احتفال بريطاني بمئوية «وعد بلفور»... والحكومة الفلسطينية تستنكر

السلطة طالبت لندن بالاعتذار والتعويض... وحيّت زعيم المعارضة على مقاطعته

TT

احتفال بريطاني بمئوية «وعد بلفور»... والحكومة الفلسطينية تستنكر

يصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى لندن اليوم، حيث يلتقي رئيسة وزراء البريطانية، تيريزا ماي للاحتفال بالذكرى المئوية لإصدار وعد بلفور، التي يعدها الفلسطينيون مناسبة سوداء. ومن المقرر أن تلتقي رئيسة الوزراء البريطانية نظيرها الإسرائيلي، في مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت وسط لندن.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، قد أبلغ حكومته السبت الماضي، بأنه سيجتمع أيضاً، مع زعماء الجالية اليهودية ووزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، خلال زيارته للعاصمة البريطانية.
ونقل مكتب نتنياهو عنه قوله: «في حين أن الدولة (إسرائيل) لم تكن لتقوم من دون التوطين والتضحية والاستعداد للقتال من أجلها، فإن الزخم الدولي كان، بلا شك، هو وعد بلفور». فيما ذهب وزير الخارجية البريطانية، بوريس جونسون، في مقال له في صحيفة «تليغراف» البريطانية نشر أول من أمس، إلى أن وعد بلفور «كان لا غنى عنه لإقامة دولة» وصفها بـ«العظيمة». وقال جونسون: «في العقود السبعة التي انقضت منذ إقامتها، انتصرت إسرائيل على العداء المرير في بعض الأوقات من جيرانها لتصبح ديمقراطية ليبرالية واقتصادا ديناميكيا عالي التقنية».
لكن وزير الخارجية البريطاني، عاد وصرح بأن الإعلان البريطاني الذي وضع قبل 100 عام أساسا لإقامة إسرائيل «لم يتم الوفاء به بشكل كامل»، في محاولة منه لإبداء قدر من التعاطف مع الفلسطينيين.
وكانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي، قد قالت أمام مجلس العموم (البرلمان البريطاني)، الأسبوع الماضي: «نحن فخورون بالدور الذي لعبناه في إقامة إسرائيل، وسوف نحتفل بالتأكيد بالذكرى المئوية». وأضافت أن حكومتها ما زالت «ملتزمة بحل الدولتين فيما يتعلق بإسرائيل والفلسطينيين».
وجاء الموقف البريطاني هذا، على الرغم من مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، شخصياً، بإلغاء هذه الاحتفالات وتصحيح الموقف بدلاً من ذلك.
وأدانت الحكومة الفلسطينية أمس، تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي» التي أكدت فيها إصرار بلادها على الاحتفال بهذه الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، وافتخارها بدور بريطانيا في تأسيس دولة إسرائيل.
وقالت الحكومة الفلسطينية إنه «من العار حتى بعد مرور 100 عام على وعد بلفور، تنظيم احتفالات استفزازية بتلك الجريمة والخطيئة الكبرى، وهو ما يدل على أن هذا الوعد ما زال قائما بالنهج نفسه والتفكير والعقلية الاستعمارية البريطانية التي ترفض مراجعة نفسها، وتحمل مسؤولية خطئها التاريخي الذي ارتكبته بحق شعبنا وترفض الاعتذار، كسلوك سياسي وأخلاقي يليق بالدول التي تحترم نفسها».
وشددت الحكومة على رفضها واستنكارها «لهذه الجريمة التي كانت حجر الأساس في التمهيد لسلسلة من الأحداث التاريخية والسياسية اللاإنسانية، التي أدت إلى تجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية، والتهجير القسري له، وحالة اللجوء المستمرة إلى يومنا هذا، وما زال شعبنا الفلسطيني يدفع ثمنها غاليا من أرضه ودماء أبنائه ومعاناته اليومية».
وطالبت الحكومة الفلسطينية، الحكومة البريطانية «بتصحيح هذا الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بحق شعبنا من خلال الاعتراف بمسؤوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية عن الأضرار التي لحقت بشعبنا نتيجة للسياسات التي طبقت بسبب إعلان بلفور، وإصدار اعتذار رسمي عن دور بريطانيا في هذا الظلم المستمر، والاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967}.
كما طالبت بـ{التعويض للشعب الفلسطيني وفقا لأحكام ومبادئ القانون الدولي والعدالة والمساواة، والتزامها القانوني لضمان احترام القانون الدولي الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك اتخاذ جميع التدابير الفعالة لوقف جميع الاتفاقيات والتعاملات التجارية مع النظام الاستعماري غير الشرعي في فلسطين المحتلة».
وفي السياق، توجهت الحكومة الفلسطينية بالتحية إلى زعيم المعارضة العمالية في بريطانيا جيريمي كوربن الذي أعلن رفضه حضور «الحفل الرسمي» المقرر بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان وعد بلفور.
وكان زعيم حزب العمال البريطاني، رفض حضور مأدبة عشاء مقررة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي احتفالا بمرور 100 عام على وعد بلفور، حسبما أكد متحدث باسمه، وقال إن وزيرة الخارجية في حكومة الظل، إيميلي ثورنبيري، ستنوب عنه، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
يذكر أن وعد بلفور تضمنه خطاب للمصرفي البريطاني، اللورد ليونيل وولتر روتشيلد، وهو يهودي شهير، في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 1917. وبشكل موازٍ للوعد، تعهدت بريطانيا للعرب، بإقامة دولة لهم في فلسطين مقابل دعم محاولات إضعاف الدولة العثمانية.
وقد دعت مجموعات موالية للفلسطينيين في بريطانيا للمشاركة في مظاهرات ضد وعد بلفور.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.