الخطر الأكبر

الخطر الأكبر
TT

الخطر الأكبر

الخطر الأكبر

عام 2010 أطلقنا في «صدى الملاعب» مبادرتنا الأشهر «لا للتعصب» على خلفية الأحداث المؤسفة التي صاحبت مباراة أم درمان بين منتخبي مصر والجزائر الشقيقين في تصفيات كأس العالم وأعتقد أن غالبيتنا يتذكر بكل أسى وأسف ما حدث حتى وصلت الأمور لخلافات بين الشعبين وسحب السفراء وحرق مقرات وحتى نبش للتاريخ، مما أثر سلباً على العلاقات وكنت شاهداً على آثار هذه المواجهة لدى زيارتي للجزائر ومصر على التوالي وتطلب الأمر سنوات كي ننسى ما حدث.
مبادرتنا استشرفت خطر التعصب الأكبر، وهو الذي يتعدى الحدود الرياضية ويتعدى ما يحدث فقط داخل الملاعب وخلال المباريات إلى التعصب الذي يقسم البلد ويزرع الموت والخوف كما حدث بعدها في مصر في مجزرتي بورسعيد التي ذهب ضحيتها 74 شخصاً ثم استاد دار الدفاع الجوي في القاهرة، وأيضاً ما حدث في ملاعب الأردن بين الفيصلي والوحدات وغيرها من الملاعب العربية، وهو ما شاهدناه أيضاً في نهائي بطولة الأندية العربية وما زالت تبعات تلك المباراة مستمرة حتى اللحظة.
والتعصب لا يأتي من فراغ بل له أسبابه ومنها الثقافة الكروية التي لم نعرف كيف نزرعها في جماهيرنا، ومنها الإعلام بكل وسائله التقليدية والجديدة، ومنها اللاعبون وأيضاً رؤساء أنديتهم الذين كانوا يصبون الزيت على النار المشتعلة أساساً لدى المشجع (البسيط) المنفعل مع أي كلمة تحرضه على الشغب أو التكسير أو الخطأ بكل أشكاله وتبعاته.
لهذا حسناً فعلت هيئة الرياضة في السعودية ممثلة برئيس مجلس إدارتها تركي آل الشيخ بجمع رؤساء الأندية الأربعة عشر في دوري المحترفين وكان من صلب القرارات التي نتجت عن الاجتماع أمور تخص الحد من التعصب بكل الطرق المتاحة ومنها الابتعاد عن المزايدات أو المنافسات في عقود اللاعبين المحليين والأجانب والابتعاد عن التصريحات والأحاديث الإعلامية المثيرة والتنسيق مع الهيئة لمواجهة التعصب أي ثلاثة من أصل سبعة قرارات كانت تخص التعصب لما فيه من خطر كبير على سيرورة الرياضة وحتى على أمن الوطن والمواطن.
نعم لنقف جميعاً ضد التعصب ولنفرّق بين العشق الرياضي المطلوب والمرغوب وبين التطرف في هذا العشق، ولنفرّق بين الإعلام الذي ينتقد بكل موضوعية وحيادية والإعلام الذي يؤجج المشاعر ويثير الأعصاب ويدفع بالمتلقي إلى الغضب بدلاً من الهدوء والرصانة والرزانة في التعامل مع الأخطاء والقضايا الخلافية.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».