منها؟
- الموضوعات التي سنناقشها مع الولايات المتحدة الأميركية، في شهر نوفمبر، تشتمل على 4 ملفات سودانية مقابل أخرى أميركية، ويأتي في مقدمة ملفاتنا إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والذي ظلّ في هذه القائمة منذ عام 1993، علما بأن الـ«سي آي أيه CIA»، تكرر سنوياً أن السودان أكثر الدول تعاونا في مكافحة الإرهاب، ومدير CIA أعلن بنفسه يوم 15 يونيو (حزيران) عام 2016. في القنوات الفضائية، أن السودان لا يرعى الإرهاب، وبالتالي فإن أميركا تعلم أن السودان لا صلة له بالإرهاب، ولكن هي قائمة سياسية أخذت في التناقص حتى بقي فيها السودان وكوريا الشمالية وسوريا، أما الملف الثاني فهو ملف الديون، والملف الثالث هو ملف المحكمة الجنائية، والملف الرابع هو ملف دخول السودان للتجارة الدولية، علما بأن دولاً دخلت لا أريد أن أسميها كوزير خارجية، ولو قلتها لضحكت في حين أن السودان لم يسمح له بالدخول، نتيجة اعتراض الولايات المتحدة الأميركية، لكن في هذه الحالة أميركا لا تعترض على الدخول، غير أنها تقدم لك أسئلة في ظاهرها فنية وفي باطنها تعجيزية، وأقول بكل ثقة؛ آن الأوان أن يستعيد السودان عافيته الاقتصادية والسياسية والأمنية، وسيظل ماضيا بقوة نحو الأمام، وفي طريقه لاستعادة وضعه الطبيعي إقليميا وعربيا، على أمل أن يرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاء ديونه التي تجاوزت 48 مليار دولار بفعل الفائدة التراكمية عليها.
> إلى أي حدّ متفائل بإعفاء الديون في هذه الجولة؟
- السودان مستحق لإعفاء ديونه وفقاً لاتفاقية الدول الأكثر فقراً، وطبق ذلك المعيار على كل الدول الفقيرة في العالم، إلا على السودان والصومال، ومعلوم أن الصومال لم تكن فيها دولة لفترة ماضية، حتى تكونت الحكومة فيها أخيراً بعد فترات من الفوضى، لكن السودان لم يعط حقه في إعفاء الديون لأسباب سياسية، علما بأن كل هذه الديون كانت قبل عام 1990، وكانت 6 مليارات دولار، لكن نتيجة للتراكمات تجاوزت الآن 48 مليار دولار. وكان هناك أثر كبير للحصار على الوضع الاقتصادي السوداني، حيث إن السودان طوال فترة الحصار، بل طوال فترة «الإنقاذ»، لم يحصل على قروض، وإنما حصل على أموال استثمار قدرها 30 مليار دولار بمقابل كل الديون التي نالها السودان والتي تجاوزت الآن 48 مليار دولار كانت في الأصل 6 مليار دولار فقط، وبالتالي التي أصبحت عبئا تراكميا؛ ما يؤكد أن السودان يستحق الإعفاء بناء على ذلك.
> هذه الديون كانت قبل انفصال جنوب السودان عن الدولة الأم... لماذا تعقّد أمرها؟ وما دور دولة الجنوب في ذلك؟
- عند انفصال الجنوب، وضمن انفصال أي جزء من دولة أخرى، وولادة دولة جديدة، فإنه يتم اقتسام أمرين، هما الأصول والديون، أو أن يتم الاتفاق على أن تؤول الأصول للدول الأم وأن يتم الاتفاق على أن تسدد الدول الأم الديون؛ ولذلك في التفاوض المعني، تم الاتفاق على أن تؤول الأصول للدولة الأم في الحالة السودانية، على أن تمضي الدولتان في إعفاء الديون باعتبار أن السودان يستحق إعفاء الديون، وهذا بشهادة أولئك الذين وقعوا على اتفاقية نيفاشا، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة والجامعة العربية، والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وغيرها من الكيانات، فيما يعرف بالاتفاق الصفري، ووفقاً لذلك، كونت لجنة من الاتحاد الأفريقي كان يرأسها رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامبو أمبيكي، وفي داخلها لجنة الديون ويشرف عليها الرئيس أمبيكي ومسؤول عنها موظف من البنك الدولي من غانا، توفاه الله، والآن هناك مسؤول آخر جديد، وكونت حكومتا السودان وجنوب السودان، لجنة واحدة من الطرفين، تعمل تحت إشراف لجنة الرئيس أمبيكي، خصوصاً الجزء المعني بالديون، ومضت للتحاور مع كل الجهات الدائنة، سواء أكانت صناديق أم دولا، كذلك على الصعيد الأميركي، الرئيس أمبيكي كان التقى عام 2012 مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في قضية إعفاء الديون، ولكن نسبة لأن الولايات المتحدة الأميركية مصرة على أن قضية الديون تكون آخر بند تناقشه؛ لذلك ما زال هذا الأمر معلقا، وبالتالي مستحق لإعفاء الديون وبمشيئة الله سيعفى، ولكن الملف لا يزال جزءاً من بقية تطبيع علاقاتنا مع الولايات المتحدة الأميركية، والتي تمضي بصورة جيدة وبتعاون جيد من الطرفين.
> ما سرّ صمود السودان أمام الهزّات العنيفة التي أزالت دولاً بكاملها وأفرزت فوضى عارمة في محيطه الإقليمي، خصوصاً بعد خسارته 500 مليار دولار بفعل الحصار الاقتصادي؟
- عندما يتحدث البعض عن خسارة السودان من الحصار الاقتصادي 500 مليار دولار، وفق تقديرات الأميركيين، أو فوق 400 مليار دولار وفق تقديرات آخرين، لك أن تتصور كيف لدولة تحت هذه الخسارة الكبيرة وهذا الحصار استطاعت أن تصمد اقتصاديا على الحدّ الأدنى، وأن توفر الضروريات، حيث تجد الخبز في الأفران، والبنزين في محطات البنزين، والدواء في الصيدليات، في حين أنه في عام 1988 لا تجد في الصيدليات إلا كريم «إم بي»، وصابون «لايف بوي»، ومع ذلك طيلة سنوات الحصار كانت الصيدليات مليئة بالأدوية، نعم الدواء غال وكثير من الناس لا تستطيع شراءه، ولكن الشعب السوداني يتمتع بميزة التكافل والتشارك في السرّاء والضرّاء، وهذا مع نفعنا وحفظ البلد، ولكن بحمد الله البلد ماضية نحو الأمام بقوة، ومع ذلك لا أقول كل شيء صحيح، فالصحيح موجود والخطأ موجود، وهذا اجتهاد بشر.
> إلى أي مدى أصبح المناخ مهيأ حاليا لاستعادة مشروع الخصخصة الذي بدأته الحكومة ثم توقف لاحقا؟
مشروع الخصخصة، برنامج مستمر ولم يتوقف، ولن يتوقف، والإرادة السياسية متوفرة، خصوصاً بعد رفع الحصار الاقتصادي، لكن الأفضل من البيع للقطاع الخاص، هو إنشاء شركات مساهمة ولعل هذه الخطوة التي سيسير عليها الاقتصاد غالبا في المرحلة المقبلة، علما بأن الخصخصة التي تمت في المرحلة السابقة حققت الكثير من النجاحات في أكثر من جانب، في عدد من المجالات، ولعل أول مجال هو مجال الاتصالات، حيث كان السودان ثاني دولة عربية بعد الكويت، يستخدم الهاتف المحمول وكان أول دولة أفريقية بفضل الخصخصة، وقد يسأل سائل كيف استطاعت الاتصالات أن تتجاوز عقبة الحصار الاقتصادي؟ أقول تجاوزتها لأن شركة «سيمينس» كانت تعمل في السودان لفترة طويلة، ثم دخلت الشركات الصينية مثل «هواوي» وغيرها وفي عام 2014 مورس الضغط على «هواوي» و«زد دي تي».
> ولكن ماذا عن خصخصة القطاعات الكبيرة مثل «سودانير» و«السكة الحديد» و«الخطوط البحرية» و«قطاع الكهرباء»؟
- بطبيعة الحال، أثر الحصار الاقتصادي على مشروع الخصخصة في السودان، بشكل كبير؛ إذ إن الخصخصة كان بالإمكان أن تكون مجدية اقتصاديا، غير أن الحصار منع تحقيق ذلك، حيث إن خصخصة شركات مثل «سودانير» أو «الخطوط البحرية»، أو «قطاع الكهرباء» أو «قطاع السكة حديد»، كان من مشروعات الدولة وعرضت ذلك مرات عدة، لكن لم تجد سودانيا يتقدم لها، غير أن الحكومة قطعت شوطا في خصخصة «قطاع سودانير» كتجربة وعرضت شراكات، وفي النهاية الذين دخلوا في هذا المشروع بأموالهم وكانوا على استعداد للاستثمار في «سوادنير» اصطدموا بعقبة الحصار الاقتصادي، وخلال عامين لم يستطيعوا شراء طائرة واحدة؛ إذ آخر مرة تدخل فيها طائرة جديدة السودان قبل الحصار الاقتصادي.
أما قطاع السكة الحديد، فهي تجربة أخرى، علما بأن السودان كان يعتمد على التقانة الغربية؛ إذ إن طائرات السودان كانت «إير بص»، وقطارات السكة حديد كانت «جي إي سي»، وسلاحه كان «ألمانياً»، وسياراته كانت الـ«لاندروفر»، وهكذا دواليك، فالسودان بعد الحصار، توقفت فيه قطارات السكة الحديد؛ ما دعا العمال يلجأون إلى تفكيك إحدى الوابورات لإصلاح أخرى، حتى جاءت الصين الصديقة، التي بدعمها استطاع السودانيون، تجاوز الكثير من آثار الحصار.
كان للحصار الاقتصادي دور كبير في إنهاك «سودانير» و«السكة حديد»، فضلا عن القطاعات الأخرى الحيوية، ولا يدخل في ذلك قطاع «الخطوط البحرية» لأنه عندما تسلمت «الإنقاذ» السلطة في 1989، لم تكن هناك سوى باخرتين وحتى هاتان معروضتان للبيع، وبعدها جاء الحصار فلم تتمكن «الخطوط البحرية» من شراء إلاّ بواخر مستخدمة.
> الحصار تسبب في هجرة الكثير من الخبرات للخارج... ما خطتكم لاستعادة هذه الخبرات بعد رفع العقوبات؟
- أصبح السودان مهيأً الآن أكثر من أي وقت مضى، لعودة الخبرات السودانية المهاجرة، والاستفادة منها، كإضافة حقيقية، وعقدت عدد من الاجتماعات للخبراء، لكن كانت جامعة لكل التخصصات، غير أن المطلوب أن تكون هناك قضية بعينها، يشارك فيها مختصون بعينهم من ذوي الخبرات الكبيرة، وكنت التقيت عددا من الخبرات السودانية، واستمعت لآرائهم وتوصياتهم وسأحمل توصيات الخبرات السودانية العاملة في المملكة، إلى رئيس مجلس الوزراء النائب الأول لرئيس الجمهورية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».