وزير حقوق الإنسان المغربي ينتقد ابن كيران بعد استصغار دوره في الانتخابات

TT

وزير حقوق الإنسان المغربي ينتقد ابن كيران بعد استصغار دوره في الانتخابات

في خطوة مثيرة، وغير مسبوقة وجّه مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي، انتقادات علنية شديدة لعبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة السابق، وذلك بعدما نسب ابن كيران تصدر الحزب نتائج الانتخابات التشريعية عام 2011 لنفسه، مستصغرا مساهمة القياديين الآخرين ضمنهم الرميد.
ووجه الرميد انتقاداته لابن كيران عبر تدوينة مطولة في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وهو ما كشف بشكل علني عن عمق الخلافات التي نشبت بين قياديي الحزب منذ إعفاء ابن كيران من منصب رئاسة الحكومة، وتعيين الدكتور سعد الدين العثماني خلفا له، ثم لتتفاقم الخلافات بعد إقرار تعديل على النظام الداخلي للحزب يمهد للتمديد لابن كيران لولاية ثالثة، وهو الأمر الذي عارضه بشدة ما يعرف بـ«تيار الوزراء»، داخل الحزب وبينهم الرميد.
وكان ابن كيران قد قال في لقاء مع منتخبي مجالس الجماعات (البلديات) المنتمين للحزب، عقد السبت الماضي، إن «من قام بالحملة الانتخابية رقم 1 هو أنا حتى نكون واضحين، فهناك من ذهب للحج، وهناك من قام بحملة متواضعة وآخرون رفضوا القيام بها، بل إن هناك من لم يكن يريد المشاركة في تلك الانتخابات. بينما أنا مت مع تلك الانتخابات».
وردا على ذلك، قال الرميد في تدوينته، إنه فوجئ بما قاله ابن كيران، ولا سيما أنه كان من بين الذين قصده بكلامه لأنه هو من ذهب للحج في تلك الفترة، وعدّ كلامه مخالفا لتوجهات سابقة كان قد أصدرها ابن كيران نفسه تحث أعضاء الحزب على احترام «منهج وآداب الاختلاف» من خلال ما ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي. بينما مسّت كلمته «بعموم الإخوة القياديين، وانتصر فيها لنفسه مسفها جهود الجميع». وأقر الرميد رغم ذلك ببلاء ابن كيران الحسن في الحملات الانتخابية «لأن ذلك من الإنصاف والاعتراف».
ودافع الرميد عن نفسه، وسرد مختلف المهام التي قام بها بعد عودته من الحج التي تزامنت مع بدء الحملة الانتخابية، وآخذ ابن كيران على الصيغة التي أورد بها «موضوع نضاله الكبير» خلال انتخابات 2011، التي «استصغر معها نضال الآخرين من إخوانه في قيادة الحزب، حتى بدوا وكأنهم متخاذلون ومفرطون وغير مكثرتين باستحقاقات مرحلة حاسمة من تاريخ الحزب والوطن، وتمجيده لنفسه بشكل جعله وكأنه هو الحزب والحزب هو»، على حد تعبيره.
وربط الوزير والمسؤول الحزبي بين استصغار ابن كيران لدور القياديين الآخرين في الحزب خلال الحملة الانتخابية لعام 2011، وبين موقفه الرافض للتمديد له، وخاطبه متسائلا: «الأخ الأمين العام، إنني أتساءل حقيقة، هل كنت ستقول الذي قلته لو ناصَر المصطفى الرميد التمديد لولاية ثالثة»؟ مذكرا إياه بموقفه المؤيد له في السابق عندما اقترحه عضوا في الحكومة وفي الأمانة العامة للحزب، وعندما كان يعتمد عليه في الكثير من الأمور عندما كان رئيسا للحكومة. وختم الرميد تدوينته بدعوة الله تعالى «أن يرد بنا جميعا إلى الصواب، ويهدينا سواء السبيل، ويكف أذى بعضنا، ويؤلف بين قلوبنا، ويلم شعثنا ويوحد صفوفنا».
وكان عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قد عبر بدوره عن معارضته التمديد لابن كيران، وقال: إن ذلك ليس في صالح الحزب، حتى لا يتحول إلى حزب أشخاص.
ويبدو أن المعارضين للتمديد لابن كيران الذين ضاقوا ذرعا بخطابه الصدامي مع الجهات العليا في البلاد، وبعد أن شرع في توجيه سهامه إليهم أيضا، اتفقوا على الدفاع عن وجهة نظرهم عبر وسائل الإعلام، بعدما بدا أن التيار المؤيد له هو المهيمن، والذي لا يتوانى أصحابه وبينهم قياديون أيضا، في اتهامهم المعارضين بالتشبث بالكراسي والاستسلام للتحكم.
وكان العثماني رئيس الحكومة نفسه قد رد بشكل ضمني على ابن كيران في اللقاء ذاته مع منتخبي الحزب، وألقى خطابا مغايرا تماما لما دأب ابن كيران على ترديده، مفاده أن «العدالة والتنمية» هو من أنقذ البلاد إبان الربيع العربي، وقادها إلى الأمان والاستقرار بعد الاحتجاجات التي قادتها حركة 20 فبراير (شباط) عام 2011، وقال العثماني «على حزبنا ألا يفخر بأنه قدّم للدولة شيئا، بل عليه أن يشكرها، وأن يحمد الله لأننا في بلد يسعنا جميعا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».