انطلاق «آستانة 7» اليوم والمعتقلون على رأس أولويات المعارضة

رجل من دوما في الغوطة الشرقية يعمل على ماكينة التعقيم ضمن حملة لإعادة تدوير مستلزمات طبية في البلدة المحاصرة   (إ ب أ)
رجل من دوما في الغوطة الشرقية يعمل على ماكينة التعقيم ضمن حملة لإعادة تدوير مستلزمات طبية في البلدة المحاصرة (إ ب أ)
TT

انطلاق «آستانة 7» اليوم والمعتقلون على رأس أولويات المعارضة

رجل من دوما في الغوطة الشرقية يعمل على ماكينة التعقيم ضمن حملة لإعادة تدوير مستلزمات طبية في البلدة المحاصرة   (إ ب أ)
رجل من دوما في الغوطة الشرقية يعمل على ماكينة التعقيم ضمن حملة لإعادة تدوير مستلزمات طبية في البلدة المحاصرة (إ ب أ)

بحث الرئيسان؛ الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، جهود التسوية السورية في اتصال هاتفي أمس، أكدا خلاله أهمية تكثيف الجهود لضمان عمل مناطق خفض التصعيد في سوريا والتصدي للإرهاب، ودفع العملية السياسية للتسوية السورية. وجاءت المحادثات الهاتفية بين الرئيسين في وقت بدأت فيه الوفود تصل تباعاً إلى العاصمة الكازاخية آستانة للمشاركة في اللقاء السابع هناك حول الأزمة السورية.
وتنوي المعارضة السورية التركيز بصورة خاصة على ملفات المعتقلين والخروقات من جانب النظام السوري في مناطق خفض التصعيد. وكانت وزارة الخارجية الكازاخية قد أعلنت أن اللقاء سيركز على بحث ملفات المعتقلين والمخطوفين ومصير المفقودين، والتصدي للإرهاب، وكذلك نزع الألغام، فضلاً عن الوضع في مناطق خفض التصعيد.
ويأمل وفد فصائل المعارضة السورية المشاركة في لقاءات آستانة بالحصول على أجوبة واضحة بشأن ملف المعتقلين. وأشار يحيى العريضي، مستشار وفد المعارضة المسلحة، إلى «أولويات على أجندة وفد المعارضة السورية في لقاء آستانة 7، تتمثل بداية بملف المعتقلين». ولفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى وعود خلال الجولة السابقة من جانب الضامنين بمنح الأولوية لهذا الملف خلال اللقاء الحالي، وشدد على أن «قضية المعتقلين فوق التفاوض ولا بد من حصولنا على أجوبة بشأنها في هذه الجولة». وأكد العريضي وجود قوائم جاهزة بأسماء المعتقلين في سجون النظام السوري، وحذر في الوقت ذاته من أن «النظام لا يؤتمن جانبه لتسليمه تلك القوائم، عبر الروس أو غيرهم، وقد يعمل على تغييبهم وقتلهم، أو نقلهم إلى سجون أخرى». وقال إن «هذا الملف يشكل حساسية كبرى ومربك جداً للنظام»، مضيفاً أن «النظام يأخذ سوريا رهينة عبر ملف المعتقلين، ولذلك فإن فتح هذا الملف يمثل مصيبة له»، وأعاد إلى الأذهان «ملفات قيصر» التي عرضت صور عشرات آلاف المعتقلين في سجون النظام وأكثر من 11 ألف سجين قضوا تحت التعذيب. وأكد أن المعارضة لا يمكنها كشف استراتيجيتها في التعامل مع هذه القضية للنظام، «ونريد فتح الملف في لقاء آستانة لتشكيل لجان خاصة، ولزيارة السجون»، مشدداً: «هذا أمر لن نحيد عنه وإن لم نجد تجاوباً فسيكون لنا حديث آخر».
كما ينوي وفد المعارضة السورية المسلحة طرح موضوع الخروقات في مناطق خفض التصعيد، حسب قول العريضي، الذي أوضح أن «الوفد سيطرح هذا الموضوع بحكم أن الخروقات كلها من جانب النظام السوري وحلفائه، أي الجهة التي ضمنها الضامن الروسي»، وقال إن «وفدنا يريد أن يسمع إجابات بهذا الخصوص»، وطالب الضامنين بتعهدات فعلية وميدانية لوقف تلك الخروقات، «وإلا فسيكون للمعارضة موقف آخر بهذا الخصوص».
ولم يستبعد العريضي احتمال أن يطرح الجانب الروسي موضوع «مؤتمر شعوب سوريا» خلال لقاء «آستانة 7»، وعبر بهذا الخصوص عن قناعته بأنه «لا شيء يشجع حتى الروس أنفسهم على عقد هذا المؤتمر، لأنه يخالف طريقة إيجاد الحل السياسي في سوريا»، وأضاف أن «المؤتمر بحال تم النظر إليه على أنه مصالحة كبيرة تشبه تلك المصالحات المهينة الصغيرة التي حدثت من جانب النظام والإيرانيين، فإن ذلك سيشكل إهانة أكبر وأوسع بالنسبة للسوريين». وأكد أنه لدى المعارضة إجابة قاطعة على هذا الاقتراح، و«عندما نعرف أنه يعرقل الحل الأساسي ويثبت جوانب سلبية للقضية السورية، فبالتأكيد الروس أنفسهم سوف يستوعبون أن طرح الأمر غير وارد».
ونقلت وكالة «تاس» أمس عن مصدر قالت إنه «مطلع على سير التحضيرات»، قوله إن المؤتمر سينعقد في مطار حميميم الروسي في سوريا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وكان لافتاً أن المصدر ذاته، الذي لم تحدد الوكالة هويته، مطلع أيضاً على ترتيبات المعارضة السورية، إذ قال إن لقاء الرياض بمشاركة منصتي «موسكو» و«القاهرة» والهيئة العليا للمفاوضات سيجرى في مطلع نوفمبر المقبل، وأكد أن «الحديث يدور حالياً حول مطلع الشهر، لكن لم يتم تحديد موعد نهائي حتى اللحظة».
إلى ذلك، نفى «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أن يكون مسؤول في الخارجية التركية طلب منه التعاطي الإيجابي مع مؤتمر حميميم المقرر في القاعدة الروسية في 18 من الشهر المقبل.
وقال «الائتلاف» في بيان: «القول إن طلب الاجتماع بين الائتلاف وتركيا كان عاجلاً ليس صحيحاً، وهو زعم لا أساس له أيضاً»، لافتاً إلى «العلاقة الوثيقة التي تربطه مع تركيا قيادة وشعباً».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».