اليابان وكوريا الجنوبية تدرسان تطوير أسلحة نووية

مخاوف من تردد واشنطن في حمايتهما من بيونغ يانغ

صورة لاثنين من مفاعلات كوريا الجنوبية النووية (غيتي)
صورة لاثنين من مفاعلات كوريا الجنوبية النووية (غيتي)
TT

اليابان وكوريا الجنوبية تدرسان تطوير أسلحة نووية

صورة لاثنين من مفاعلات كوريا الجنوبية النووية (غيتي)
صورة لاثنين من مفاعلات كوريا الجنوبية النووية (غيتي)

بينما تسابق كوريا الشمالية الزمن لبناء سلاح نووي قادر على استهداف البر الأميركي، تدرس الدول المجاورة لها ما إذا كانت بحاجة لبناء ترسانات نووية.
الواضح أن القدرات العسكرية الكورية الشمالية الآخذة في التطور بسرعة، قلبت الحسابات العسكرية عبر المنطقة رأساً على عقب، في وقت تتزايد الشكوك حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنجح في إبقاء مارد بيونغ يانغ داخل القمقم.
وللمرة الأولى على امتداد السنوات الماضية، ثمة جدال مستعر على نحو يومي داخل كوريا الجنوبية واليابان - أحياناً علانية، لكن في أغلب الوقت خلف الكواليس - حول الخيار النووي، بدافع من التشكيك في عزيمة الولايات المتحدة الدفاع عنهما إذا كان ذلك سيعرض لوس أنجليس أو واشنطن لهجوم صاروخي من كوريا الشمالية.
وداخل كوريا الجنوبية، كشفت استطلاعات الرأي أن 60 في المائة من المواطنين يؤيدون بناء أسلحة نووية، فيما يرغب ما يقرب من 70 في المائة في إعادة نشر الولايات المتحدة لأسلحة نووية تكتيكية لاستخدامها داخل ميادين القتال، وهي الأسلحة التي سحبتها واشنطن منذ قرابة ربع القرن.
أما في اليابان، فثمّة تأييد شعبي ضعيف للغاية للأسلحة النووية، الأمر الذي يمكن تفهمّه في ضوء أن اليابان هي الدولة الوحيدة على وجه الأرض التي عايشت ويلات الهجوم النووي. ومع ذلك، فإن كثيراً من الخبراء يعتقدون أن هذا الوضع ربما ينقلب إلى العكس تماماً في وقت قصير إذا ما أصبح لدى كل من الكوريتين ترسانة نووية.
من جانبه، شنّ رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي حملة لحشد القوة العسكرية في مواجهة التهديد الصادر عن كوريا الشمالية، خصوصاً أن اليابان تحظى بمخزون من المواد النووية بمقدوره بناء ترسانة من 6.000 قنبلة نووية. وفاز آبي، الأحد الماضي، بأغلبية قوية خلال الانتخابات البرلمانية، الأمر الذي عزز آماله في أن ينجح في تعديل الدستور السلمي الذي تقره البلاد.
وتأتي تلك الحسابات الصعبة لمحاولة التوصل للسبيل الأمثل للاستجابة لتهديدات كوريا الشمالية داخل منطقة تملك العديد من بلدانها المواد والتكنولوجيا والخبرة والمال اللازمين لصناعة أسلحة نووية.
إلى جانب كوريا الجنوبية واليابان، تتساءل كل من أستراليا وميانمار وتايوان وفيتنام عن ما إذا كان منطقياً الاستمرار دون امتلاك أسلحة نووية، إذا ما نجحت دول أخرى في امتلاكها، الأمر الذي أجّج المخاوف من أن تثير كوريا الشمالية سلسلة من ردود الأفعال تشعر خلالها دولة تلو الأخرى بالتهديد على نحو يدفعها لصناعة قنبلة نووية.
وخلال مقابلة أجراها أخيراً، قال هنري كيسنغر، أحد استراتيجي الحرب الباردة، إنه على ثقة من المسار الذي تتحرك صوبه الأحداث. وقال متحدثاً عن كوريا الشمالية: «إذا ما مضوا في امتلاكهم السلاح النووي، لا بد أن تنتشر الأسلحة النووية في باقي بقاع آسيا». وأضاف: «لا يمكن أن تبقى كوريا الشمالية الدولة الكورية الوحيدة في العالم التي تملك أسلحة نووية، دون أن يحاول أبناء كوريا الجنوبية محاكاتها. ولا يمكن لليابان أن تقف ساكنة دون حراك في مواجهة ذلك. وعليه، فإننا هنا نتحدث عن موجة انتشار للأسلحة النووية».
جدير بالذكر أن مثل هذه المخاوف ثارت من قبل، داخل آسيا وغيرها، دون أن تسفر عن تطوّرات حقيقية. واليوم، يشهد الكوكب إجماعاً عالمياً ضد انتشار الأسلحة النووية أقوى من أي وقت مضى.
وفي الواقع، تعمد كوريا الشمالية اليوم إلى اختبار المظلة النووية الأميركية ـ بمعنى التزام واشنطن بالدفاع عن حلفائها باستخدام أسلحة نووية إذا لزم الأمر ـ على نحو لم تقدم عليه أي دولة أخرى منذ عقود. يذكر أن مخاوف مشابهة من التعرض للخذلان في وجه الترسانة المتنامية للاتحاد السوفياتي ساعدت في دفع بريطانيا وفرنسا نحو بناء ترسانة نووية خلال خمسينات القرن الماضي.
من جانبه، أجج الرئيس دونالد ترمب، الذي سيقوم بجولة آسيوية خلال أيام، التوتر القائم في المنطقة. فخلال حملته الانتخابية، تحدث ترمب بصراحة عن سماحه لليابان وكوريا الجنوبية ببناء ترسانة أسلحة نووية حتى وإن جادل بشأن سدادهما للمزيد من المال لدعم القواعد العسكرية الأميركية هناك. لكن في تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز» في مارس (آذار) 2016، قال ترمب: «سنصل إلى نقطة يتعين علينا عدم تنفيذ ذلك بعدها»، بل أكد على أن الولايات المتحدة تدفع كلا الدولتين لبناء ترسانتهما النوويتين على أي حال.
لم يُثر ترمب تلك الاحتمالية علانية منذ توليه مهام منصبه. بيد أنه تسبب في هزة للمنطقة بتصريحاته الميالة للعنف ضد كوريا الشمالية، التي نفى فيها التفكير في أي مفاوضات، واصفاً إياها بـ«المضيعة للوقت».
وفي سيول وطوكيو، توصّل الكثيرون إلى خلاصة أن كوريا الشمالية ستحتفظ بترسانتها النووية، لأن كلفة إيقافها ستكون باهظة، وأنهم يوازنون بين الخيارات المتاحة أمامهم.
وقبل أن تتمكن كوريا الشمالية بوقت طويل من تصنيع أول قنبلة نووية، حاول العديد من جيرانها سراً استكشاف إمكانية السير في ذات الاتجاه. فقد فكّرت اليابان في تصنيع ترسانة نووية دفاعية في ستينات القرن الماضي على الرغم من دستورها السلمي. وحاولت كوريا الجنوبية مرتين تصنيع القنبلة النووية في السبعينات والثمانينات، وأذعنت مرتين للضغوط الأميركية. وحتى تايوان عملت سراً على تطوير برنامجها النووي قبل أن تقوم الولايات المتحدة بإيقافه.
واليوم، لا شكّ في أن كلاً من كوريا الجنوبية واليابان تمتلكان المواد والخبرات اللازمة لتطوير هذا السلاح، ولا يوقفهما عن التنفيذ سوى العاطفة السياسية والخوف من العقوبات الدولية. فكلا الدولتين وقعتا على اتفاقية حظر الانتشار النووي، وإن كان من غير الواضح رد فعل باقي الدول حيال معاقبة اثنتين من أكبر القوى الاقتصادية العالمية حال خرقهما الاتفاقية.
فكوريا الشمالية تمتلك 24 مفاعلاً ومخزوناً احتياطياً من الوقود المستهلك الذي تستطيع استخلاص البلاتينيوم منه، وهي كمية تكفي لإنتاج 4300 قنبلة نووية، بحسب بحث صدر عام 2015 عن تشارلز فرغسون، رئيس اتحاد العلماء الأميركيين.
وقد تعهدت اليابان في السابق بعدم تخزين وقود نووي بكميات تفوق قدرتها على إحراقه، لكن لم يحدث مطلقاً أن أكملت عملية التدوير المطلوبة، وحالياً تملك اليابان 10 أطنان من البلاتينيوم مخزناً في الداخل، بالإضافة إلى 37 طناً أخرى خارج البلاد.
* خدمة «نيويورك تايمز»



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.