ألقى الزعيم الكردي مسعود برزاني كلمة، أمس، عبر فيها عن شعور بالمرارة لإعلان استقالته، قائلاً إن الأكراد لم يجدوا من يقف إلى جوارهم من خارج إقليمهم لدعم حقهم في تقرير المصير.
وألقى بارزاني كلمة نقلها التلفزيون بعدما وافق برلمان كردستان العراق على طلبه عدم تمديد فترة رئاسته للإقليم بعد الأول نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، في أعقاب استفتاء على الاستقلال قاده، مما أثار نتائج عكسية ورداً عسكرياً واقتصادياً ضد الإقليم الذي يقوده منذ 2005.
وقال بارزاني: «3 ملايين صوت لصالح استقلال كردستان صنعوا تاريخاً لا يمكن محوه». وأضاف: «لم يقف أحد معنا سوى جبالنا». وانتقد الولايات المتحدة لسماحها باستخدام دبابات «أبرامز»، التي أمدّت بها القوات العراقية لقتال متشددي تنظيم داعش، ضد الأكراد. ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله إن الأسلحة الأميركية استخدمتها أيضاً قوات «الحشد الشعبي» المدعومة من إيران.
وذكر بارزاني أنه «من دون مساعدة البيشمركة ما كان للقوات العراقية أن تحرر الموصل من (داعش) بمفردها» في إشارة إلى المعقل السابق لتنظيم داعش في شمال العراق. وتساءل: «لماذا تريد واشنطن معاقبة كردستان؟».
واعتبر بارزاني أن «خيانة قومية عظمى» حصلت، وأدت إلى فقدان قواته السيطرة على أراضٍ متنازع عليها مع بغداد بعد إجراء الاستفتاء على استقلال الإقليم. ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية أن «الخيانة القومية العظمى» أسهمت في دخول القوات الاتحادية إلى تلك المناطق من دون مواجهة، وكان بذلك يشير إلى انسحاب قوات البيشمركة من محافظة كركوك الغنية بالنفط، الذي سهّله اتفاق سري بين بغداد ومسؤولين من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، المنافس التاريخي للحزب الديمقراطي الكردستاني. وأضاف: «أؤكد لكم أن هذا برنامج مجهز، وتحججوا بالاستفتاء. منذ مدة طويلة بيّنوا نياتهم لذلك»، لافتاً إلى أن «(الحشد الشعبي) كانوا مصرّين على هذه المعركة في جميع المناطق».
وفي وقت سابق، أمس، طلب بارزاني توزيع صلاحياته الـ19 على البرلمان والحكومة والسلطة القضائية في إقليم كردستان، رافضاً تمديد ولايته الرئاسية الحالية التي تنتهي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، داعياً إلى عدم تعديل قانون رئاسة الإقليم. وقال بارزاني في رسالة وجهها إلى برلمان كردستان قرأها نائب رئيس برلمان إقليم كردستان خلال الجلسة التي عُقدت أمس، لبحث الرسالة واستمرت لعدة ساعات حضرها نواب كل الكتل الكردستانية بما فيها حركة التغيير والجماعة الإسلامية التي قاطعت الجلسات السابقة: «بعد الأول من نوفمبر المقبل، لن أستمر في هذا المنصب ولا يجوز تعديل قانون رئاسة الإقليم وتمديد الفترة الرئاسية، لذلك أطلب من البرلمان عقد جلسة لتفادي وقوع فراغ قانوني في مهام وسلطات رئيس إقليم كردستان، ويجب معالجة هذا الأمر»، مشدداً على أنه سيبقى مقاتلاً ضمن قوات البيشمركة، وسيواصل العمل من أجل الحفاظ على المكاسب التي حققتها كردستان.
وقرر برلمان كردستان، أمس، عقد جلسة مغلقة لقراءة الرسالة وبحثها، وإعداد مشروع قانون لتوزيع صلاحيات رئاسة الإقليم على السلطات التشريعية والقانونية والتنفيذية في الإقليم خلال 15 يوماً من إقرار المشروع.
وكشف مسؤول في برلمان كردستان لـ«الشرق الأوسط»، مفضلاً عدم ذكر اسمه، عن تفاصيل توزيع الصلاحيات، وأوضح: «لرئيس الإقليم 19 صلاحية ستوزَّع بنسبة 3 صلاحيات لبرلمان كردستان أبرزها إصدار القوانين والقرارات بشكل مباشر من البرلمان بدلاً من إصدار مرسوم رئاسي بها كالسابق، و3 صلاحيات للسلطة القانونية، أما الصلاحيات الأخرى المتبقية فستكون لرئاسة مجلس وزراء الإقليم، من أبرزها قيادة القوات المسلحة في كردستان».
واعتبر آري هرسين، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة بارزاني، في حديث للصحافيين، أن ما يحدث في كردستان مؤامرة دولية تستهدف بارزاني وشعب كردستان،
وأضاف: «ما يحدث اليوم محاولة لتحجيم إرادة أمة وتدمير كرامتها من خلال شخص (في إشارة إلى بارزاني) يعتبر رمزاً للاستفتاء واستقلال كردستان»، معتبراً جلسة برلمان كردستان، أمس، «استسلاماً».
بدوره، قال النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في برلمان كردستان سالار محمود، لـ«الشرق الأوسط»: «نطالب بأن يكون النظام السياسي في إقليم كردستان نظاماً برلمانياً، وخطوة اليوم (أمس) خطوة جيدة لترسيخ مبادئ النظام البرلماني في الإقليم، ومبادرة بارزاني إيجابية وتخدم عملية تطبيع العلاقات بين الأحزاب السياسية في كردستان، لأنه كان هناك إشكال سياسي من الأحزاب حول المنصب من قبل»، لافتاً إلى أن بارزاني استغنى عن المنصب في الرسالة التي قُرئت في البرلمان.
من جانبها أكدت النائبة آواز حميد أفندي، بدء اللجنة القانونية في برلمان كردستان اجتماعها لصياغة مشروع قانون لتوزيع صلاحيات الرئيس، وقالت: «مشروع هذا القانون الذي سيصاغ بهذا الصدد سيُعمل به لمدة 8 أشهر فقط لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة في كردستان».
ورغم تحديد رئاسة الإقليم يوم الأول من نوفمبر المقبل موعداً للانتخابات البرلمانية ورئاسة الإقليم، فإن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في كردستان علقت في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كل الإجراءات الخاصة بانتخابات رئاسة الإقليم ورئاسة البرلمان، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية والتقنية، ولعدم وجود مرشح لرئاسة الإقليم، بينما قرر برلمان كردستان في 24 من الشهر الحالي تمديد عمر البرلمان وحكومة الإقليم لدورتين، أي لثمانية أشهر أخرى.
بارزاني يترك الرئاسة خلال أيام... والبرلمان يوزع صلاحياته
اتهم واشنطن بـ{معاقبة} الأكراد في كلمة متلفزة محملة بالمرارة
بارزاني يترك الرئاسة خلال أيام... والبرلمان يوزع صلاحياته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة