«سوريا الديمقراطية» تسلّم روسيا مطاراً عسكرياً شمال حلب

TT

«سوريا الديمقراطية» تسلّم روسيا مطاراً عسكرياً شمال حلب

تسّلمت القوات الروسية مطار منغ العسكري في ريف حلب الشمالي من «قوات سوريا الديمقراطية» باتجاه عفرين، في خطوة قالت قاعدةُ حميميم العسكرية إنها «تأتي لقطع الطريق أمام تركيا التي كانت تستعد للهجوم عليه»، في حين قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن هذا الانسحاب سيمتد إلى مناطق حدودية أخرى مع تركيا، ويهدف إلى منع المواجهات بين أنقرة و«سوريا الديمقراطية».
ونقلت «قاعدة حميميم» على صفحتها عن لسان الناطق باسمها أليكسندر إيفانوف، أن تسلم مطار منغ من «سوريا الديمقراطية»، «أتى كحركة استباقية لقطع الطريق أمام أي هجوم تركي كان محتملاً على المطار، حيث يسعى الجيش التركي إلى إنشاء عدة قواعد عسكرية وجوية في الأراضي السورية، وهو ما تعتبره موسكو عملاً غير شرعي، طالما أن هذه التحركات تتم دون علم الحكومة الشرعية في دمشق».
وفيما كانت فصائل في المعارضة قالت، في وقت سابق، إن الاتفاق بين روسيا وتركيا يهدف إلى تسليم تل رفعت والمناطق المحيطة بها لـ«الجيش الحر»، قال مصدر في المعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية إن «تسليم مطار منغ للقوات الروسية اليوم، هو مؤقت لحين دخول فصيل عسكري سوري تابع لـ(الجيش الحر)، تم تشكيله في وقت سابق ومُتوافَق عليه من قِبل أنقرة وموسكو، ويُرجَح أن يكون (ألوية النصر) (وهو من فصائل درع الفرات)، على أن تكون القوات الروسية هي خط الفصل وإتمام عملية المراقبة وفتح طريق حلب غازي عنتاب».
ولفت المصدر إلى أن «عناصر (قوات سوريا الديمقراطية) كانت قد باشرت بالانسحاب منذ أول من أمس، وأخرجت جميع الآليات التابعة لها صباحاً، كما أزالت كل الأعلام والرايات الخاصة بها»، وترافق ذلك مع دخول قوات المشاة الروسية التي قدمت من قاعدة كفر جنة.
وشكّك مصدر في «الجيش الحر» في إدلب بإمكانية تسليم موسكو المطار إلى المعارضة، طارحاً علامة استفهام حول هذه الخطوة وحول مصير الاتفاق مع تركيا بشكل عام في إدلب وشمال سوريا، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن موسكو وبعد تسلّمها المطار ستعود لتسلمه إلى المعارضة السورية»، بينما رجّح رامي عبد الرحمن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تهدف خطوة الانسحاب هذه إلى الفصل بين أنقرة و«سوريا الديمقراطية» التي ستنسحب أيضاً من مناطق حدودية، أبرزها منغ وتل رفعت كفرنيا ومرعناز وحربل ودير جمال ومريمين والشوارغة، مرجحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يتم تسليم هذه المناطق إلى عناصر عربية مقربة من «سوريا الديمقراطية» التي لا تزال بدورها رافضة هذا الأمر. وكانت معلومات قد ذكرت الأسبوع الماضي، أن ثلاث مروحيات روسية هبطت في مطار منغ العسكري، وأن وفداً تركياً كان برفقة الوفد الروسي على متن المروحيات العسكرية، حيث اجتمع الوفدان مع قيادات عسكرية كردية.
ومطار منغ العسكري الذي كانت فصائل «الجيش الحر» سيطرت عليه في منتصف العام 2013 قبل أن تخسره في العام 2016، هو من أهم المطارات الموجودة في مدينة حلب بعد مطاري النيرب العسكري والمدني ومطار القاعدة الجوية في السفيرة، وكان النظام يستخدمه منطلقاً لطائراته التي تقصف مدينة حلب والمناطق المحيطة بها، ويقع في منطقة إعزاز التي تبعد نحو 35 كلم عن مركز المحافظة. وحول عودة نازحي ريف حلب الشمالي، قال «المرصد» إن المفاوضات مع «سوريا الديمقراطية» في شمال محافظة حلب مستمرة لعودة الأهالي إلى بلداتهم، من دون أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي لغاية الآن، وتحديداً في المنطقة الممتدة من قرية شوارغة الجوز وحتى منطقة الشعالة، من شرق عفرين إلى الريف الغربي لمدينة الباب. وكانت «سوريا الديمقراطية» قد سيطرت على هذه المناطق في عملية عسكرية واسعة في مطلع العام الفائت 2016، قتل خلالها عشرات المقاتلين في صفوفها وصفوف فصائل المعارضة، وأدت إلى نزوح عشرات آلاف المواطنين من منازلهم نحو مناطق أخرى في الريف الشمالي لحلب، تسيطر عليها الفصائل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».